سياسة لبنانيةلبنانيات

السياسة معطلة والازمات مزدهرة والحكومة همها جمع المال لتغطية الهدر والفساد

يطل الاسبوع على غرار الاسابيع والاشهر السابقة تطوقه الفوضى العارمة والازمات السياسية والامنية والاقتصادية والمالية والمعيشية القاتلة، التي تغرق المواطن وتلتف حول رقبته وتكاد تخنقه، فيما السياسيون بعيدون عن الناس يتلهون بانقساماتهم والسعي وراء مصالحهم التي لها الاولوية عن كل ما عداها.
على الصعيد السياسي لا يزال الافق مسدوداً، ولا تباشير توحي باحتمال الوصول الى حل، على عكس ما يروّج البعض بان ايلول سيكون شهر الانفراج، مع عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان – ايف لودريان، الذي نعى مبادرته بنفسه، من خلال الرسائل التي وجهها للاطراف السياسية اللبنانية، واعتبرت مساً بالسيادة والكرامة، وعكست الموقف الفرنسي الذي لن يتبدل، وهو يطل بين الحين والاخر وبصورة تؤشر الى العكس، ولكن يتبين في النهاية ان فرنسا متمسكة بموقفها، حفاظاً على مصالحها الاقتصادية وخصوصاً من خلال علاقاتها مع ايران. لذلك فان زيارة لودريان الثالثة المتوقعة في منتصف الشهر المقبل، لن تحمل جديداً، وغير قادرة على اختراق المواقف المتصلبة للسياسيين، الذين لو ارادوا لحلوا كل هذه الازمات في يوم واحد، وذلك عبر تطبيق الدستور. ولذلك يطرح السؤآل: هل ان الاطراف المعطلة تريد حقاً رئيساً للجمهورية، ام ان الوضع الحالي المتفلت من كل قيد يناسبها اكثر؟
على الصعيد الامني، وخصوصاً على الحدود اللبنانية مع العدو الاسرائيلي، فقد اعلن امس عن مسيرّة اخترقت اجواء اسرائيل ثم اختفت عن الانظار فاثارت قلق اسرائيل التي تعرضت لانتقادات حادة اذ اعتبر ذلك تقصيراً فاضحاً من قبل جيشها، وترافقت مع تصريحات لضباط اسرائيليين يتخوفون من هجوم لحزب الله. الا ان كل المراقبين يؤكدون ان اياً من الطرفين لا يريد الحرب وما يجري هو نوع من الضغوط قبيل ايام من تصويت مجلس الامن الدولي على التمديد لليونيفيل العاملة في جنوب لبنان، حيث يجري كباش قوي بين دول تريد توسيع مهام القوة الدولية، لتصبح حرة التنقل والعمل دون مرافقة الجيش، بحجة انها بذلك تستطيع ضبط الوضع، ومنع اقامة مراكز عسكرية للحزب. الا ان لبنان يرفض هذا التوجه ويسعى وزير خارجيته عبدالله بوحبيب لمنع هذا التوسع وابقاء الوضع على ما كان عليه طوال السنوات الماضية. المهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة. والكل بانتظار 31 آب موعد التصويت في مجلس الامن.
على الصعيد الاقتصادي والمالي والمعيشي فان الازمات تطوق المواطن من جميع الجهات، وتحرمه العيش بامان. فحاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري اعلن رفضه التام لتمويل الدولة والانفاق من الاحتياطي الالزامي، فعمدت الحكومة الى اصدار موازنة سميت موازنة الضرائب لم تتضمن اي بند اصلاحي، بل انها ضاعفت التعريفات والرسوم عشرات اضعاف، حتى فاقت بكثير قدرة المواطن على الايفاء بها. هم الحكومة الاول ادخال الاموال الى الخزينة، لا لتنفق على المشاريع الانتاجية التي تخدم مصلحة المواطن، بل لتمويل رواتب القطاع العام الذي لا تزال ترفض اعادة النظر في هذا الجهاز البشري الفضفاض، والذي يمكن اختصاره بعدد منتج، يوفر على الخزينة المليارات، فلا تعود بحاجة الى هذا السيل من الضرائب القاتلة. ونستشهد هنا بما قاله النائب ياسين ياسين عن الهدر الحاصل في وزارة الاتصالات فقال: «في عز حاجة الدولة لاعادة تفعيل مؤسساتها، وضمان ايقاف مزاريب الهدر فيها والصفقات المشبوهة… تتخلف وزارة الاتصالات عن القيام بمهامها وتتستر على ممارسات اقل ما يقال عنها انها باب لسرقة محتملة بتغطية واضحة…» ففي ظل هذه الحكومة التي لا تعرف العمليات الحسابية ولا تقارن يوماً بين ما تفرضه على المواطنين، والاجور المتدنية التي لا يزال معظم اللبنانيين يتقاضونها بعيداً عن الدولار والعملة الاجنبية، يرزح المواطن تحت ثقل اعباء اكبر من قدرته على تحملها، ولو كان في هذه الحكومة من يفكر بالناس، ويتقن العمليات الحسابية لادرك اي جريمة ترتكبها هذه الحكومة بحق مواطنيها. انها بحاجة الى المال بعدما نهبت الخزينة وافرغت، ولكن ليست الوسيلة جيوب المواطن التي اصبحت ممزقة من كثرة ما امتدت الايادي اليها ولا تزال. وهناك ابواب كثيرة كان يمكن اللجوء اليها ولكنها تلجأ الى الاسهل.
وازاء هذا القصف الضرائبي الذي تمارسه الحكومة، فهي لا تقدم للمواطن مقابل ذلك ولا اي شيء، لا بل انها تقبض الضرائب والتعرفات دون ان تعطي المواطن ما يدفع ثمنه اضعافاً مضاعفة، فها هي شركة مياه بيروت وجبل لبنان، ورغم انها رفعت تعرفتها من مليون العام الماضي الى اكثر من اربعة ملايين هذا العام وهي تحضر لتعرفة تفوق ضعف هذه القيمة في العام المقبل، هددت المواطنين بتقنين قاس هذا الاسبوع، تمهيداً لقطع المياه عنهم نهائياً فمقابل اي خدمة او سلعة تقبض هذه الملايين هل هي لشرب القهوة وراء المكاتب، بعدما لم يعد امام العاملين عمل باستثناء قبض الاموال وعدها؟ وحتى قبل هذا التهديد، فالمياه لم تكن تصل الى المنازل الا لساعات قليلة في الاسبوع. ولولا الصهاريج لعجز المواطنون عن قضاء حاجاتهم المنزلية. ونقول هذا دون التطرق الى الاسعار في السوبرماركت التي ترتفع يومياً وبالدولار، دون حسيب او رقيب. اتقوا الله وارحموا هذا الشعب والا فارحلوا الى بيوتكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق