افتتاحية

لماذا لم يدعموا نداء 25 حزيران بتظاهرات شعبية؟

واخيراً بلغت نداءتنا الاذان، التي طالما كانت صماء حيال كل الصراخ المتعالي من الداخل ومن الخارج على حد سواء، فقرر فريق كبير من اللبنانيين يضم الهيئات الاقتصادية والعمالية والمدنية والوطنية التحرك في وجه المعطلين الظالمين الذين دمروا كل شيء في هذه الدولة، من المؤسسات الى الاقتصاد بكل فروعه، وخصوصاً الصناعية والزراعية. وقفوا وقفة واحدة تحت عنوان «نداء 25 حزيران: اوقفوا الانتحار».
انها ثورة ضد التعطيل القاتل والشلل الذي جمد كل تحرك في الدولة والبلد. ثورة ضد من قطعوا رأس الجمهورية وشلوا مجلس النواب وعطلوا الحكومة وهي المؤسسة الوحيدة التي بقيت تعمل، ولو بالحد الادنى، لتسيير امور الناس، محاولة انتشالهم من اليأس القاتل الذي خيم على النفوس.
مؤسسات وهيئات وجمعيات ومرافق كثيرة تجمعت حول نقطة واحدة، وفي مواجهة الذين نحروا الدولة والمؤسسات، ووقفوا يتفرجون عليها بدم بارد لا يرف لهم جفن، فصموا اذانهم عن النداءات المتكررة التي انهمرت عليهم من كل حدب وصوب، وكأن ما يجري لا يعنيهم.
انهم لا ينتحرون بل ينحرون الشعب والوطن والمؤسسات، خدمة لمصالحهم، دون الالتفات الى الوطن الذي كان في يوم من الايام لولؤة الشرق كله، يتمتع بدور ريادي، احترمه وجله المجتمع العربي والدولي بأسره فاذا بهم يرهنون هذا الدور خدمة لمصالح شخصية واقليمية.
اخيراً اذاً تحرك الشعب، ولو جاء تحركه متأخراً. فخير ان يأتي متأخراً من الا يأتي ابداً. فالحركة التي هدفها الخير والصالح العام، لا بد من ان تؤتي ثمارها، شرط ان تستمر هذه الحركة، لا ان تكون عاصفة في فنجان، سرعان ما تتلاشى. هذه الحركة يجب ان تبقى مستمرة ومتصاعدة حتى تحقق الغاية منها. فما من بلد تحرك شعبه بعناد وثبات الا وكسر المتحكمين ظلماً بمصيره. فهل يكون الشعب اللبناني اقل قدرة من بقية الشعوب؟
ان ما سمعناه من خلال الكلمات التي القيت في نداء 25 حزيران يبشر بالخير، اذ ان القائمين على هذا التحرك وعدوا بمتابعة المسيرة الى ان تحقق الاهداف.
الا ان هذا التحرك جاء ناقصاً ومبتوراً ذلك انه كان يفترض ان يترافق مع تظاهرات شعبية واعتصامات، وكل ما يتيحه القانون، لتكتمل الصورة. فالهيئات التي اجتمعت في البيال، لو كل واحدة منها جمعت انصارها ومؤيديها، لجمعوا في ساحة واحدة مليوني انسان اعلنوا كلهم رفضهم للتعطيل وللمعطلين. فلماذا لم يتنبهوا الى هذه النقطة ليعطوا حركتهم بعداً وطنياً، ولكانوا حققوا الاستفتاء الحقيقي الذي يطالب به البعض.
عن اي استفتاء يتكلمون ويشددون على انهم سينالون الاكثرية، افلا يكفي اجتماع البيال ومن يمثل ليشكل استفتاء حقيقياً، نتائجه معروفة ومشرفة وداعمة للوطن. لو نزل كل هؤلاء الى الساحات العامة لشكلوا مشهداً اين منه مشهد 14 اذار، ولكن انصار بناء الدولة يخسرون دائماً، لانهم لا يعرفون ان يخططوا او يستغلوا الصورة الحقيقية. فيتحرك المعطلون وينتزعون منهم مكاسبهم.
وهنا لا بد من ذكر هيئة التنسيق النقابية التي لم تشارك في اجتماع البيال. لماذا؟ لان مصالحها لم تتأمن، وسلسلة الرتب والرواتب لم تقر، وفي هذا الموقف دليل صارخ على من يراعون مصالحهم قبل مصلحة الوطن.
يئسنا من السياسيين فهل يكون لهذه الهيئات الاقتصادية والوطنية والمجتمع المدني وغيرها قدرة على حمل السياسيين الى المجلس النيابي لانتخاب رئيس للبلاد، ليعود الوضع الى طبيعته؟
ونحن نسأل لماذا اقيم هذا المهرجان في قاعة مغلقة؟ لماذا لم يجتمعوا في الساحات العامة ليسمع صرختهم الشعب كله، فيهب ويثور على ظالميه؟
يئسوا من قهرنا بالحرب، فجاءوا يحاربوننا بلقمة العيش، عبر تدمير الاقتصاد ورفع الاسعار التي تفيد الاحصاءات ان لبنان بات اغلى بلد في منطقة الشرق الاوسط كله. وهذا ليس مستغرباً في ظل تغييب الدولة، وغياب المحاسبة.
نكرر القول اذا كانت خذه الحركة لمرة واحدة وانتهى الامر، فأنها تكون بلا فائدة. فتحقيق المطالب يكون في الاستمرار والتصعيد، حتى ولو وصل الامر بهم الى العصيان المدني والى التوقف عن دفع الضرائب، وعندها لن نخشى على الاقتصاد فهم في الاصل دمروه، عسى ان يولد انهياره الكامل يقظة لدى المعطلين فيدركوا الى اي منزلق يقودون البلاد والعباد.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق