سياسة لبنانيةلبنانيات

هل صحيح ان الحكومة تتهرب من المسؤولية وتحمل المودعين والمصارف الخسائر؟

الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي بعد الانتخابات لتحرير النواب من المحاسبة

سلسلة مواضيع كانت على جدول اعمال مجلس الوزراء الذي انعقد امس في السرايا الحكومية، برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، لعل ابرزها، خطة الكهرباء التي تقدم بها وزير الطاقة وليد فياض، وهي تتعلق بالمباشرة في اجراء استدراج العروض لبناء معملين لانتاج الكهرباء، واحد في الزهراني والثاني في دير عمار. وقد وافق مجلس الوزراء على الخطة، واصبح بالامكان التفاوض مع الشركات الكبرى لتحقيق هذا المشروع سريعاً.
بعد الجلسة تحدث الرئيس ميقاتي فاكد ان الانتخابات ستحصل في موعدها المحدد في 15 ايار، وكل ما يقال خلاف ذلك ليس صحيحاً. فالحكومة ستقوم بكل ما يلزم لتمرير هذا الاستحقاق الدستوري، وان وزير الداخلية منكب على هذا الملف. هذا وقد وقع ميقاتي مراسيم تمويل الانتخابات، واحالها الى القصر الجمهوري ليوقعها رئيس الجمهورية، وتنشر في الجريدة الرسمية.
في نهاية هذا الاسبوع تنهي بعثة صندوق النقد الدولي زيارتها الى لبنان وقد استمرت اسبوعين، قابلت خلالها المسؤولين وعدداً من الفاعليات الاقتصادية والمصرفية والمجتمع المدني. وعلم انه سيتم التوقيع المبدئي بين الحكومة والصندوق قبل ان تغادر البعثة، على ان يتم التوقيع النهائي بعد الانتخابات. وفي هذا الصدد قال الرئيس ميقاتي ان تقدماً سجل في الملفات الاساسية المتعلقة بخطة التعافي. وهذه المواضيع باتت معروفة وهي الموازنة والكابيتال كونترول والتدقيق الجنائي وهيكلة المصارف. وهي ملفات لا يمكن ان يقاربها النواب قبل الانتخابات، لانها تؤثر على حملاتهم الانتخابية. كيف لا؟ وقد تردد ان الحكومة برأت نفسها من كل الخسائر، وحملت المودعين والمصارف العبء، وهذا تجّن لا يقبله عقل او منطق. فالحكومة ومن ورائها المنظومة، هي التي انفقت وبددت وهدرت اموال الخزينة، فيما كان المواطنون يعانون من السياسات الخاطئة المتبعة. فكيف يعقل ان تأتي الحكومة اليوم وتقول نحن انفقنا، وعليكم تسديد الخسارة التي تسببنا بها؟ لقد اعتاد المسؤولون في كل مرة يرتكبون الاخطاء ويقعون في المشاكل، ان يلجأوا الى جيوب المواطنين، حتى افرغوها من اخر قرش فيها. ولم يكتفوا بذلك بل ساعدوا المصارف على حجز اموال المودعين التي لم تعد موجودة اصلاً. فمن يحاسب؟ هل هم النواب ممثلو الشعب، وقد غابوا عن السمع والبصر طوال سنوات الازمة، فلم يسمع لهم صوت، يحاسب المتورطين، لا بل اكثر من ذلك سهلوا تهريب الاموال الى الخارج، بامتناعهم عن اقرار الكابيتال كونترول قبل سنتين ونصف السنة ففتحوا المجال امام المنظومة واصحاب رؤوس الاموال الكبيرة لتهريبها الى الخارج.
قبل ايام اطل نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، ليعلن ان الدولة والمصرف المركزي مفلسان، فاثار بذلك ضجة كبيرة في الداخل والخارج وعبثاً حاول المسؤولون تحوير هذا الكلام، لانه زرع الشك في النفوس. يقول بعض الخبراء ان هذا التصريح ربما كان مقصوداً، ليفسح في المجال امام الحكومة لتتهرب من تحمل الخسائر التي تسببت بها، وتحملها للمواطن الذي نهب جنى عمره، وضاع مستقبله ومستقبل عياله، رغم ان لا دخل له بالملف بتاتاً.
ان الحكومة بدل ان تفتش عن وسائل لضرب المواطن وتحمله ما ليس مسؤولاً عنه، عليها على العكس ان تهتم بشؤونه وتعمل على انقاذه من هذه الازمات القاتلة التي تنصب على رأسه، وقد فاقت كل التصورات، حتى ان احد الوزراء، كما تسرب من جلسة مجلس الوزراء الاخيرة، سأل لماذا نحن باقون هنا ولا نستطيع تأمين دواء لمرضى السرطان؟ يكفي ما سببناه للمواطن من اذلال وقهر، ان في المحروقات او المواد الغذائية او الاسعار، او الكهرباء او المياه. فاذا كان الوزراء يقولون ذلك فكيف بالمواطن الذي تنهال الضربات على رأسه. ولم يعد امامه من باب يلجأ اليه. فالمعارضة التي علق عليها الامال لتغيير هذا الواقع الاليم انقسمت على نفسها وشكلت عشرات اللوائح لتنافس بعضها البعض في الانتخابات بدل ان تنافس المنظومة التي اذلتها. فكيف السبيل الى الخلاص؟
ان تأجيل الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي الى ما بعد الانتخابات يعود الى ان المنظومة تريد تحرير النواب من المحاسبة في صناديق الاقتراع. وبعد الانتخابات يصبحون قادرين على تلبية رغباتها واطلاق ايديهم في توقيع ما يطلب منهم. هذا الواقع الاليم الذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، لا خلاص منه وهذا ما يزيد من تعاسة والم المواطنين، ويدفعهم الى المزيد من الهجرة، حتى كاد البلد يفلس من رجاله وشبابه وكفاءاته. فخدمة لمن كل هذا؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق