سياسة لبنانيةلبنانيات

حملات داخلية وخارجية ضد الطبقة الفاسدة واسيادها في ابراجهم العاجية لا يسمعون

زوار بكركي ينقلون عن البطريرك وجود مساع لانتخاب رئيس في الجلسة النيابية المقبلة

مرّ عيد الميلاد حزيناً كئيباً بسبب اداء السياسيين الذين سودوا حياة اللبنايين ولا يزالون مسترسلين في غيهم. وخيم الجمود السياسي. فالنواب والوزراء والحكومة ككل تعبوا من كثرة ما عملوا في تدمير هذا البلد، وصعبوا العيش فيه، فاخذوا عطلة طويلة بدأت منذ اوائل هذا الشهر وهي مستمرة الى ما بعد رأس السنة. فلماذا الاستعجال فالبلاد في نظرهم بالف خير لان مصالحهم مؤمنة. فماذا يهم ان كان المواطنون يعانون؟ وحده رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل كان ناشطاً في اتجاهات متعددة، بدأت بلقاء بينه وبين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ونجله تيمور. التصاريح المعلنة عن هذا اللقاء افادت بانه تم الاتفاق على العمل معاً من اجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يتمتع بالمواصفات اللازمة، وتشكيل حكومة فاعلة تعاونه على انهاض البلد. كذلك تردد وفق انباء صحافية ان باسيل التقى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، عشية اللقاء التشاوري الذي حضره النواب المحسوبون على التيار، والذين قاطعوا جلسة مجلس الوزراء. كما التقى وفقاً للمصادر الصحافية عينها، الوزير السابق سليمان فرنجية في منزل صديق مشترك، وكان اتفاق على عدم البحث في ملف رئاسة الجمهورية. ولم يصدر اي تأكيد او نفي لحصول هذين اللقاءين. وكان باسيل قد اعلن انه سيتحرك في كل الاتجاهات من اجل الوصول الى اتفاق ينهي الشغور في رئاسة الجمهورية.
النواب لم يتأثروا بكل الانتقادات التي وجهت اليهم لتخليهم عن مسؤوليتهم في انتخاب رئيس للجمهورية، وذهبوا في عطلة طويلة، بعد اخر جلسة هزلية معيبة، عقدت لانتخاب رئيس للجمهورية، فاذا بها تنتهي بلا نتيجة فعلى مدى تسع جلسات سبقتها وكانت هي العاشرة اختتمت بها فصول المسرحية التي اساءت الى رئاسة الجمهورية والى الدستور والى الوطن والى المواطنين الذين انتخبوا هؤلاء النواب ووضعوا ثقتهم بهم، فلم يكونوا على قدر هذه الثقة، فاثاروا غضب الداخل والخارج وقد تجلى ذلك في العظات الدينية التي عمت الكنائس بمناسبة عيد الميلاد المجيد. فبطريرك الموارنة بشاره الراعي القى عظة شديدة اللهجة حمل فيها على انانيات النواب وتخليهم عن مسؤولياتهم وقال ان الكبرياء يمنع السياسيين من التلاقي والتحاور من اجل الخروج من ازمة انتخاب رئيس، فيما انين الشعب الجائع والمقهور لا يبلغ اذان قلوبهم وضمائرهم. فاين هم في وجه الرحمة الذي انكشف لنا في الميلاد. ودعاهم الى ان يكفوا عن تعطيل انتخاب رئيس لكي تعود الحياة الطبيعية الى المؤسسات الدستورية وتخرج البلاد من ازمتها الاقتصادية والمالية القاتلة والشعب من فقره وحرمانه وقهره.
اما المطران عودة فسأل الى متى السكوت عن تعطيل الدولة والاستخفاف بالواجبات وقهر الناس؟ الى متى التغاضي عن التجاوزات والتساهل مع التعدي على صلاحيات الدولة والسكوت عن السلاح المنتشر، وعن كل جريمة ترتكب؟ هل هكذا تبنى الاوطان وتحصّن؟ والى متى التآمر على التحقيق في جريمة المرفأ والى متى تعطيل التحقيق وتهريب الحقيقة منعاً للعدالة؟
هذا على صعيد الداخل ولا يختلف الوضع في الخارج. فبعد التصريح الذي ادلى به الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وحمل فيه بشدة على المسؤولين اللبنانيين الذين يتآمرون على شعبهم كما قال، داعياً اياهم الى الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية وتنفيذ الاصلاحات، كانت كلمة للبابا فرنسيس الذي خص بلدنا في عظته الميلادية قائلاً: «ربي ساعد لبنان لينهض بدعم من الهيئات الدولية والمحبة والتأخس».
كل الدول المحبة للبنان عينها عليه، الا الذين يفترض فيهم ان يعملوا من اجل عزته، فرواد الطبقة السياسية في واد، جالسين في ابراجهم العاجية متمتعين، بكل وسائل الراحة والرفاهية، ولذلك لم يعودوا يسمعون انين الشعب الذي دمروا حياته وحولوها الى جهنم، غير مبالين بما يدور حولهم. الكل يتحدثون عن مبادرات بعد فترة الاعياد، الا ان الشعب لا يصدق كل ما يقال، بعدما فقد ثقته بهذا الطبقة الفاسدة وهو يدرك تماماً انه لا امل في اي تغيير او اصلاح على ايدي فئة من السياسيين، تخلت عن القيم والمبادىء الاخلاقية، في سبيل مصالحها الخاصة، ولو كانت حقاً على قدر المسؤولية التي القاها المواطنون على كاهلها، فهل كانوا يتركون البلد اشهراً بلا رئيس للجمهورية، فيما الشعب يئن ويجوع ويقهر؟ ان الامل الوحيد الباقي جهة خارجية عادلة لا مصلحة لها ولا اطماع، تمد يداً مخلصة وتنتشل الوطن والمواطنين من اتون النار وتساعدهم على التخلص من هذه الطبقة الفاسدة، لتحل محلها اخرى تتمتع بالكفاءة والنزاهة ونظافة الكف وفي ما عدا ذلك خداع وغش.
خيط امل رفيع نقله زوار بكركي عن البطريرك ان هناك مساعي لانتخاب رئيس للجمهورية في اول جلسة للمجلس النيابي تعقد بعد رأس السنة. فهل تصدق النوايا ويعود النواب الى ضمائرهم، ام انهم مستمرون في الاصغاء الى اوامر زعمائهم. التجارب علمتنا الا نثق بهم ولكن فلننتظر لنرى كيف ستسير الامور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق