افتتاحية

مجلس… في خدمة المنظومة

منذ ايام عقد المجلس النيابي جلسة عنوانها مناقشة النزوح السوري. وجاءت تلبية لرغبة الرئيس ميقاتي. على الفور لبى الرئيس نبيه بري الطلب ووجهت الدعوة. فتبين في نهايتها ان الهدف الرئيسي والاساسي منها افساح المجال امام الرئيس ميقاتي للرد على منتقديه الذين اتهموه بان قبوله مليار يورو من الاتحاد الاوروبي هو بمثابة رشوة. فادلى ببيان مطول في بداية الجلسة برأ نفسه من كل الاتهامات التي وجهت اليه. اما المناقشات فسادها هرج ومرج وانتهت بتوصية وصفت بانها لزوم ما لا يلزم، خصوصاً انها بلا مفعول وليست ملزمة للحكومة، فضلاً عن انها صادرة عن لجنة لا تمثل كل الكتل النيابية، مع ان قضية بهذه الاهمية يجب ان تناقش في الهيئة العامة للمجلس ويجري التصويت عليها حسب الاصول. حتى انها لم تجر مناقشتها، مما دفع بعض النواب الى القول «لا نعلم على ماذا صوتنا».

مرة جديدة يؤكد هذا المجلس ان مهمته الاساسية خدمة المنظومة، لا خدمة الشعب الذي انتخب اعضاءه. فهو مثلاً لا يجتمع لانتخاب رئيس للجمهورية، وهذه اولى مهامه، ويحرم الدستور عليه قبل ذلك التشريع، لانه هيئة ناخبة ويستمر بهذه الصفة الى ان ينجز هذا الاستحقاق الدستوري الرئيسي. الا ان عدم احترام الدستور اصبح امراً طبيعياً، كلما اقتضت مصلحة المنظومة ذلك. وامعاناً في خرق الدستور وعدم التقيد بنصوصه، اجتمع المجلس النيابي مثلاً وصوت على التمديد للمجالس البلدية والاختيارية للمرة الثالثة، رغم الحاجة، وخصوصاً الشعبية، الى انتخابات تجدد البلديات وتحيي الاخرى المنحلة، وعددها يفوق المئة، فضلاً عن بلديات معطلة. كما ان هناك بلدات وقرى فقدت مخاتيرها ولا يستطيع المواطنون انجاز معاملاتهم. كل ذلك لان المنظومة لا تريد اجراء الانتخابات، لئلا تنكشف امام الرأي العام، بانها فقدت تأييد الناخبين. ازاء هذا الواقع يمكن القول ان المجلس النيابي هو المسؤول عن تعطيل البلد. لماذا؟ المعروف ان رئيس الجمهورية هو المحرك لكل المرافق والادارات. ولكن امتناع النواب عن القيام بواجبهم الشعبي والدستوري يشل كل القطاعات. فالدولة بلا رأس وبالتالي لا يمكن تشكيل حكومة شرعية فاعلة تمسك بالوضع وتنهض بالبلد. اذا دعي هذا المجلس الى الاجتماع لاقرار قانون يخدم السلطة والمنظومة لا يتأخر عن تلبية الطلب. اما خدمة البلد والشعب فليست واردة في حسابه والا لماذا لا يتوجه النواب الى المجلس ولا يخرجون منه الا وقد انتخبوا رئيساً؟ من المعيب حقاً ان سفراء دول عربية واجنبية يتنقلون بين السياسيين لترميم الوضع المنهار في هذا البلد المنكوب، ونوابنا يديرون ظهورهم وكأن الامر لا يعنيهم. ومن حق المواطنين ان يسألوا، هل ان المجلس النيابي هو لخدمتهم والحفاظ على مصلحة البلد، ام انه مؤسسة خاصة هدفها حماية المنظومة وسلطتها؟ ان الفرصة مؤاتية اليوم لتصحيح هذا الخلل. لقد وضعت اللجنة الخماسية خريطة طريق واضحة لتأمين انتخاب رئيس في غضون ايام قليلة، ودعم هذا الموقف مؤتمر القمة العربية، فاما ان يتلقف المجلس النيابي المبادرة بما فيها من خير للبنان وللشعب، واما يكون هناك قرار بترك البلد ينهار وعندها سيدفع الجميع الثمن.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق