سياسة لبنانيةلبنانيات

قراءة هادئة في المعركة الانتخابية المقبلة من خلال اللوائح المئة والثلاث

المرأة تنزل الى الساحة، والمعارضة تنقسم وتنافس ذاتها والاصوات السنية مضعضعة

تشكلت اللوائح الانتخابية وانصرف المرشحون الى المعركة، التي يبدو انها ستكون حامية، نـظراً لعدد اللوائح وعدد الراغبين في خوض هذا الاستحقاق، الذي يتميز بطابع خاص هذه السنة نظراً لاهميته. مئة وثلاث لوائح والف ومرشح، بينهم 118 امرأة، وهو رقم قياسي تسجله النساء هذه المرة. وهنا قراءة سريعة في الموضوع.
يثبت رقم النساء اللواتي قررن التلرشح، انهن قطعن الامل في الحصول على حقوقهن، من رجال لا تهمهم سوى مصلحتهم، فبعد ان تعثر قانون الكوتا النسائية، قررن النزول الى المعركة بانفسهن، عملاً بالمثل القائل «ما حك جلدك الا ظفرك». وهذه نقطة سوداء في تاريخ الرجل اللبناني والسلطة اللبنانية. فلبنان الذي كان من اول الدول العربية التي اعطت المرأة حقوق الانتخاب، اصبح في المؤخرة لجهة دعم حقها في الترشح. فنتمنى للمرشحات كامل الحظوظ للوصول الى الندوة البرلمانية علهن يهتمن بشؤون الناخبين التي داس عليها الرجال.
النقطة الثانية في هذه القراءة هي عدد الوائح، وهذا عائد الى تشرذم المعارضة، التي بدل ان تتوحد في لوائح مشتركة، وتحقق فوزاً اكيداً، وتضع اول لبنة في بناء لبنان المستقبل، الذي دمرته المنظومة على مدى السنين الماضية، واوصلته الى جهنم، انقسمت على ذاتها واصبح كل فريق منها ينفرد في تشكيل لائحة له. وهكذا لم تعد معركة المعارضة موجهة ضد المنظومة، التي استطاعت تنظيم صفوفها، وشكلت لوائح موحدة في وجه المعارضة المنقسمة، بل ان المعركة اصبحت بين اللوائح المعارضة. تنافس بعضها. فسقطت الثورة، وسقطت الشعارات التي لم تخرج عن كونها عبارات فارغة لا معنى لها.
ويقول احد المراقبين، والذي يعلن اسفه الشديد على شرذمة المعارضة، التي اصبحت خسارتها حتمية، وهي ان نجحت في بعض الدوائر فبعدد قليل، لا يستطيع ان يغير شيئاً، في سياسة الطبقة السياسية – يقول ان هناك شائعات حول ان المنظومة دست عناصرها في صفوف المعارضة، فعملوا على تفكيكها ومنعها من التوحد. والهدف بالطبع افشالها كما افشلوا الثورة، عندما كانت تدخل على الخط عناصر مخربة، تدعي انها تريد الاصلاح، فتعمد الى رشق القوى الامنية بالحجارة، وتفتعل الشغب حتى ترغم المشاركين الحقيقيين على الانكفاء والعودة الى منازلهم، دون ان يحققوا الغاية من نزولهم السلمي الى الشارع. لقد كان على المعارضة والثوار الحقيقيين التنبه الى هذه المكائد، فيزدادوا اتحاداً وتضامناً، الا انهم فعلوا العكس، وهذا ما اصبح مؤكداً انه سيخسرهم المعركة، وستبقى المنظومة متربعة على عرشها واماكنها، والخسارة على الشعب اللبناني الضحية.
النقطة الثالثة هي الفراغ الكبير الذي تركه اعتكاف الرئيس سعد الحريري، والانسحاب من الحياة السياسية. فترك قراره بلبلة وفوضى على الساحة السنية، وفتح شهية الكثيرين على خوض المعركة الانتخابية، وانتزاع ارث تيار المستقبل وجمهوره. فكان هذا العدد الكبير من المرشحين السنة. ويثبت هذا الواقع ان الرئيس سعد الحريري هو زعيم الساحة السنية بلا منازع، مهما اشتدت عليه الضغوط، واستطاعت في وقت من الاوقات ان تحرفه عن خطه، وهذا ما ساهم في تأليب بعض القوى المساندة له على الانقلاب عليه. الا ان الخاسر الاكبر سيكون الطائفة السنية الكريمة التي ستفقد تمثيلها الصحيح في البرلمان، وتفقد كلمتها في الامور المصيرية. وحسناً فعل الرئيس فؤاد السنيورة في محاولته لملمة الوضع، وعدم ترك الساحة للاطراف الاخرى، التي تحاول كسب اصوات الناخبين السنة لصالحها.
هذه ملاحظات سجلناها ونحن نراجع اللوائح الانتخابية ولم يعد امامنا سوى التمني بان يتنبه الناخبون الى كل هذه الامور، فيتجاوزوها ويقفوا امام صندوق الاقتراع وفي ضميرهم قضية واحدة هي التغيير، والتخلص من طبقة عملت على مدى سنوات طويلة في ضرب الكيان اللبناني ومستقبله، واخرجته عن خطه الطبيعي، وسارت به في دروب وعرة لا تشبهه، لا يمكنه السير فيها. ما كتب قد كتب ولم يعد بالامكان تبديل شيء. واصبح الاتكال على الناخبين. ونتمنى الا يخيبوا الامال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق