سياسة لبنانية

«داعش» في مخيم عين الحلوة

ترصد الأجهزة الأمنية اللبنانية نشاطاً متزايداً للخلايا التي تدور في فلك تنظيم «داعش»، وتحديداً في الفترة التي تلت نشر هذا التنظيم أول إصدار رسمي له عن لبنان في آذار (مارس) الفائت بعنوان «يا أحفاد الصحابة في لبنان» الصادر عن المكتب الإعلامي في الرقة… وقد تصاعد الحديث عن تغلغل مجموعات إرهابية في بعض أحياء مخيم عين الحلوة، بعدما ثبت أن ثمة قيادات تعمل على تنسيق مباشر مع تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» في سوريا. وأبلغت القيادات الأمنية مسؤولي المخيمات ما يشبه دق ناقوس الخطر والتحذير من تحويل عين الحلوة الى بؤرة للتكفيريين والقيام بتهديد الاستقرار في صيدا ومحيطها…
وأفادت معلومات بأن عماد ياسين المتواري في عين الحلوة سيكون الذراع لتنظيم «الدولة الإسلامية»، الذي كلفه بالإعداد لعمليات أمنية في الداخل اللبناني. وذكر مرجع أمني أن الاتصالات بين الرقة ولبنان تكثفت خلال الأسابيع الأخيرة (منذ شهر رمضان)، وكشف عن رصد الأجهزة الأمنية تواصلاً بين قيادي في «الدولة الإسلامية» موجود في الرقة، يُعرف بلقب «أبو خالد العراقي» ويعتقد أنه مسؤول العمليات الخارجية في التنظيم، ومطلوبين متوارين في حي الطوارىء في عين الحلوة، برز بينهم ياسين.
ويذكر المرجع أن الرصد التقني بيّن أن التواصل بدأ منذ قرابة ثلاثة أشهر، مشيراً إلى أن الغاية إحداث تفجيرات وتوترات أمنية تعزز حال الفوضى التي تسهّل حركة عناصر التنظيم، فضلاً عن إمكانية استثمارها إعلامياً انتصاراً لـ «دولة الخلافة التي تقاتل العالم مجتمعاً». وذكرت المعلومات أنه إلى جانب ياسين برز اسم هلال هلال، كاشفة أن الأخير يلعب دور المسؤول الشرعي للمجموعة التي تدور في فلك تنظيم «داعش».
وفي المعلومات أن الأجهزة الأمنية اللبنانية زوّدت الفصائل الفلسطينية بمعطيات وقرائن تعزز شكوكاً لديها بأن بعضاً من المنتمين السابقين الى «عصبة الانصار» والمقيمين في حي الطوارىء باتوا يوالون تنظيم «داعش» وهم على صلة بمسؤول العمليات الخارجية في التنظيم المدعو أبو خالد البغدادي ومركزه مدينة الرقة السورية، وأنهم نسقوا معه حول إمكان القيام بعمليات في مناطق لبنانية. وجاءت التحذيرات الأمنية من تطورات خطيرة في المخيم بعد أن تبيّن للجهات اللبنانية المعنية أن حالة من الاسترخاء الأمني غير المبرر تسود في أوساط القوى الفلسطينية، واللقاء السياسي الأمني اللبناني – الفلسطيني الذي عقد في ثكنة محمد زغيب العسكرية في صيدا مؤخراً لم يحمل الكثير من بواعث الاطمئنان حول قدرة هذه القوى على مواجهة أي قرار «داعشي» باستباحة المخيم. وإذا كانت رسالة القيادة العسكرية واضحة بمنع استخدام المخيمات معبراً أو قاعدة لانطلاق عمليات أمنية، فإن السؤال هو حول كيفية منع حصول ذلك؟
ولفتت تلك الأوساط الى أن ما تبذله القوى الفلسطينية لمنع حصول أي فلتان أمني أو اقتتال داخلي أو فتنة، نجح حتى الآن لسبب بسيط وهو أن الطرف الآخر لا يريد افتعال توتر أمني في هذه المرحلة. وما نشر عن تفاهم بين استخبارات الجيش والقوى الفلسطينية على بذل المزيد من الجهود لتحصين الأمن في المخيم والجوار والتنسيق في كل القضايا ذات اهتمام مشترك، ليس إلا الوجه الحسن من تحذير شديد اللهجة من قيادة الجيش وصل الى من يعنيهم الأمر داخل المخيم بضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة تمنع أي شخص من العبث بأمن المخيم أو تنفيذ أي عمل أمني خارجه، وضرورة أن تتحمل جميع القوى كامل مسؤولياتها…
قبل أسبوع زار وفد من الفصائل الفلسطينية المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم وبحث معه في أوضاع مخيم عين الحلوة، وسط مخاوف من تفلت الأوضاع فيه، خصوصاً مع تنامي التيارات الإسلامية المتشددة داخله وتحوله الى ملجأ للإرهابيين الفارين من العدالة، وعلى رأسهم فضل شاكر وشادي المولوي وغيرهما. وأكدت معلومات «أن ابرهيم حذر الفصائل من خطورة الأوضاع داخل المخيم، ووصفها ببرميل بارود قد ينفجر في أي لحظة، ما لم تسارع الفصائل الى احتواء الأمر. وبحسب مصدر مشارك في الاجتماع، إن المدير العام للأمن العام شبه المخيم بمخيم نهر البارد قبل اتساع نفوذ «فتح الإسلام» وسيطرتها عليه، الى أن اندلعت المعارك مع الجيش اللبناني الذي دفع عشرات الشهداء والجرحى لإنهاء ظاهرة «فتح الاسلام».
حتى الآن لم يقدم الفلسطينيون ما يدفع الى الاطمئنان بأن المخيم قادر على الصمود أمام أي محاولة جدية من المتطرفين للسيطرة عليه، وما يزيد القلق أن القوى الفلسطينية تبدو عاجزة حتى عن تسليم عدد من المطلوبين الى السلطات اللبنانية…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق