سياسة لبنانيةلبنانيات

ملفات ساخنة تحرج المجلس النيابي والحكومة… التمديد لليونيفيل والتدقيق الجنائي والاتجار بالبشر

الموفد الفرنسي جان – ايف لودريان الذي غاب عن الشاشات وعن الاعلام، بعد الرسائل التي وجهها الى الاطراف السياسية في لبنان، عاد امس الى الواجهة من خلال كلمة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون امام السفراء الفرنسيين، والتي شكر فيها موفده الخاص الى لبنان، وقال انه مفتاح الحل للازمات اللبنانية المتراكمة. هل اصاب ماكرون في كلمته؟ المعارضة اللبنانية لا تعتقد ذلك. فهي التي رفضت رسائل لودريان واعتبرتها تمس بالسيادة والكرامة، وحتى بعض النواب الفرنسيين انتقدوها. ازاء هذا الواقع ماذا يمكن ان يحمل الموفد الفرنسي معه، وهل تختلف زيارته المرتقبة عن الزيارتين السابقتين؟
في هذا الوقت انشغلت الاوساط السياسية بملفات ساخنة مطروحة على الساحة، بدءاً من تمديد مجلس الامن الدولي للقوة الدولية في جنوب لبنان (اليونيفيل). فالمجلس يريد تقوية صلاحيات هذه القوة لتتمكن من القيام بمهامها، والحكومة اللبنانية تسعى لابقاء الامور كما كانت عليه قبل سنوات، وحزب الله المعني بالقرار 1701 يرفض رفضاً قاطعاً توسيع صلاحيات القوة الدولية. فكيف سينتهي هذا الخلاف، وهل ينعكس على وجود اليونيفيل في الجنوب؟ ثلاثة ايام ويأتي الجواب اذ ان مدة عمل القوات الدولية تنتهي في 31 آب الجاري.
الملف الثاني الذي يشغل اللبنانيين عموماً هو التدقيق الجنائي الذي اجرته شركة الفاريز ومارسال، والذي كشف عن فضائح مالية كبيرة رغم انه لم يستكمل، بانتظار ان يقدم حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري المستندات التي تطلبها الشركة المدققة. وقد سبق لمنصوري ان اعلن انه مستعد لتسليم كل ما يطلب منه. هذا الملف حضر امام اللجنة المالية النيابية وشارك في الاجتماع الى جانب النواب، وزيرا المالية والعدل وحاكم مصرف لبنان بالانابة، الذي حذر من عدم اقرار القوانين الاصلاحية التي باتت ملحة جداً والا تعرض لبنان لعقوبات قاسية. وابرز هذه القوانين اعادة هيكلة المصارف والتوازن المالي. وكان يجب ان تقر منذ اليوم الاول للازمة، الا ان المجلس النيابي والحكومات المتعاقبة لم يقدما على اي خطوة اصلاحية، وتركا الاوضاع تسير من سيء الى اسوأ حتى وصلنا الى هذا الانهيار الكامل والشامل.
تبين للجنة المال خلال مناقشة التدقيق، ان هناك اموراً كثيرة يجب توضيحها، حتى تتمكن من اقرار قوانين الاصلاح. وما يهم هو معرفة اين ذهبت الفجوة المالية التي يحكى عنها، سواء كانت 50 او 70 مليار دولار؟ اين ذهبت الخسائر ومن المسؤول عنها؟ وما هو حل مشكلة المودعين وباي طريقة، وما هي موجودات المصارف والدولة. اسئلة يجب الاجابة عليها حتى يمكن الوصول الى هيكلة المصارف والتوازن المالي. كذلك يجب استكمال التدقيق لان الحالي هو اولي. ومن المهم جداً استكمال التدقيق المحاسبي والجنائي في وزارات الدولة واداراتها ومؤسساتها، لان المشكلة تكمن هناك، خصوصاً وقد تبين من التدقيق ان المصرف المركزي برئاسة رياض سلامة كان يمول الدولة بلا حساب، ويؤمن سياسة الدعم وخدمة الدين لدولة متعثرة. وبعد ساعات طويلة من المناقشات تقرر الدعوة الى اجتماع الاسبوع المقبل بحضور منصوري لمتابعة تنفيذ القوانين الاصلاحية.
بهذه الطريقة الفاشلة كانت تدار الامور، حتى انهارت كل مؤسسات الدولة، باستثناء المؤسسات الامنية وعلى رأسها الجيش الذي لا يزال رغم كل الصعوبات والعراقيل، يتابع مهماته على اكمل وجه. واخر ما سجل في هذا المجال، ان الجيش استطاع وفي فترات خلال اسبوع واحد، احباط محاولة تهريب اكثر من 850 سورياً. وقد بدا هذا العمل شبه يومي بوجود شبكات تهريب ناشطة تبتكر في كل يوم وسيلة جديدة للتهريب، الا ان الجيش لها بالمرصاد وقد بدأ يضيق الخناق عليها.
هل يمكن الوصول الى حلول لهذه الازمات المتراكمة؟ الجواب صعب للغاية في ظل مجلس نيابي يرفض القيام بواجباته وقد مضى عام كامل على مهلة انتخاب رئيس للجمهورية بداية الحل لكل ما يتخبط فيه لبنان، وحكومة لم تفلح منذ تأسيسها الا في فرض الضرائب الباهظة دون حساب حتى وصلت الى حد خنق المواطنين. باختصار ان المنظومة المهيمنة على السلطة، ليست على قدر المسؤولية وفاقدة للحس تجاه شعبها، فكيف لها ان تعمل على الاصلاح. من المعروف ان صانع الحرب لا يصنع السلام ومن هدم الدولة ومؤسساتها لا يستطيع اعمارها ولذلك فان الوضع يحتم التغيير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق