سياسة لبنانيةلبنانيات

افق سياسي مسدود رئاسياً وبلدياً والانظار تتجه الى الجنوب المشتعل

الضغوط الاميركية كانت على اشدها الاسبوع الماضي وجعلت رئيس حكومة العدو الاسرائيلي بنيامين نتانياهو يتراجع عن تصلبه، بعدما شعر بخطر يتهدد علاقاته مع الرئيس الاميركي جو بايدن. بالطبع الولايات المتحدة لن تتخلى عن اسرائيل ولكنها قادرة على التخلي بسهولة عن نتانياهو، خصوصاً وان الشعب الاسرائيلي انقلب عليه، وهو ينظم تظاهرات يومية تضم مئات الالاف، تطالب برحيله، وباجراء انتخابات مبكرة. فهل تساهم هذه المواقف في انجاح المفاوضات التي استؤنفت في القاهرة وقطر لوقف اطلاق النار، واطلاق الرهائن؟ ان هذا ما تسعى اليه الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، خصوصاً وان ذلك ينعكس هدؤاً ربما على الجبهة اللبنانية، التي تحولت كل الانظار اليها في الاونة الاخيرة، بعد الاغتيالات التي طاولت قادة في الحرس الثوري الايراني نفذتها اسرائيل في دمشق، واستدعت تهديدات ايرانية بالرد المؤكد.

والاتصالات في ما يتعلق بالجبهة اللبنانية لن تتوقف، سواء بعيداً عن الاضواء او في العلن، ولكنها حتى الساعة لم تؤد الى نتيجة، باعتبار ان حزب الله يرفض فك الارتباط بين الجنوب اللبناني وغزة. ولذلك استمرت الغارات والقصف المتبادل بعنف لافت، وتوسعت الحرب فزادت من نسبة القلق من نشوب حرب شاملة. فاسرائيل تواصل غاراتها الجوية لتشمل القرى الجنوبية وصولاً الى بعض المناطق البقاعية، وخصوصاً بعلبك ومحيطها والاودية المحيطة بها. وتردد ان الموفد الاميركي اموس هوكستين جمد محاولاته، بانتظار ان يتوقف القتال. لذلك يمكن القول ان الوضع على حاله في الجنوب اللبناني بانتظار ما ستسفر عنه المفاوضات، وخصوصاً بانتظار الرد الايراني على اغتيال قادة في الحرس الثوري الايراني خلال قصف مبنى القنصلية الايرانية في دمشق. وهذا الرد آت حتماً كما هدد واكد المسؤولون الايرانيون.

على الصعيد السياسي المحلي الاجواء هي ايضاً على حالها. افق مسدود في ما يتعلق بالشغور الرئاسي. من الطبيعي ان تستأنف اللجنة الخماسية تحركها بعد انتهاء عطلة عيد الفطر، ولكن يبقى اي تحرك جهداً ضائعاً، طالما ان السياسيين اللبنانيين المعنيين بهذا الاستحقاق على مواقفهم المتصلبة، غير مسهلين العملية الانتخابية لمصلحة البلد، الذي يغرق يوماً بعد يوم. في ظل هذا التشرذم وعدم المسؤولية. وقد تردد وفق انباء اعلامية بان هناك جهداً اميركياً فرنسياً مشتركاً لانهاء الحرب في الجنوب، والمساعدة على انتخاب رئيس للجمهورية. ولكن يبقى كل ذلك مجرد كلام وتكهنات بانتظار ان تتحقق ايجابيات على الارض.

ويبدو ان السياسيين اللبنانيين اخذوا على عاتقهم عدم مقاربة اي استحقاق دستوري. فكما فعلوا في انتخابات الرئاسة هم اليوم منقسمون حيال الانتخابات البلدية التي سبق ان تأجلت مرتين وهم يستعدون اليوم لتأجيلها مرة ثالثة، رغم ان تقوية البلديات في هذا التعطيل المؤسساتي القائم على صعيد الادارات العامة، هو امر ضروري وملح. ويعزو انصار التأجيل السبب الى الحرب الدائرة في الجنوب بحيث يتعذر اجراء الانتخابات في المنطقة. ولكن هذا الكلام هو مجرد هروب الى الامام. فبامكان الدولة ان تعتمد نظام «الميغاسنتر» اي ان الناخب يقترع في مكان وجوده وليس في دائرة النفوس التابع لها. اذاً ان السبب الحقيقي وراء الرغبة في التأجيل هو ان بعض التيارات والاحزاب تدرك جيداً انها فقدت نسبة عالية من مؤيديها، وان الانتخابات البلدية ستكشف هذا الامر على حقيقته، الامر الذي يقلب الكثير من الموازين السياسية القائمة. لذلك فهم يصرون على التأجيل ويرفضون السير بالحلول المطروحة. مع العلم ان وزير الداخلية القاضي بسام مولوي اعلن انه مستعد وجاهز لاجراء الانتخابات وقد اتخذ كل التدابير اللازمة. كما انه حدد الثاني عشر من ايار المقبل موعداً لاجراء الانتخابات البلدية في جبل لبنان. الا ان المطلعين على حقائق الامور لا يزالون متأكدين، كما يقولون، من ان مصير الانتخابات البلدية ستؤجل للسنة الثالثة على التوالي. ولن يفرج عنها الا بعد الافراج عن الانتخابات الرئاسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق