سياسة لبنانيةلبنانيات

من يريد تحويل مخيم عين الحلوة الى نهر بارد جديد ولماذا هذا الصمت الحكومي المستغرب؟

الحكومة تحيل طلب الاقتراض من المصرف المركزي الى المجلس النيابي فهل ان التشريع ممكن؟

شعاع امل خرق الضباب الكثيف الذي يلف لبنان ويزنره بسلسلة ازمات تكاد لا تنتهي. انه عيد الجيش الذي جمع كل اللبنانيين بمختلف فئاتهم، فقدموا تهانيهم للمؤسسة العسكرية وهي الوحيدة التي لا تزال ترفع راية الوفاء والتضحية للوطن، رغم كل ما اصابها بفعل الاوضاع السياسية والاقتصادية والمالية وغيرها. فكان امس يوم لبنان بجيشه الابي الذي يمثل الامل للبنانيين.
مقدمة ننتقل منها الى الصفحة السوداء التي تلف الوطن، والبداية من احداث مخيم عين الحلوة المؤلمة. وقد طرح البعض السؤال من يريد تحويل اكبر مخيم للفلسطينيين في لبنان الى نهر بارد جديد؟ فالاشتباكات الدامية المتلاحقة منذ اربعة ايام وتدخل اليوم يومها الخامس، لم تعد مجرد مناكفات، غالباً ما كانت تحصل في المخيمات، ولكنها اليوم اتخذت طابعاً مقلقاً، بدأت تداعياته تظهر على الفلسطينيين وعلى لبنان، خصوصاً وان النيران والقذائف والرصاص المتفلت طاولت مدينة صيدا والمناطق المحيطة بها وبالمخيم وادت الى قطع الطرقات حفاظاً على سلامة المواطنين لقد تحولت هذه الاشتباكات الى حرب تصفيات تداخلت فيها قوى خارجية فزادتها استعاراً، فدمرت وخربت واحرقت وتسببت باضرار فادحة. ولم تقتصر هذه الاضرار على المخيم وحده، بل طاولت عاصمة الجنوب صيدا وشلت الحركة فيها، والحقت اضراراً كبيرة بالمنازل والمؤسسات فاقفلت المحلات التجارية والمدارس وتوقفت الحركة ولزم الصيداويون منازلهم حفاظاً على حياتهم. وقد فشلت كل المحاولات لوقف هذه الاشتباكات، لان القوى الخارجية المتدخلة فيها تريد تصفية حسابات مع فئات اخرى.
وتأتي هذه الاشتباكات في عز موسم الاصطياف الذي يعلق عليه اللبنانيون الامل. بتحريك الحركة الاقتصادية ولو لفترة. فالسائح يهمه قبل اي شيء اخر، ان يقضي اوقاته بسلام وامان. فماذا عملت الحكومة لمواجهة هذا الوضع المقلق؟ بالطبع لم تقم باي حركة او مبادرة، فهي خارج المسؤولية وهذا ما زاد من غضب اللبنانيين على هذه الاستباحة للاراضي اللبنانية، دون اي احترام لواجبات الضيافة… لذلك اصبح من الواجب الاسراع في تجريد المخيمات من السلاح الذي لم يعد يستعمل في مكانه الصحيح، بل لتنفيذ اجندات خارجية.
سياسياً بدأ مجلس الوزراء مناقشة موازنة العام 2023 الذي انقضى نصفه الاول، وكان على الحكومة ان تقر هذه الموازنة قبل عشرة اشهر، ولكن لا شيء يسير وفق القانون في ظل هذه السلطة المتخلية عن مسؤولياتها. وبدأ البحث امس في جلسة مجلس الوزراء باقراض الحكومة من المصرف المركزي. ولم يشأ رئيس حكومة تصريف الاعمال ان يصدر مشروع قانون بهذه القضية، ويرفعه الى المجلس النيابي، تفادياً لاعتراضات قانونية ودستورية، لان الحكومة ليست مكتملة الصلاحيات. فتقرر الطلب الى بعض النواب لوضع اقتراح قانون يرفع الى الجمعية العمومية لاقراره. فهل يتوفر لها ذلك؟ ثم هل يقبل النواب بتشريع الانفاق من اموال المودعين، وهم الذين طالما قالوا انهم حريصون عليها. ثم هل تعقد جلسة تشريعية والمجلس هيئة انتخابية؟ ان العيون اليوم على التيار الوطني الحر، الذي بدأ يعود الى تحالفاته السابقة مع فريق الممانعة، وقد يحضر هذه الجلسة لتأمين النصاب، خصوصاً وانه قال قبل ايام انه مستعد للموافقة على اي رئيس للجمهورية يكون من حصة فريق الممانعة، اذا حصل على اللامركزية وهي اصلاً بند في اتفاق الطائف ولا تحتاج الى مقايضة. على كل حال في السياسة المواقف ليست دائماً ثابتة بل تتبدل وفق المصالح.
ناقشت الحكومة 59 بنداً من بنود الموازنة الـ 82. وارجأت البحث في الضرائب والرسوم. وتقول مصادرها ان لا ضرائب جديدة بل رفع التعرفات لتتماشى مع سعر الصرف وهنا المصيبة الكبرى التي تنزل على رؤوس المواطنين، اذ ان التعرفة ستزداد عشرات الاضعاف. دون اي حس بالمسؤولية حول حالة المواطنين. فالحكومة بدل ان تتطلع الى الابواب التي تدر على الخزينة الاموال الكافية لتأمين نفقاتها، مثل الاملاك البحرية والنهرية، والمطار والمرفأ والكازينو وغيرها الكثير، فانها لا ترى امامها سوى جيوب المواطنين التي اصبح اكثر من 80 بالمئة منها عاجزاً عن تأمين كل هذه الرسوم والضرائب. فطالما ان لا خطة واضحة لاصلاح الوضع الاقتصادي والمالي، فان الفوضى ستبقى هي المسيطرة بعيداً عن المسؤولية. وكان لافتاً ما بشر به وزير الاتصالات امس من رفع تعرفة اوجيرو. فهو بدل ان يتحدث عن انجازات تحققت في وزارته، يسارع في كل مرة الى التبشير برفع التعرفات، لانه يعلم ان اي انجاز لم يتحقق. فالانترنت يعمل على القطعة وفي اوقات قصيرة، والسنترالات معطلة والاتصالات عموماً في ادنى مستوياتها. فهنيئاً للبنانيين بمسؤوليهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق