افتتاحية

الضريبة الـ «بديهية» في نظر سعادة المسؤول

رد مسؤول في مصلحة المياه في بيروت على اسئلة المواطنين الذين رفضوا الزيادة العشوائية على الاشتراك السنوي للمياه، ويا ليته، لم يفعل، فوصف زيادة الخمسين الف ليرة على الفاتورة، بانها امر بديهي (كذا)، وبالطبع زيادة الضرائب في لبنان دون حسيب او رقيب اصبحت من البديهيات. وقال المسؤول ان الضريبة الجديدة هي مساهمة من المواطنين في الانفاق على مشاريع المياه، ومنْنهم بان المبلغ كان يجب ان يكون اكبر، ولكن التأخير في تنفيذ المشاريع جعل المصلحة تكتفي بهذه الزيادة، تاركاً الباب مفتوحاً امام ضرائب جديدة في المستقبل.
عن اي مشاريع يتحدث سعادة المسؤول؟ فمنذ سنوات ونحن نسمع بسدود واعمال تنهي الازمة في بلد ينعم بالينابيع والمياه الوفيرة ولكنها تضيع في البحر، لم يتحقق شيء منها. والنقص في هذه المادة الحيوية التي هي اساس كل حياة، لا يزال مسيطراً والمواطنون يعانون. هل تجول سعادته في شوارع بيروت والمدن الاخرى في يوم من ايام الصيف التي تمتد الى اكثر من ستة اشهر؟ وهل شاهد بايم العين الصهاريج تتنقل في الاحياء ناقلة المياه التي عجزت المصلحة عن تأمينها للمواطنين؟ والغريب العجيب ان اصحاب الصهاريج تتوفر عندهم المياه مهما ازداد الطلب عليهم، ولكن مصلحة المياه غير قادرة على ذلك. اليس هذا غريباً؟
ثم هل يعلم سعادته ان المصلحة لا تؤمن المياه للمواطنين الا بالحدود الدنيا، اي ساعات قليلة خلال الاربع والعشرين ساعة مع ان عقد الاشتراك يلزمها بتأمينها دون انقطاع. افلا يعتبر ما يدفعه الموطن بدل كمية كاملة تصل اليه ناقصة، مساهمة منه في دعم المشاريع؟
انكم تعلمون، ولكن صمت المواطن شجعكم على التمادي في ظلمه، فاستخفيتم بالناس واتخذتم قراراتكم العشوائية. في السودان فرضت ضريبة واحدة على الخبز فارتفعت اسعارها، والمياه لا تقل اهمية عن الخبز، فقامت الثورة ولا تزال مستمرة. ولكن الشعب اللبناني متخاذل، لا يتحرك حتى للمحافظة على حقوقه. وفي الاردن ادت زيادة ضريبة الى اسقاط الحكومة.
هل يعلم سعادة المسؤول انه منذ سنة فرضت على المواطنين عشرون ضريبة قصمت ظهورهم، واوقعتهم في ضائقة مالية ومعيشية، فلم يعودوا قادرين على تأمين لقمة العيش؟ ونسأل ماذا قدمت الدولة للمواطنين مقابل ذلك، وماذا ستقدم مصلحة المياه مقابل الزيادة الظالمة؟ هل ستوقف التقنين؟ وهل ستؤمن المياه 24/24، وهذا امر طبيعي؟ وهل يتوقف المواطن عن دفع الفاتورة مرتين، واحدة للمصلحة والثانية لاصحاب الصهاريج؟ هل يعلم ان المواطن يمكن ومن حقه ان يقاضي المصلحة ويطالبها بتنفيذ عقد الاشتراك كاملاً وبان يحصل على التعويض مقابل النقص والاجحاف اللاحقين به؟
واذا اخذنا بمبدأ سعادة المسؤول بان الزيادة امر بديهي فلا نعود نستغرب غداً ان يفرض علينا ضريبة «بديهية» اضافية، اسوة بضريبة المياه العشوائية، مساهمة منا في دعم معاشات اصحاب المعالي والسعادة وكبار الموظفين، باعتبار ان امتيازاتهم لم تعد تكفيهم من اجل حياة الرفاهية التي يعيشون فيها، وقد اعتادوا عليها فلم يعد بامكانهم التخلي عنها.
نعم انكم على حق في اتباع هذه السياسة ونرجو ان تستمروا فيها. اضربوا الشعب قدر ما تستطيعون لانه يستحق ذلك. فهو يقابل ظلمكم بالصمت، ويكتفي بعد العصي التي يتلقاها منكم. فلعله اذا شعر يوماً بالالم ينتفض دفاعاً عن حقوقه ويضع حداً للظلم اللاحق به.
نحن نعلم ان زيادة الضرائب يجب ان يوافق عليها المجلس النيابي فهل عرضت هذه الزيادة عليه؟ وهل هو موافق لتصبح شرعية؟ ان الناس سلموكم امرهم وانتخبوكم على هذا الاساس، فهل انتم محافظون على حقوقهم؟ قولوا كلمتكم بضمير حي ولا تتسرعوا في القرار كما سبق ووافقتم على العشرين ضريبة القاتلة، وعندها نؤمن بان العقلية السياسية تبدلت، وسلكت طريق الحق. ولكننا لا نزال نحلم.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق