اخبار لبنانية

الصاعقة
تعتقد مصادر مراقبة أن الحريري لم يبلور فكرته الرئاسية جيداً ولم يبحث فيها أولاً مع الحلقة الرئيسة في تيار المستقبل. وجاء ترشيحه لفرنجيه بمثابة الصاعقة التي فاجأت الرئيس فؤاد السنيورة وعدداً من الوزراء والصقور في هذا الفريق. وثمة من يعتقد أنه كان على الحريري أولاً أن يطرح الترشيح داخل «بيته» قبل أن يفاتح فرنجيه في الأمر.
«لغط» حول عودة الحريري
يقول البعض إن الرئيس سعد الحريري جمّد مبادرته في الوقت الراهن، وإن أي خطوات كانت متوقعة في الأيام المقبلة باتت مؤجلة الى حين. وعلم أن عودة الحريري الى بيروت خطوة مؤجلة وغير مطروحة في المدى المنظور.
وأكد مصدر في تيار المستقبل أن عودة الحريري ومبادرته الى تبني ترشيح فرنجية رسمياً مرتبطان بإنضاج ظروف نجاح المبادرة التي أطلقها. واعتبر المصدر «أن تعمد البعض طرح توقيت محدد لعودة الحريري هو موقف للاستدراج السياسي، وهدفه إشاعة تاريخ معين للعودة، فإذا لم تتحقق يقال عندها إن الحريري لم يأت لأنه كان يناور ولأن الأمور من الأساس غير جدية». مع أن مصادر أخرى في تيار المستقبل تقول إن الحريري لم يرجىء عودته (على رغم مطالبته بذلك من الوزير أشرف ريفي والنائب أحمد فتفت اللذين زارا الرياض)، وإنه سيصطحب معه النائب عقاب صقر، وإنه بصدد إعلان مبادرته لإنهاء الشغور الرئاسي. وأبرز ما تتضمنه تحصين اتفاق الطائف، وتشريع الباب أمام مرحلة جديدة لخلق تفاهمات وطنية ترسي الاستقرار وتؤمن عودة المؤسسات الدستورية الى العمل مجدداً بعيداً من التعطيل، والتأكيد على الثوابت الوطنية والتي في صلبها تحييد لبنان عن أزمات المنطقة.
وقالت المصادر إن الحريري يعلن عن المبادرة عند اكتمال شروطها، وفي التوقيت الذي يراه مناسباً، وبالطريقة التي يراها مناسبة، سواء كان ذلك من لبنان أو بإطلالة إعلامية.
الحريري المتمسك بمبادرته
الرئيس سعد الحريري متمسك بمبادرته ولن يبدل رأيه، لقناعته بأنها المخرج الوحيد للتفاهم على تسوية تفتح الباب لإنهاء النزاع السياسي، فيما بات مطلوباً من قيادات المسيحيين التي تقول «لا» لدعم فرنجية أن تتقدم ببدائل، لأن الرفض في المطلق يتقاطع مع استمرار تعطيل جلسات الانتخاب، وهذا ما قاله لهم صراحة سفراء عرب وأجانب معتمدون لدى لبنان نصحوهم بطرح البدائل بدلاً من التعاطي بسلبية مع مبادرة الحريري. هذا ما تقوله أوساط قريبة من الحريري، وتكشف أنه كان من المتوقع أن يعود زعيم تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري الى بيروت، لكنه أرجأ عودته من دون أن يتراجع عن المبادرة التي أطلقها لتسوية النزاع في لبنان، ومن بنودها ترشيح زعيم تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، لقناعته بأنها تشكل المخرج الوحيد لحل الأزمة، «ومن لديه مبادرات بديلة فليطرحها بدلاً من أن يرفضها في المطلق».
وعلم أن تأجيل الحريري عودته الى بيروت لا يعني أنه صرف النظر عنها في الوقت المناسب الذي يختاره ليوجه رسالة إلى اللبنانيين يصارحهم فيها بالدوافع التي أملت عليه إطلاق مبادرته هذه، خصوصاً أن اجتماعه مع فرنجية في باريس جاء بعد لقاءات تحضيرية تولاها عدد من مستشاريهما وشارك في بعضها فرنجية شخصياً.
أما لماذا ارتأى الحريري دعم فرنجية ؟
تقول هذه الأوساط إن الحريري انطلق من أن فرنجية أحد المرشحين الموارنة الأربعة للرئاسة الأولى، وكان البطريرك الراعي حاول التوفيق بينهم للتفاهم على مرشح واحد لكنه اصطدم بإصرارهم على الترشح.
وتابعت: «لن يكون في مقدور أحد أن يزايد على فرنجية في مسيحيته، وطرح الحريري مبادرته يأتي في سياق محاولة لإخراج الرئاسة الأولى من الجمود الذي لا يزال يؤخر انتخاب الرئيس، لا سيما في ضوء إصرار حزب الله ومعه العماد ميشال عون على تعــطيل جلسات الانتخاب ما لم يضمن وصول الأخير الى الرئاسة».
وأضافت أن الحريري فضل دعم ترشح فرنجية، وهذا من حقه، لأنه يختلف عن منافسه عون الذي أثبتت التجارب أن مشروعه يقتصر على الهيمنة على البلد وعلى ممارسة سياسة الإلغاء والإقصاء، وهو يحاول أيضاً من خلال وجود التيار الوطني الحر في معظم المناطق اللبنانية أن يفرض على الآخرين تنازلات سياسية وانتخابية، إضافة الى أنه يتصرف بحدة مع الذين يخالفونه الرأي ولا يتقن سياسة الاستيعاب وتدوير الزوايا، خلافاً لفرنجية، الذي يحرص على الحد الأدنى من التوازن ولا يفرط بالشراكة مع الآخرين، كما أن وزراءه في الحكومات، وآخرها هذه الحكومة، يتعاطون بانفتاح مع الشريك الآخر ولا يبحثون عن افتعال مشكلة.
واعتبرت أن الحريري على يقين بأن عون وفرنجية هما على تحالف وثيق مع النظام السوري، لكن لا بد من مخرج يعيد للمسيحيين رئاسة الجمهورية والأقدر يبقى فرنجية، لصعوبة انتخاب الجنرال.
ماذا عن طاولة الحوار؟
بعض السياسيين يعتقد أن الحوار الذي يحرص راعيه رئيس مجلس النواب نبيه بري على استمراره ربما سيساهم في المساعدة على لملمة التداعيات التي نجَمت من التسوية التي لم يكتب لها النفاذ بعد، لأنه في الأساس استجلب ملف الاستحقاق الرئاسي من الجمود إلى طاولة البحث، وتوصل الى توافق على مواصفات الرئيس العتيد ولم يسقط هذه المواصفات على أي مرشح، وإن كان بعض المرشحين وجَد فيها ما ينطبق عليه. أما التسوية فإنها تجاوزت الحوار ودخلت مباشرة في تسمية الرئيس مشفوعةً بتحديد رئيس الحكومة المقبلة وتفاصيل حكومية أخرى، فضلاً عن قانون الانتخاب وخلافه.
طاولة الحوار ليست المكان المناسب لمناقشة بنود وتفاصيل التسوية الرئاسية، ووظيفتها السياسية تقتصر على تأمين الغطاء لهذه التسوية فور اكتمال ظروفها وعناصرها. أما الحوار الفعلي حول التسوية فإنه سيجري في مكانين وعلى خطين متكاملين: حوار عين التينة بين المستقبل وحزب الله، وحوار الرابية بين عون وفرنجية.
موقف ارسلان
تقول مصادر أن النائب طلال إرسلان الذي تربطه علاقة متينة بالنائب فرنجية (والذي أرسل وفداً الى الرابية مباشرة بعد لقاء باريس ليعلن أن مرشحه هو العماد ميشال عون)، لم يكن على علم بالتواصل مع الحريري وهو بدا متحفظاً على مسار لقاء باريس لأنه – كما قال لمقربين منه – لا يرى أن الرئيس الحريري يملك القدرة في الوقت الحاضر على صناعة حل للأزمة الرئاسية اللبنانية وما يتفرع عنها ما لم يتوافر الدعم الاقليمي والدولي للحل، وهو غير متوافر في الظرف الراهن.
ويعتبر ارسلان ان الأولوية يجب أن تكون لإعادة تكوين الحياة السياسية من خلال انتخابات نيابية تظهر حجم التمثيل الشعبي وتكون اللبنة الأساسية للانتخابات الرئاسية وتأخذ في الاعتبار المتغيرات التي ستفرزها صناديق الاقتراع. إلا ان ذلك لا يعني بالنسبة الى ارسلان عدم تأييد فرنجية إذا ما توافرت له معطيات الفوز بالرئاسة.
أجواء معراب
في معراب الوضع لم يتغير منذ تسريب خبر لقاء باريس ومفاعيله رئاسياً، خصوصاً أن «الحكيم» لم يكن على علم مسبق بخطوات حليفه الرئيس الحريري، وسمع بنتائجها عبر وسائل الإعلام أو بعض الأصدقاء المشتركين.
صحيح أن التصريحات والمواقف التي تخرج على لسان المسؤولين القواتيين لم تصل الى حد قطع شعرة معاوية مع تيار المستقبل، إلا أن كل النقاش الدائر في معراب يوحي بأن «القوات» لن تستسلم حيال ما حصل وستعارض علناً هذا الترشيح عندما يُعلن عنه رسمياً، وما لم يتم الإعلان فمن العبث رفض ما هو حتى الآن رهن التداول في وسائل الإعلام وعلى ألسنة نواب أو سياسيين باستثناء رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي جاهر بتأييده التسوية محذراً من خطر عدم تمريرها، مفاخراً بأنه كان أول من رشح سليمان فرنجية لرئاسة الدولة.
لذلك فإن الدكتور جعجع لا يزال في مرحلة تقسيم المواقف وردود الفعل. غير أن الجديد الذي بات يسمع بوضوح في معراب هو أن «القوات» إذا ما خُيّرت بين العماد عون والنائب فرنجية فإنها تختار الأول لإسقاط مبادرة الرئيس الحريري من جهة، وللتأكيد على أن المسيحيين يختارون رئيس الجمهورية بالتشاور مع المسلمين، لكنهم لن يقبلوا أن يفرض المسلمون رئيساً مسيحياً من دون التشاور معهم، لا سيما وأن ثمة من يعتبر في قيادة «القوات» بأن عون هو الأكثر تمثيلاً في الشارع المسيحي، وطالما أن زعيم فريق 14 آذار رضي برئيس من 8 آذار، فإن الأفضلية هي لمن يحاكي وجدان المسيحيين، فضلاً عن عدم التزامه أيديولوجية تقيّد سياسته.
وتضيف مصادر «قواتية» إن ما وصل الى مسامع «الحكيم» حتى الآن حول موقف حزب الله، يشير الى أن الحزب لم يتخذ بعد قراراً بدعم النائب فرنجية ولا يزال يعتبر أن العماد عون هو مرشحه، وفي حال حصل أي تبديل في موقف حزب الله نتيجة ضغوط إيرانية أو أخرى خارجية، فإن «القوات» ستُعلن فوراً دعمها لترشيح العماد عون رئيساً للجمهورية بعدما يشرح جعجع أسباب اتخاذه هذا الموقف.
… أجواء الرابية
يفترض العماد ميشال عون أن التدخل العسكري الروسي في سوريا يشكل نقطة تحول استراتيجي في المعادلة الإقليمية – الدولية التي تشكل ناخباً أساسياً في الاستحقاق الرئاسي اللبناني. وانطلاقاً من هذه المقاربة، يظن الجنرال أن وهج التبدل الحاصل في موازين القوى، سينعكس آجلاً أم عاجلاً على الداخل، وبالتالي فلا ضرورة للاستعجال، ومع بعض الصمود الإضافي يمكن أن يصل الأقوى مسيحياً الى رئاسة الجمهورية تمهيداً لصنع التوازن الداخلي المطلوب، والمحصن بسلة متكاملة.
ويوحي عون أن هناك جانباً مليئاً في كوب العرض المقدم من الحريري، لا يجوز تجاهله، ويتمثل في اعتراف رئيس تيار المستقبل بأن رئيس الجمهورية المقبل لا يمكن أن يكون وسطياً أو محايداً، وأن الخيار بات محصوراً بينه وبين فرنجية، «وهذا إنجاز نوعي ينبغي استكماله عبر المضي في دعم ترشيح عون حتى النهاية السعيدة، إذ إن الجنرال ليس في وارد الانسحاب حاليا لأنه ليس مقتنعاً بأن فرصته باتت معدومة»، كما يؤكد أحد قياديي التيار الوطني الحر.
ما يسمعه زوار الرابية هذه الأيام يفيد بأن الوقت يلعب لمصلحة القرار العوني والانتخابات الرئاسية لن تتم في وقت قريب، مع تذكير سريع بموقف الرئيس الحريري في شباط (فبراير) الماضي في ذكرى اغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حين قال إن تيار المستقبل لن يقبل إلا برئيس يمثل الإرادة الوطنية للمسيحيين. ويتساءل من في الرابية هل أن خيار الرئيس الحريري ترشيح النائب فرنجية يجسّد إرادة المسيحيين التي التزم الحريري احترامها؟
أما النقطة الأبرز التي يسمعها زوار الرابية فهي عدم دقة ما يُنسب من معلومات بأن القيادات المارونية التزمت في اجتماعها الرباعي في بكركي في آذار (مارس) الماضي، بأن تدعم أي واحد منها يتوافر حوله الإجماع المطلوب ليصبح رئيساً. والحقيقة، كما تتردد في الرابية، أن أياً من القيادات المارونية لم يلتزم هذا الطرح الذي ورد على لسان البطريرك الراعي، بدليل أن النائب فرنجية نفسه أكد مراراً خلال إطلالات إعلامية تلفزيونية أنه غير ملزم بهذه الصيغة، وأنه تحديداً ليس في وارد انتخاب الدكتور سمير جعجع إذا ما نال التأييد المطلوب. وبالتالي فإن التركيز على هذا الطرح لإحراج الزعماء الموارنة لا قيمة له، فهم يدرون على ماذا اتفقوا.
ويتكرر في الرابية أيضاً أن الأولوية في الاتفاق على قانون جديد للانتخابات بدلاً من السعي لتأمين نصاب جلسة «الرئيس التسووي» بعد تذليل العقبات، لأن الانتخابات النيابية على أساس القانون الجديد ستحقق تمثيلاً شعبياً جديداً لنواب ينتخبون إذ ذاك الرئيس العتيد للجمهورية.
وفيما يبدو الارتياح واضحاً في الرابية لموقف حزب الله من التسوية المطروحة والتي لم تتضح معالمها بعد، فإن الارتياح نفسه يسود النظرة العونية الى موقف شريك «إعلان النوايا» رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع الذي لا تختلف ردة فعله حيال ترشيح «المستقبل» للنائب فرنجية عن تلك التي يفصح عنها العماد عون أمام زواره بعيداً عن الإعلام، وسط كلام كثير عن تطوير سيحصل لورقة «إعلان النوايا» يتناول مباشرة الملف الرئاسي ويتدرج وصولا الى حد الاتفاق على مرشح واحد هو العماد عون.
معلومات وأجواء موسكو حول التسوية الرئاسية
علم من مصادر روسية أن الشأن اللبناني اختصر بدقائق محدودة خلال اتصال تم بين نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ومساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، وقد تمحور هذا الاتصال حول الأوضاع في سوريا واليمن. وأبلغ اللهيان الى بوغدانوف أن التسوية الرئاسية في لبنان لم يكتمل نضوجها وتحتاج الى مزيد من الوقت، فيما حض بوغدانوف على الذهاب نحو حل لمسألة الفراغ الرئاسي من دون أن يدخل في التفاصيل.
وتفيد معلومات إضافية من موسكو أن الحريري أقنع القيادة السعودية بالتسوية التي باركتها، إلا أن المملكة لم تُلزم نفسها تسويقها في المحافل الدولية وعلى طاولات الحوار الدولي. فيما التزم الحريري أمام المملكة بإقناع حلفائه المسيحيين في لبنان وبأن يقنع فرنجية حلفاءه، ولا سيما منهم عون، بالتسوية.
وحول الموقف الروسي من الاستحقاق الرئاسي، يقول مصدر سياسي في 8 آذار: «روسيا لم تُسمِّ أحداً لملء الفراغ الرئاسي اللبناني حتى الساعة، على رغم انفتاحها على شخصيات كثيرة، لكنها وضَعت مواصفات لرئيس يجرؤ على تحويل لبنان بلداً نفطياً، وقادراً على دفع النازحيين السوريين للعودة الى بلادهم، وهذا يحتاج الى أن يتمتع الرئيس بقدرة على التنسيق العالي مع الرئيس السوري بشار الأسد الذي في يدِه مفاتيح الحدود السورية – اللبنانية والتي عبرها تفترض العودة الى الديار… وأخيراً أن يشارك الرئيس فلاديمير بوتين الرؤية في مكافحة الإرهاب والقضاء على «داعش» وأخواته وفق معايير وأحكام القانون الدولي، لا أن ينأى بنفسِه ولبنان عن عاصفة اقتلاع الإرهاب. وعليه، هذه المواصفات المطابقة للرئيس العتيد وفق المعيار الروسي. فمَن تنطبق عليه يتقدم خطوة إضافية نحو بعبدا… لكنها لا تكفي لإيصاله، فطريق بعبدا لا تمر من مواصفات موسكو وحسب».
عتب المردة
سجل تيار «المردة» عتباً على حزب الله بعد مواقف لشخصيات مقربة من المقاومة هاجمت فيها فرنجيه وقبوله بالترشيح المحمول على أجنحة سعودية، وذهب أحدهم الى مهاجمة المرشح للرئاسة لعدم تنسيقه مع حلفائه.
وفي المقابل، يرى مقربون من الحزب أنه كان ينظر الى زعيم «المردة» كمرشح للرئاسة في التوقيت المناسب، والحرص على فرنجيه كان كبيراً الى درجة أن الحزب لا يريد التفريط به في هذه المرحلة.
ريفي حليف
تقول مصادر إن الوزير أشرف ريفي تبلغ «انزعاج» الرئيس سعد الحريري من حملته على النائب فرنجية، واتهام ريفي من قبل قيادات شمالية بالوقوف خلف موجة الاعتراض في أوساط المستقبل والإسلاميين على ترشيح فرنجية. ويروى أن الوزير ريفي الذي ذهب للقاء الحريري في الرياض عاد أدراجه بعد لقاء سريع ومتوتر، إذ عندما طرح ريفي موضوع ترشيح فرنجية على بساط البحث قال له الحريري إن هذا الموضوع ليس للنقاش. فكان أن انسحب من الاجتماع وعاد الى بيروت.
النائب أحمد فتفت الذي تراجع عن معارضته التسوية ويقول إنها ما تزال على الطاولة، سئل عن موقف ريفي وما إذا كان هناك مشروع صراع نفوذ أو أجنحة في تيار المستقبل، فأجاب: «لا. فالوزير ريفي ليس في تيار المستقبل، بل هو حليف أساسي لهذا التيار، وهو حريري الهوى بشكل واضح، لكنه ليس ملتزماً بقرارات تيار المستقبل. وهذا ليس صراع أجنحة، فتيار المستقبل تسوده نقاشات حرة ومنطقية، لكن عند صدور القرار يلتزم الجميع به».
الشغور طويل الامد
برأي أوساط سياسية، من النتائج الأولية لسقوط التسوية الرئاسية سيكون إطالة أمد الشغور الرئاسي الى أجل بعيد وغير مسمى، بعد انتفاء فرص وصول أحد المرشحين الأربعة الأقوياء، وهذا سيفتح الباب أمام العودة الى صيغة البحث عن مرشحين من خارج هذا النادي السياسي المغلق الذي بات غير قابل للصرف بفعل «الفيتوات» المتبادلة، وستكون الأمور أكثر صعوبة من أي يوم مضى بعد أن اختار هؤلاء الانتحار، فتيار المستقبل لن يكون بمقدوره العودة الى مربع القبول بعون مرشحاً رئاسياً لأن هذا الأمر سيكون بمثابة الانتحار السياسي والشعبي، واعترافاً صريحاً بالهزيمة، في المقابل فإن فريق 8 آذار سيكون محرجاً أيضاً فهو لن يستطيع القبول بأي تسوية تكون أقل من انتخاب شخصية ملتزمة بخياره الاستراتيجي كسليمان فرنجية، وعندها لن يكون قادراً على إجراء هكذا تنازل مهما تعقدت الظروف الإقليمية أو المحلية، وسيكون ترشيح عون غير قابل للمساومة، لأن أي قبول بمرشح تسوية آخر سيكون بمثابة من «أطلق النار على رأسه»، بعد أن قدم لهم ترشيح رئيس تيار المردة على طبق من ذهب.
رأي دمشق
جهات نافذة في قوى 8 آذار تواصلت أخيراً مع القيادة السورية لاستمزاج رأيها حيال المبادرة وبالتالي موقفها من ترشح فرنجية، وأكدت أن القيادة السورية أبلغت هذه الجهات أن ملف رئاسة الجمهورية في لبنان متروك للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي يعود إليه التشاور مع حلفائه لاتخاذ القرار المناسب. وقالت إن موفداً لعون تبلغ لدى زيارته دمشق الموقف ذاته.
وعزت رفض عون الإنسحاب من المعركة الى أنه لا يزال يراهن على ما كان سمعه مباشرة من الرئيس السوري بشار الأسد في اتصال جرى بينهما دعاه فيه الأخير الى الصبر وعدم حرق المراحل، مطمئناً إياه الى أنه سيكون الرئيس عندما تتحسن الأحوال في سوريا ويتمكن من استعادة سيطرته على كامل الأراضي والقضاء على قوى المعارضة فيها.
حلف مسيحي
مصادر سياسية قريبة من تيار المستقبل تعتبر التهويل بقيام حلف مسيحي في حال استقر رأي الأكثرية النيابية على تأييد زعيم «تيار المردة» قد لا يكون في محله، لأن الظروف السياسية التي كانت وراء قيام مثل هذا الحلف قبل انتهاء ولاية الرئيس الراحل شارل حلو عام 1970 ليست متوافرة اليوم. وعزت السبب إلى أن رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، وإن كان يرفض بشدة مبادرة الحريري، فإنه في المقابل يبقى حذراً من قيام حلف مسيحي إلى جانب عون، وربما حزب الكتائب، لأنه سيخسر إسلامياً وعربياً بعدما نجح في تلميع صورته بتحالفه مع «المستقبل».
تصريحات خاطئة
مصادر مسيحية في 14 آذار تعتبر أن بعض المسؤولين في «المستقبل» انخرطوا بلا هوادة في الترويج للمبادرة مع أنهم كانوا في غنى عن تصريحات صدرت في هذا الخصوص، لأن الحملات المؤيدة وضعتهم في موضع الابتزاز وصولاً الى تقديم تنازلات بدلاً من الحصول على «ثمن سياسي» في مقابل دعم ترشح فرنجية.
وأكدت أن حلفاء الحريري، وإن كانوا فوجئوا باجتماعه مع فرنجية، كان يفترض بهم التعبير عن رفضهم، لكن شرط عدم إعفاء حزب الله، وحتى إشعار آخر، من الإحراج الذي سيواجهه عندما يحدد موقفه من الحرب السياسية الدائرة بين حليفيه، لأن المشكلة في داخل 8 آذار قبل أن تنتقل الى 14 آذار.
استغلال
تقول مصادر إن تيار المستقبل يواجه إمكان استغلال بعض القوى كالجماعة الإسلامية للاعتراض الشعبي على مبادرته، وتوجهها الى رفع مستوى اعتراضها على التسوية المقترحة. ووصلت الى قيادات 14 آذار معلومات عن أن «الجماعة» تدرس خيار اللجوء الى الاحتجاجات الشعبية وخصوصاً في الشمال تحت عنوان «حليف القاتل.. قاتل».
حالة استنفار
عاشت الساحة المسيحية على امتداد الأيام الماضية حالة استنفار ركزت على قطع الطريق على ما سمي «التسوية الرئاسية» ووأدها في مهدها… ولكن هذا الاستنفار لم يتحول بعد باتجاه البحث عن بديل لهذه التسوية، إن لجهة الاتفاق على بديل لفرنجية أو على قانون جديد للانتخابات، لا بل تحولت حالة الاستنفار الى ما يشبه «الاسترخاء». فقد تنفست القيادات المسيحية الصعداء بعد التأكد من أن التسوية غير ناضحة وتواجه عثرات، الى حد أن عون لم يعد يرَ في اجتماعه مع فرنجية «ضرورة عاجلة»، ولم يعد جعجع يرَ حاجة للعب ورقة ترشيح عون، وأن الراعي لا يرى ضرورة لإلغاء زيارته الى الخارج طالما أن لا شيء في الداخل يستوجب بقاءه…
خطأ شائع
شددت مصادر قيادية في التيار الوطني الحر على أن هناك فارقاً بين أن يعلن عون عن انسحابه مفسحاً في المجال أمام فرنجية، وأن يتجاوز الحريري ترشيح عون ويحاول فرض اسم آخر عبر التهويل بـ «عضلات» تسوية خارجية مفترضة، لافتة الانتباه الى أن من يعتمد سياسة التهويل يغفل أن عون كان قد أكد أنه مستمر في معركته حتى النهاية، حتى لو سقط شهيداً سياسياً. واعتبرت المصادر أن تسمية طرح الحريري بالتسوية «خطأ شائع»، مشيرة الى أن هناك من يتعمّد الترويج لهذا الخطأ من أجل الإيحاء بأن هناك قراراً دولياً – إقليمياً كبيراً غير قابل للاستئناف بانتخاب فرنجية، وذلك للضغط على المعارضين وإشعارهم بعبثية التصدي للإرادة الخارجية.
علاقة
نقل عن قريبين من العماد عون قولهم: «العلاقة مع فرنجية من الصعب أن تعود الى ما كانت… والعلاقة مع جعجع من الصعب أن تعود الى الوراء»…
الملف عند نصرالله
سياسي لبناني من 8 آذار التقى الرئيس بشار الأسد قبل أيام وسمع منه هذا الموقف: «معطيات الملف الرئاسي عند السيد حسن نصرالله، إذهبوا إليه واتفقوا معه».
لا رجعة الى الوراء
ينقل عن سفير دولة كبرى قوله إن «النائب سليمان فرنجية من المعتدلين الذين يمتلكون شجاعة طي صفحة الماضي مما يمكّنه من حكم كل اللبنانيين، ونحن لا نقول له أن يخرج من ثوابته، وطالما هو من صلب 8 آذار ورئيس الحكومة العتيد من صلب 14 آذار، فإن سيادة منطق الاعتدال ستؤدي فوراً إلى إنهاء الانقسام الحاد الذي ساد لفترة طويلة وعطّل عملية اتخاذ القرار بسهولة».
يؤكد السفير نفسه في أحاديثه أن لقاء فرنجية مع الحريري ما كان ليحصل إلا تحت سقف الاعتدال، لذلك فإن الأمور مقدر لها أن تسير نحو الإنجاز، و«الحظوظ في إتمام عملية انتخاب سليمان فرنجية تجاوزت حدود خطر العودة الى نقطة الصفر، لا بل لا رجعة فيها».
لا بنود سرية
أكد مصدر عسكري رفيع أن «لا صحة لكل المعلومات والأقاويل التي تحدثت عن بند سري في صفقة تبادل العسكريين مع «جبهة النصرة» يقضي بوقف استهداف المسلحين في الجرود»، لافتاً الى أن «لا مهادنة مع الإرهاب، والجيش يستهدف يومياً تحركات المسلحين في جرود عرسال ورأس بعلبك، ومدفعيته لن تتوقف عن دك تحصيناتهم بعد إتمام الصفقة».
وحول القيام بعملية عسكرية في منطقة عرسال، قال الوزير نهاد المشنوق خلال زيارته المديرية العامة للأمن العام لتهنئة اللواء عباس ابراهيم، والقيادة والضباط والأفراد، بإنجاز عملية تحرير العسكريين اللبنانيين، أن «منطقة عرسال، وليست بلدة عرسال، هي منطقة محتلة، وفيها 120 ألف لاجىء سوري، وهناك منطقة جرد فيها الآلاف من المسلحين داخل القرية وخارجها، وخيارنا الدائم والذي اعتمده قائد الجيش العماد جان قهوجي بسياسة حكيمة وواقعية ووطنية ومنطقية، هو عدم الدخول في أتون الحرب السورية والابتعاد عن الحريق السوري».
وعن قول الرئيس نبيه بري إن هناك فضيحة سيادية حصلت، أجاب: «أحاول أن أشرح أننا عندما نذهب بهذا المنطق حتى النهاية، فكأن المطلوب هو القيام بعملية عسكرية لانهاء هذا الموضوع. وأعتقد ان الرئيس بري لم يقصد العملية العسكرية، فهو يعرف مصاعبها ومشاكلها ويعلم أن أي عملية عسكرية هي انخراط في الحريق السوري».
اجتماع الاشتراكي والحزب
عقد اجتماع بين «الاشتراكي» وحزب الله ضم الوزراء وائل أبو فاعور وأكرم شهيب وحسين الحاج حسن والنائب حسن فضل الله، وخرج وزيرا «الاشتراكي» من اللقاء بانطباع مفاده أن حزب الله يسعى الى الحفاظ على فريقه السياسي، عبر فتح خطوط التواصل بين عون وفرنجية، لكنه لن يتعامل مع مبادرة ترشيح فرنجية بجدية قبل تحولها الى إعلان رسمي. كذلك لن يتبنى الحزب هذه المبادرة ليحاول إقناع عون بها.
بين بكفيا وبنشعي
خطوط مفتوحة بين حزب الكتائب وتيار المردة عبر لجنة مصغرة وبطريقة شبه يومية. ومن غير المستبعد أن تحصل مبادرة من بنشعي باتجاه بكفيا «لملاقاتها في منتصف الطريق».
اسقاط مرشح 14 اذار
يرى مصدر سياسي أن ما تحقق حتى الآن هو إسقاط مرشح 14 آذار، ما يعني عملياً أن الحريري سلم أن الرئيس يجب أن يكون من 8 آذار.
العودة الى الوحدة
يقول رئيس المكتب السياسي في الجماعة الإسلامية عزام الأيوبي إن «غياب الرؤية لدى تيار المستقبل والسلوك الفردي الذي يعتمده، ينعكس سلباً على الساحة السنية التي يجب ان تعود الى وحدتها وتماسكها خدمة للبنان ولاستقراره. ولا يمكن لأي فريق مهما كان حجمه أن يواجهها بمفرده، أو أن يتخذ قرارات مصيرية من دون الرجوع الى سائر مكوّناتها»…
تسويق
لاحظت أوساط مراقبة في سلوك «المستقبل» وخطابه السياسي مزيجاً من التسويق للتسوية ومن استهدافها عن قصد أو غير قصد. وهنا الأمثلة عديدة، ومنها:
– تأخر الحريري بإعلان تبني ترشيح فرنجية رسمياً.
– مجاهرة قيادات في «المستقبل» بأن «تسوية فرنجية» ليست من عنديات سعد الحريري، وان ترشيحه جاء بمبادرة خارجية على رأسها السفير الأميركي في لبنان.
قانون الجنسية
تسعى «الجماعة الإسلامية»الى تعديل بعض بنود قانون استعادة الجنسية الذي أقره مجلس النواب في جلسته الأخيرة، والذي تتشاور فيه مع كل القيادات السنية حيث سبق أن زارت مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان للبحث في هذا القانون. ومن المفترض أن تزور الأسبوع المقبل الرئيس نجيب ميقاتي.