افتتاحية

اتركوا الساحة للشباب فانتم غير جديرين

اتركوا الساحة للشباب فانتم غير جديرين
مرة جديدة يشن تنظيما «داعش» و«النصرة» التكفيريان اعتداء على الجيش اللبناني، محاولين اختراق الجبهة وفتح معابر ومنافذ لهم عبر الاراضي اللبنانية، ومرة جديدة يتصدى الجيش اللبناني ببسالة لافتة للمعتدين ويكبدهم خسائر فادحة باعترافهم هم انفسهم. وطبيعي ان يدفع الجيش ثمناً باهظاً لهذا النصر، فيصبغ ارض لبنان بدماء شهدائه الذين سقطوا دفاعاً عن السيادة والاستقلال. فلماذا كل هذا الاستهداف للبنان؟
في الاردن مئات الاف اللاجئين السوريين، وفي تركيا عدد مماثل او ما يزيد، فلماذا استهدف التكفيريون لبنان وحده دون سواه واختاروه ارضاً لعدوانهم؟
المراقب للاوضاع لا يتأخر ابداً في ايجاد الجواب. ففي الاردن وتركيا رجال دولة وسياسيون على قدر المسؤولية، نظموا منذ اللحظة الاولى دخول اللاجئين وفرضوا رقابة صارمة على التنقلات، فلم يسمحوا بدخول ارهابيين تحت ستار اللجوء، فجنبوا بلديهم المآسي، فلم يكن سهلاً على التكفيريين ادخال عناصرهم المخربة الى هاتين الدولتين.
اما في لبنان، فهناك رجال سياسة متلهون بخلافاتهم ومصالحهم الشخصية، وقد غاب عن بالهم تماماً ان هناك مصلحة وطنية تعلو فوق كل المصالح والانانيات، ففلتت الامور ودخل من دخل، حتى بات عدد اللاجئين السوريين في لبنان يفوق المليون ونصف المليون. وهناك من يقول ان العدد فاق المليونين.
والاغرب من ذلك وفي ظل غياب الرقابة ضمت مخيمات اللاجئين السوريين عدداً كبيراً من الارهابيين الذين تستروا وراء اللاجئين وشكلوا خلايا مساعدة للمهاجمين، ينقلبون على الدولة اللبنانية فور بدء المعركة. هكذا يكافىء اللاجئون السوريون لبنان الذي اواهم وساعدهم على تجاوز مرحلة الخطر، لا بل الموت المحتم في بلدهم سوريا، بفعل الحرب الطاحنة الدائرة هناك.
كل ذلك يحصل في ظل غياب الدولة، وغياب المسؤولية، وغياب المصلحة الوطنية، كي لا تقول اكثر من ذلك.
لماذا تقاعسوا على مدى عقود، عن مد الجيش بالسلاح والعتاد والعديد؟ تلهوا بالفساد ينخر الجسم السياسي حتى فاحت رائحته وملأت الاجواء، وهم غير مبالين، بل تراهم لاهثين وراء مصالحهم الخاصة.
لقد كان الملك الراحل المغفور له عبدالله بن عبد العزيز، ملك المملكة العربية السعودية احرص على لبنان وجيشه من سياسييه الذين رفضوا او اهملوا منذ الاستقلال اهمية بناء جيش مزود باحدث انواع الاسلحة لكي يتمكن من حماية الوطن، اذا داهمته الاخطار كما يحصل اليوم.
حتى السلاح الذي قدمه الملك عبدالله لم يعرفوا كيف يستعجلون وصوله الى الجيش، وهم يرون الخطر الداهم الذي يتهدد الوطن. فعلى الرغم من انقضاء هذه المدة منذ اعلان الملك عبدالله مكرمتيه وحتى الساعة، لم يتسلم الجيش هذه الاسلحة، وكان حري بالدولة ان تعمل المستحيل لتسريع عملية التسليم، خصوصاً وان المملكة العربية السعودية أمنت الاموال. فهل هناك ما يستوجب التأخير؟ لا نعلم فالجواب عند السياسيين الغائبين عن شؤون هذا الوطن وعن شجونه.
الى متى سيستمر هذا الاهمال، والى متى يستمر البلد سائراً على غير هدى تتقاذفه الامواج يمنة ويسرة؟
الم يحن الوقت لتدرك الطبقة السياسية انها غير جديرة بتولي شؤون البلاد، فتتنحى عن مراكز المسؤولية، وهي اصلاً شاغرة حتى بوجودها، فتترك الساحة لجيل شباب مثقف يتمتع بحس المسؤولية وجدير بتحملها، فيقوم الاعوجاج ويعيد بناء الدولة بعد ان دمرتها السياسات الخاطئة على مدى عقود. وبفعل ارتباط السياسيين بالخارج بعيداً عن مصلحة الوطن، لا بل انهم يقامرون بمصلحة الوطن.
ايها اللبنانيون لقد اثبت الجيش انه الجهة الوحيدة في لبنان القادرة على تحمل مسؤولياتها، وهو افضل من كل الطبقة السياسية في تسيير الامور وحماية الوطن، فالتفوا حوله وقفوا الى جانبه وادعموه لانه وحده خشبة الخلاص.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق