افتتاحية

لا تتفاءلوا بالنفط طالما هو في عهدة وزارة الطاقة

هلل اللبنانيون الاسبوع الماضي وهم يسمعون ان ملف النفط سلك طريقه الى التنفيذ، بعد خلافات وجدالات استمرت سنوات، وكادت ان تضيع هذه الثروة، خصوصاً وان اسرائيل، المجاورة حقولها للحقول اللبنانية، بدأت العمل منذ سنوات على استخراج الغاز وراحت تعقد الصفقات، واستغلت المصالحة مع تركيا، لاعادة تصدر غازها الى اوروبا عبر الاراضي التركية.
ولكن هل ان الفرحة في محلها؟ وهل صحيح ان لبنان سيستثمر ثرواته النفطية، وهي باب خلاص للخروج من الازمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف به؟ نحن لسنا متفائلين لان هذا الملف هو في عهدة وزارة الطاقة، التي فشلت في حل ازمة الكهرباء. بعد حوالي ثلاثين سنة من انتهاء الحرب، وبعدما استنزفت خزينة الدولة وكلفتها اكثر من 25 مليار دولار. فالوضع يسير من سيء الى اسوأ، والمعاناة التي عايشها المواطن خلال الصيف الماضي من جراء انقطاع التيار الكهربائي المستمر، ها هي الازمة تعود خلال هذا الصيف وبكل قوة حتى بتنا نترحم على معاناة الماضي. لماذا؟ لان الوزارة لم تنجز مشروعاً واحداً يساهم في تحسين الوضع المتردي.
هذه الوزارة فشلت ايضاً في تحسين وضع المياه، وايصالها الى المنازل، رغم وفرة هذه المادة الحيوية في اراضينا. غير ان وزارة الطاقة وبدل استغلال هذه الثروة، عبر بناء السدود واقامة المشاريع، فانها تتركها تذهب هدراً الى البحر، حتى صح فينا قول الشاعر
كالعيس في البيداء يقتلها الظما
والماء فوق ظهورها محمول.
هل نحن نبالغ في وصف فشل وزارة الطاقة؟ كلا! واليكم وصف يوم من يوميات هذه الوزارة. انقطعت المياه عن منطقة الرميل ستة ايام متتالية، لا علم ولا خبر ولا بيان من الشركة يشرح للمواطنين ما يجري. فقررت الذهاب الى شركة المياه لاستطلاع الخبر، وفي نيتي ان اكل العنب لا ان اقتل الناطور… ولا اريد افتعال مشكلة مع احد. دخلت الى احد المكاتب وانتظرت ان يشعر الموظف بوجودي فيكلمني، ولكنه لم يفعل، فتدخلت وكلمته بكل هدوء فسألني عن مطلبي، فرويت له اننا نعاني من انقطاع المياه منذ ستة ايام فلماذا؟ ويبدو ان هذا الموظف لما له من خبرة في زحلقة الناس، شعر بانني لست صاحب مشاكل، خصوصاً وكنت هادثاً غير منفعل. فاعتقد انني شخص ساذج بسيط، فقال لي نعم يا استاذ نحن نعمل لكي نعطيكم المياه 24 ساعة على 24، لذلك عليكم ان تطولوا بالكم حتى ينتهي العمل (وهنا تذكرت 24 على 24 الكهرباء التي بدل اعطائنا النور اغرقنا في الظلام). ولما سألته عن المدة التي سيتسغرقها هذا المشروع، قال لا اعلم، ولكن عليكم الانتظار، متجاهلاً اننا في تموز، وان المياه مادة ضرورية للحياة ولا يمكن العيش بدونها ومن يمنعها عن الناس يكون يقتلهم. ولما تبين لي ان الوصول الى نتيجة معه مستحيل، انصرفت وانا افكر باستشارة محام ليشرح لي عن الطريقة القانونية التي يمكننا بوساطتها الحصول على حقوقنا.
وصلت الى البيت فرأيت جاري واقفاً امام الباب وهو يبتسم فقال لي اين كنت، فاجبته بانني كنت في شركة المياه واخبرته بما حصل معي، فانفجر ضاحكاً وقال لي يا اخي اسلوبك لا ينفع مع موظفي وزارة، اخذت على عاتقها مسؤولية قهر الناس. واخبرني انه ذهب هو ايضاً الى الشركة ووقف بين الموظفين وراح يصرخ ويلعن ويشتم. ثم خاطب الموظفات هناك وقال لهن اليس لديكن عائلات الا تدخلن الحمام انتن واولادكن، الا تستخدمن الماء. الا تغسلن وجهوكن فماذا تفعلن لو قطعت المياه عنكن ستة ايام؟
ساد صمت في القاعة، وفجأة خرج احد العمال وامسك بيد جاري واصطحبه الى مركز العيار المقفل، ولا نعرف بامر من اقفل، ففتحه وقال له اذهب الى البيت وبعد ساعة تصل المياه. وهكذا كان. حقاً ان لغة الهدوء لا تنفع ولغة جاري كانت افعل واعادت الينا حقوقنا المسلوبة.
لم تنته الامور عند هذا الحد. ففي مساء ذلك اليوم قطع التيار الكهربائي في غير الموعد الذي حددته شركة الكهرباء نفسها. فهي تتجاوز كل القوانين بما في ذلك قرار مجلس الوزراء. وبعد ساعتين ونصف الساعة عاد التيار ولكنه لم يكن منتظماً وراح يتلاعب على هواه فاحترق المكيف واحترق البراد وبسرعة كبيرة بحيث لم اتمكن من الوصول اليهما لفصلهما عن التيار. فالى من نشتكي، ومن يعوض علينا خسائرنا.
نعتبر هذا المقال بمثابة اخبار الى الوزير الجالس فوق ينظر الينا من عليائه ونطلب منه بان يقوم بالتحقيق ليكشف من يقطع المياه عن الرميل، ومقابل اي ثمن؟ ولماذا؟ كما نطلب الى كل المعنيين ان يحققوا في هذه الشكوى لعل الحق يصل ولو مرة واحدة الى اصحابه.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق