افتتاحية

وهل يصلح العطار ما افسده السياسيون؟

انعقاد الامم المتحدة في هذا الوقت بالذات شكل فرصة ثمينة لرئيس مجلس الوزراء تمام سلام، فكسر طوق الازمات التي تحاصره هو وحكومته وسافر الى نيويورك، بعيداً عن المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والامنية، علّ الايام تحمل له عند العودة بريقاً من امل بحل هذه العقد المستعصية.
ووقف الرئيس سلام على منبر الامم المتحدة يخاطب العالم، ولكن ماذا تراه قال؟
هل اخبرهم ان لبنان هذا البلد الذي كان اشبه بجنة على الارض حوله نفر ممن يدعون السياسة، وهم ابعد ما يكونون عن فنونها واسرارها، الى جحيم يكتوي بناره مواطنون مغلبون على امرهم؟
هل اخبرهم ان لبنان الذي كان يسمى سويسرا الشرق، هو بفضل هؤلاء «السياسيين» بلا رئيس منذ 28 شهراً، والحبل على الجرار؟
هل اخبرهم ان لبنان بلد السياحة والاصطياف حولوا مدينته وشوارعها ومدن الاصطياف كافة الى مكبات للنفايات طمرت المنازل والمواطنين ونشرت الامراض في كل مكان، وقد حالت الصفقات والمحاصصات دون ايجاد حل لها، وتحولت النفايات الى مشكلة مستعصية الحل، فيما هي في بلاد الناس امر طبيعي لا يخطر على بال؟
هل اخبرهم ان التدهور السياسي ادى الى فساد لا مثيل له، فتكدست الاموال في خزائن عدد من العاملين في الصفقات، وهم نفر من الجشعين، فيما يعاني معظم الشعب اللبناني من الفقر والجوع والعوز؟
هل اخبرهم ان الانفلات السياسي ادى الى تدهور امني، فكثرت الجرائم وسادت شريعة الغاب، حتى بات القضاء عاجزاً عن احقاق الحق، بفضل هؤلاء السياسيين الفاسدين الذين يمارسون كل انواع الضغوط، لمنع تطبيق القانون واحقاق العدالة؟
هل اخبرهم ان الشلل يسود جميع مؤسسات الدولة من رئاسة الجمهورية الى مجلس النواب الى مجلس الوزراء؟
هل اخبرهم ان سوء ادارة هذه الطبقة التي لا يعترف بها اللبنانيون وهي لا تمثلهم، ادى الى اجتياح النازحين واللاجئين ارض الوطن، حتى فاق عددهم المليوني شخص، اي اكثر من نصف الشعب اللبناني، فدخل معهم نفر غير قليل من الارهابيين، عاثوا في الارض فساداً، فارتكبوا الجرائم والسرقات والتعديات. حتى غصت بهم السجون، والدولة واقفة تتفرج، دون ان تقدم على خطوة واحدة تحد من هذا الدفق البشري الذي هدد الكيان.
هل اخبرهم ان هؤلاء النازحين واللاجئين نافسوا اللبناني في معيشته، وحلوا مكانه في الشركات والمؤسسات التجارية والمحلات الكبيرة والصغيرة، فعمت البطالة في صفوف اللبنانيين، حتى بلغت حوالي 40 بالمئة، وزاد الفقر وبات المواطنون عاجزين عن مواجهة مصاعب الحياة. كل هذا والدولة مشلولة لا تقدم على حماية ابنائها من هذا الاجتياح الذي بات يهدد الوطن في مصيره، فان كانت الدولة غير قادرة، او لا تريد ان تحمي مواطنيها، فالى من يلجأون؟
واذا بقينا نعدد المشاكل التي يتوجب على الرئيس سلام عرضها على العالم لاحتجنا الى خطاب يستغرق القاؤه شهراً كاملاً، ولذلك نتوقف نحن عن التعداد. ولكننا نقول للرئيس تمام سلام ان العالم استضعف لبنان فالقى بحمل النازحين واللاجئين الثقيل على كتفيه، لان حكومتنا كالنعجة لا يعلو لها صوت. الاردن بلد النزوح، حصل على دعم كبير من العالم مقابل ايوائه عدداً من المهجرين وكذلك فعلت تركيا، لا بل انها تحكمت باوروبا وبالغرب وحصلت على ما تريد، فنأمل من الرئيس تمام سلام الا يرضى بمساعدات هي اشبه بالفتات يلقونها الى لبنان ليستمر في قبول هذا الوضع المزري ويبعد عنهم شبحه، بل عليه ان ينتفض ولو لمرة واحدة، ويطالب باعادة توزيع هؤلاء النازحين على الدول القادرة اقتصادياً ومساحة وامكانات، فينزل العبء الثقيل عن صدره، وتسوى الامور، وفي ما عدا ذلك فان لبنان سائر الى الخراب، ولا عجب من ذلك في ظل هذا الطقم السياسي الفاسد.
الرئيس سلام قال ما يجب قوله في قضية النازحين، ولكن هل يصلح العطار ما افسده العالم، بادارة ظهره الى لبنان، واهماله الحرب السورية التي يعمل على اطالة امدها لغايات معروفة وما افسده سياسيو لبنان على الصعيد الداخلي، فباتوا على وشك تدمير وطنهم نهائياً، سعياً وراء مصالح خاصة لا تمت الى المصلحة الوطنية بصلة. لبنان ضحية الداخل والخارج معاً فمن يحميه؟

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق