افتتاحية

العقبات كثيرة فكيف ستواجهها الحكومة؟

واخيراً ابصرت الحكومة النور. وبسحر ساحر انتهت الخلافات التي عطلت التشكيل اكثر من شهر. طبعاً لقد تحققت المحاصصات ونال كل فريق معظم ما كان يسعى وراءه. المهم اصبح للبنان حكومة فكيف استقبلها اللبنايون؟ لقد تفاوتت المواقف بشأنها، البعض قال انها حكومة تكنوقراط مقنعة، اذ ان كل طرف سياسي اختار انصاره ليمثلوه في المقاعد الوزارية، وبالتالي ستبقى الكلمة الاولى للسياسيين. والبعض الاخر كان حذراً ولم يتخذ موقفاً واضحاً. فهو يقول انه ينتظر ما سيصدر عن هذه الحكومة وبعدها يعطي رأيه. اما سبب هذا الحذر كما يقول ان الرئيس حسان دياب لم يثبت في مواقفه. فهو قال انه متمسك بحكومة من 18 وزيراً ويصر عليها، ولكنه رضخ للضغوطات ورفع العدد الى عشرين. ثم قال ايضاً انه متمسك باشخاص مستقلين، واذا بالحكومة تضم اشخاصاً تابعين لمراجع سياسية هي التي عينتهم ومن هنا كان هذا الحذر الشديد. غير ان البلد الذي يعاني من اصعب واخطر مرحلة في حياته يفرض على الجميع اعطاء هذه الحكومة الفرصة علها تتمكن من ان تستنبط الحلول ولو بالحد الادنى الذي يوقف الانهيار.
عقبات كثيرة تعترض التشكيلة الوزارية الجديدة اهمها اتساع حركة الاعتراض عليها وقد ترجم ذلك في الشارع منذ اللحظة الاولى لصدور مراسيم تأليفها، فكيف ستواجه هذا الواقع؟ وكيف ستكسب ثقة الداخل، وهناك قوى كبرى مقاطعة لها، واهمها تيار المستقبل والقوات اللبنانية، والكتائب والحزب الديمقراطي وهذه القوى تمثل نصف البلد؟ نعم ستفوز بثقة مجلس النواب باصوات القوى التي تتشكل منها ولكنها ستكون اكثرية ضئيلة نسبياً، وهذا يجعل خطواتها الاولى ضعيفة، الا اذا استطاعت ان تثبت قدرتها على الاصلاح ومحاربة الفساد. ثم ان ثقة الشارع هي اهم من ثقة المجلس النيابي وهي حتى الساعة غير قادرة على الحصول عليها، والاضطرابات الليلية في الساحات تؤكد ذلك. وهناك ثقة الخارج وهي ضرورية جداً لتتمكن من ان تقلع في عملها. فبدون الدعم الخارجي لا يمكن لاي قوة في لبنان ان تنهض بالبلد وتضع حداً لازمته الاقتصادية والمالية القاتلة. وهنا ايضاً تواجه الحكومة خطراً كبيراً، اذ ان الدول المستعدة لدعم لبنان تنظر الى هذه الحكومة على انها تمثل لوناً واحداً في غياب القوى الكبرى الاخرى، وعليها ان تبذل جهوداً استثنائية لتتمكن من اقناع الخارج بأنها حكومة كل لبنان. خصوصاً وان هذا الخارج يعلم جيداً انها جاءت خلافاً لارادة دياب او على الاقل خلافاً لوعوده، ولارادة الناس او لمتطلبات المرحلة المالية والاقتصادية.
ان تحكم السياسيين بهذه الحكومة وهذا امر لا يمكن نكرانه، يفقدها القدرة على مواجهة تحديات المرحلة. ومهما حاول الرئيس دياب ان يؤكد ان الوزراء هم تكنوقراطيون فان ذلك لا يبعد عنها شبح التحكم السياسي وهو الذي اوصل البلد الى ما نحن عليه اليوم. فكيف ستكون النتيجة طالما ان الحراك الشعبي استقبلها حتى قبل وصولها بقطع الطرقات وبالرفض المطلق لها، لا سيما وانها لم تتقدم ببرنامج عمل وخطة واضحة تنتشل لبنان مما يتخبط فيه، بل مجرد تصريحات لا تفي بالغرض.
نكتفي بهذا القدر في توصيف الحكومة الجديدة ونعطيها اياماً ثم نحكم عليها بشكل اوضح بعدما نتبين عملها وقدرتها على الاصلاح ومحاربة الفساد.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق