سياسة لبنانيةلبنانيات

الدول الفاعلة كلها تنادي بانتخاب رئيس واذان المجلس النيابي صماء لا تسمع

لبنان يتقدم بسرعة نحو الكارثة الحقيقية اذا استمرت المنظومة في تجاهلها

يعود المجلس النيابي هذا الاسبوع الى عقد الجلسات الفاشلة في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فيعقد يوم الخميس المقبل جلسة لا تختلف عن الجلسات السابقة، اوراق بيضاء في الدورة الاولى وتعطيل النصاب بعدها، متجاهلاً الفراغ القاتل الذي يزيد الوضع المهترىء سوءاً وانهياراً، رغم كل النداءات العربية والدولية التي تحذر من الوصول الى الكارثة، في حال استمر هذا التخلي النيابي عن القيام بالواجبات التي يلقيها الدستور على النواب، الذين يظهرون لا مبالاة قاتلة بمصلحة البلد واهله.
بعد النداء الذي وجهته القمة العربية التي انعقدت في الجزائر الاسبوع الماضي، وبعد النداءات الداخلية التي برزت في اجتماع الاونيسكو من اجل الطائف، يوم السبت الماضي، لم يحرك النواب ساكناً ولم يتجاوبوا مع اي نداء، فكأن الامر لا يعنيهم، واستمرت الكتل النيابية على مواقفها، المعارضة معارضات، كل واحدة تتطلع الى اهدافها دون الالتفات الى مصلحة البلاد، وفريق المنظومة على مواقفه يقترع بالورقة البيضاء ثم يعطل النصاب ويرجىء رئيس المجلس نبيه بري الجلسة اسبوعاً اخر. وهكذا دواليك دون ان يبرز اي تحرك يؤشر الى تغيير في المواقف.
بعد البيان الثلاثي الاميركي – الفرنسي – السعودي الذي دعا الى انتخاب رئيس جديد للبنان، وبعد النداءات المتكررة من الامم المتحدة والدول المانحة، وبعد النداءات الشعبية والهيئات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها، وكلها تطالب بوضع حد للفراغ القاتل، وتشكيل حكومة تنفذ بسرعة الاصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بتلبية الشروط للنهوض بلبنان من كبوته، وبعد هذا التجاهل الكامل من قبل المسؤولين اللبنانيين لكل هذه النداءات، دخلت امس الولايات المتحدة بشكل لافت على خط الازمة اللبنانية، رغم انشغالها بانتخابات نصف الولاية ورغم الحرب الروسية على اوكرانيا وانعكاساتها، فاعلنت بلسان مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط باربارا ليف ان الوضع في لبنان قد يزداد سوءاً مع فراغ غير مسبوق في السلطة. فلا رئيس جمهورية ولا حكومة كاملة المواصفات… وقالت ان الدولة ينخرها الفساد، وحذرت من تحمل الشعب اللبناني المزيد من الالم، واكدت وجود اهتمامات مشتركة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية بشأن لبنان، قائلة ان المملكة التي ابتعدت في المدة الاخيرة عن لبنان قد تعود. وتحدثت عن الاصلاحات لتوقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وانتقدت قول البعض ممن لهم مصالح خاصة، بان المليارات الثلاثة التي سيدفعها الصندوق لن تؤثر، مشيرين الى النفط بعد توقيع اتفاق ترسيم الحدود وقالت ان هذه الثروة تحتاج الى سنوات لاستخراجها وليست مالاً في البنك. كذلك اشارت وزيرة الخارجية الفرنسية في مؤتمر صحفي في نيويورك، على هامش الجمعية العامة للامم المتحدة الى «اننا كررنا دعوة المسؤولين اللبنانيين كي يتصرفوا بمسؤولية وكي يستجيبوا لطلب اللبنانيين».
واشارت الى ان «صيغة الدعوة جاءت بطريقة غير مسبوقة اي ببيان مشترك بين فرنسا واميركا والسعودية، موضحة ان الدول الثلاث ذكرت بان الانتخابات يجب ان تجري وفق الروزنامة التي حددها الدستور وبان الاصلاحات يجب ان تجري وان تسمح بالتوقيع الكامل مع صندوق النقد الدولي»، معتبرة ان هذا الاتفاق لا بد منه بالنسبة الى لبنان، بالنظر الى الوضع الاقتصادي الهش الذي يعيشه.
يتبين من كل ذلك ان العالم وبالرغم من القضايا المهمة على الساحة الدولية من حرب روسيا على اوكرانيا الى مشاكل الغذاء والنفط والغاز وغيرها، لا يزال لبنان يتمتع باهتمام دولي كبير. وحدهم نواب الامة الذين انتخبهم الشعب ليرعوا مصالحه، تناسوا وعودهم وهم منصرفون مع المنظومة التي ترعى مصالحهم ومصالحها، الى البحث عن المكاسب التي يمكن ان يجنوها.. كل هذا الفساد يجري امام اعين الناس وهم لا يزالون صامتين فالى متى؟ هل بلغ الاستسلام هذا الحد القاتل. ان غياب المحاسبة يمكن ان يؤدي الى كارثة اكبر بكثير من جهنم التي يرزحون فيها، وقد يضيع البلد برمته. فالى متى السكوت؟ المواطنون وحدهم يملكون مفاتيح الحل، فهل يستخدمونها قبل ضياع لبنان، فيثورون بوجه هذا الفساد الذي اصبح حديث العالم ويخلعون هذه الطبقة السياسية ويأتون الى مواقع المسؤولية باشخاص من ذوي كفاءة ونظافة كف يعيدون اعمار البلد على اسس صحيحة، لا تدخل فيها المصالح الخاصة التي حولت لبنان من سويسرا الشرق الى جهنم؟ اننا لمنتظرون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق