سياسة لبنانيةلبنانيات

خطر الحرب يتصاعد ويهدد لبنان والخوف من انزلاق الوضع الحدودي الى لا رجعة

محاولة بايدن تبرئة اسرائيل من المجزرة والفيتو الاميركي في مجلس الامن مؤشران سلبيان على الحرب

لا تزال المجزرة التي ارتكبتها اسرائيل في غزة تتصدر واجهة الاحداث وتشغل العالم. وكانت لافتة الزيارة التي قام بها الرئيس الاميركي جو بايدن الى اسرائيل وقد حققت في نظره اهدافها. فهو لم يأت للعمل على وقف اطلاق النار ولا الى فتح معابر انسانية لادخال المساعدات الضرورية للبقاء. بل جاء ليدعم المعتدي وهذا كان موقفه منذ اللحظة الاولى. واستغرب العالم كيف انه وبعد دقائق من وصوله الى تل ابيب اكتشف ان مرتكب المجزرة ليس اسرائيل بل الجهاد الاسلامي. انه حقاً «محقق لامع». المهم انه عاد كما اتى اطمأن على حليفته وجدد الدعم لها.
في هذا الجو المؤلم توجهت الانظار الى لبنان وبالتحديد الى الحدود الجنوبية التي تشهد يومياً اشتباكات وقصفاً ودماراً يطاول القرى والبلدات الجنوبية القريبة من الحدود، وتستخدم اسرائيل فيها القنابل الفوسفورية الحارقة، فتزرع القلق بين سكان هذه المنطقة. وترد المقاومة الاسلامية على هذه الاعتداءات، مكبدة العدو خسائر فادحة في الارواح وفي المنشآت التجسسية التي يقيمها على الحدود. فتدمر يومياً عدداً منها. ومع بقاء هذه الاشتباكات تحت السيطرة حتى الساعة بات يخشى من ان يتدهور الوضع اكثر وينزلق لبنان الى حرب لا قدرة له على تحملها، في ظل هذه الاوضاع المأساوية التي يعاني منها. لذلك تتركز المساعي الداخلية والخارجية على ابعاد شبح الحرب عن هذا البلد الذي دفع الكثير منذ بداية النكبة الفلسطينية وحتى اليوم، وهو غير قادر حالياً على المزيد الا بالدبلوماسية، ولكنه قلباً وقالباً مع القضية الفلسطينية.
وشارك لبنان امس في مختلف المناطق بتظاهرات الاستنكار والشجب لهذا العدوان الغاشم على شعب غزة، وامتدت التحركات من العاصمة الى بقية المناطق، وكانت كلها سلمية معبرة، باستثناء التظاهرة التي وصلت الى محيط السفارة الاميركية، وتميزت بالعنف فاشتبك المتظاهرون مع القوى الامنية ورشقوها بالحجارة واوقعوا اصابات في صفوفها، ولم يكتفوا بذلك بل عمدوا الى احراق احد المباني الذي لا دخل لسكانه باي امر، سوى انهم يعيشون في تلك المنطقة، والحقوا الاضرار في المحلات التجارية، التي اقفلت ابوابها منذ الصباح تحسباً. وتساءل اهالي المنطقة هل صحيح ان المتظاهرين يلجأون الى هذه التصرفات دفاعاً عن غزة؟ لو كانوا كذلك لاحترموا القضية التي يتم التحرك من اجلها. ثم ما ذنب السكان، حتى يتكبدوا كل هذه الاضرار؟ ان لبنان كله مع القضية الفلسطينية العادلة ولكنه ضد التخريب. لذلك على الجميع مراعاة المصلحة الوطنية قبل اي امر اخر، خصوصاً وان الاخطار تطوق البلد الذي لم يعد بعيداً عن الانزلاق في الحرب. ويؤكد على ذلك الدعوات التي وجهت من الدول الكبرى الى رعاياها بالمغادرة فوراً، بدءاً من الولايات المتحدة الى فرنسا فالمملكة العربية السعودية التي ذكّر سفيرها في لبنان السعوديين بضرورة التقيد بقرار منع السفر الى لبنان. ان فتح الجبهة اللبنانية يعني الحرب الشاملة والتي تطاول المنطقة باسرها. فهل ان لبنان بوضعه السياسي الحالي المنهار واقتصاده المدمر وشعبه الذي يعاني الفقر والجوع، هو قادر على تحمل تبعات حرب قاسية يُعرف كيف تبدأ ولكن لا يعرف كيف تمتد وكيف تنتهي. ان لبنان المعافى يمكنه ان يخدم القضية الفلسطينية، اكثر بكثير مما يفيدها فتح جبهة تعود عليه بالخراب والدمار، دون ان تحقق الغاية المرجوة. وما يزيد الامر خطورة فشل مجلس الامن في التوصل الى وقف لاطلاق النار وتهدئة الامور وفتح المعابر جزئياً امام المساعدات وذلك باستخدام المندوبة الاميركية في مجلس الامن حق النقض (الفيتو). لذلك يتوجب على لبنان اخذ اقصى درجات الحذر اذا ما اراد ان يتجنب الدمار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق