سياسة لبنانيةلبنانيات

الى متى يستمر تدمير الانسان اللبناني والى اين سيصل سعر الدولار؟

رفع صيرفة بضعة الاف دفعة واحدة ينعكس ناراً على فواتير الكهرباء والهاتف والدواء

ازمة الرئاسة تراوح مكانها، والعطلة الطويلة التي اعطاها المجلس النيابي لذاته، على امل ان تتخللها اتصالات ومشاورات تفضي الى اتفاق على شخصية الرئيس، لم تسفر عن اي نتيجة. فالمواقف على حالها والتصلب هو السائد، واصبح كل فريق يعمل لايصال مرشحه. والتحركات المكثفة التي قام بها البعض خلال هذه المرحلة، لم تكن من باب الحرص على الرئاسة الاولى، ولا على الدستور ولا على الميثاقية، بل من اجل الاتيان برئيس يلبي الطلبات. ويبقي الفريق الذي جاء به مهيمناً على السلطة بشكل او باخر. وفي هذا الاطار يأتي تحرك رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي باتجاه عين التينة. فمرشحه للرئاسة هو ايضاً مرشح الرئيس نبيه بري، وفي حال وصوله الى قصر بعبدا، يشكل معهما ثلاثية حاكمة متحكمة. اما مرشح التيار الوطني الحر الذي يتحرك رئيسه جبران باسيل في اتجاهات متعددة فهو حتى الساعة غير معروف ولم يجاهر به، وهذا يعطي انطباعاً بانه قد يكون هو نفسه. فهو لم يخف رغبته يوماً في الوصول الى قصر بعبدا، الا ان عقبات كثيرة تعترضه. لذلك فهو لا يجاهر برغبته.
وسط هذا الوضع الضبابي، يواصل البلد انهياره، وقد وصل الى حدود خطيرة، دون ان يكون بين هذه المنظومة المتحكمة احد يسعى جدياً لانتخاب رئيس، يكون على مستوى المرحلة ويتمتع بالكفاءة والنظافة ويعمل من اجل المصلحة الوطنية والمواطنين، بمعزل عن مصالحه الخاصة. لذلك يواجه اللبنانيون مشكلة تصعّب حياتهم وتجعلها مستحيلة، والمسؤولية غائبة تماماً. فالبلد بلا مسؤولين والشعب متروك لقدره، والمافيات تنشط في كل اتجاه. وكان السلاح الماضي الذي صلت فوق رؤوس المواطنين، الدولار نجم هذه المرحلة السوداء من عمر الوطن. فقد بلغ سعر صرفه في السوق السوداء حدود الخمسين الف ليرة، ولم يكن التجار والمتاجرون بحياة الناس ينتظرون افضل من هذه الفرصة، فهبت الاسعار بارقام خيالية تخطت المعقول والقدرة الشرائية للمواطنين بدرجات، وزادت الازمة استفحالاً في فترة الاعياد، فانزوى السواد الاعظم من المواطنين في منازلهم غير قادرين على الاحتفال ولو رمزياً بهذه المناسبات السعيدة، التي كانوا ينتظرونها من سنة الى سنة. ولولا ان المغتربين ما زالوا يحنون على وطنهم واهلهم ويمدونهم بالعملة الخضراء، لكان ضحايا الجوع فاق عددهم ضحايا الجوع في الحرب العالمية. وكانت موضع استغراب القوة التي تتمتع بها المافيات، والتي استطاعت ان تدفع سعر صرف الدولار صعوداً رغم الاموال التي ضخها المغتربون في السوق. ازاء هذه الحالة عمد مصرف لبنان الى رفع سعر صيرفة سبعة الاف ليرة لبنانية دفعة واحدة وفتح ابوابه وابواب المصارف امام الراغبين بالشراء، دون شروط ودون سقف، ففاجأ بذلك المافيات وهبط سعر الدولار اربعة الاف ليرة دفعة واحدة.
لماذا ارتفع سعر صرف الدولار ووصل الى حدود الخمسين الف ليرة؟ يقول الخبراء الماليون ان هناك اسباباً عدة ساهم فيها مصرف لبنان والتجار والمصارف والمافيا المتلاعبة بحياة الناس. فمصرف لبنان سابق الكل في شراء الدولارات، وجمع مبالغ كبرى. قابله التجار كما دخل على الخط التجار السوريون الذين كانوا يشترون العملة الخضراء من البقاع. يضاف الى ذلك حجم الاستيراد الذي وصل في الاشهر الاحد عشر من هذه السنة الى حوالي 18 مليار دولار وهو رقم مرتفع جداً ويفوق حجمه في السنوات الماضية. ويعزو بعض الخبراء السبب الى ان لبنان يستورد لبلدين لبنان وسوريا. فالتهريب ناشط بصورة كبيرة، والمسؤولية غائبة فلا رقيب ولا حسيب ولا من يضبط المعابر ويوقف هذا النزف المدمر.
امام هذا التدهور الخطير جداً، لا بد من ان يعود الجميع، وخصوصاً النواب الذين انتخبهم الشعب للدفاع عن قضاياه، الى ضمائرهم، فيتخلوا عن مصالحهم ومصالح زعمائهم، ويتطلعوا الى الشعب والحالة التي وصل اليها، ويسارعوا الى انتخاب رئيس يعيد اعمار ما تهدم سياسياً واقتصادياً ومالياً. فالتلاعب في اسعار الدولار ليس حلاً وان اعطى نتيجة فورية، لانه سرعان ما سيعود الى ارتفاعه. مع العلم ان رفع سعر الصيرفة بهذا الشكل سينعكس على فواتير الهاتف الخلوي وفواتير الكهرباء التي رفعت تعرفتها دون زيادة في التيار والدواء وغيرها. بحيث ان المواطن يدفع الثمن دائماً سواء ارتفع الدولار او هبط. فالى متى سيستمر تدمير الانسان اللبناني؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق