أبرز الأخباراضواء و مشاهير

شارل ازنافور… قصة حياة غنية جداً

اكثر من الف وثلاثماية اغنية واكثر من مئة مليون اسطوانة (سي دي) بيعت في الاسواق. هذا هو شارل ازنافور الاسطورة الحقيقية الحية. هو الذي انتخبته تايم ماغازين «فنان القرن العشرين» ووصفته سي ان ان بانه «اهم مغني منوعات في القرن العشرين». يتمتع بلطافة كبيرة، صريح، صادق يقول دائماً ما يفكر فيه. لم يتردد في ان يقول لنا في نهاية لقائنا معه: «سأكشف لكم سراً. لقد كنت دائماً خجولاً جداً ولا ازال في الكثير من المناسبات.

في السويت الواقع في الطبقة الاحدى والعشرين من فندق فور سيزون في بيروت الذي ينزل فيه، استقبلنا شارل ازنافور. ترك الطاولة التي كان يجلس عليها واستقر في كنبة. المقابلة الخاصة التي حدد لها عشرون دقيقة للـ «الاسبوع العربي» الالكتروني امتدت الى اربعين دقيقة. قبالة البحر الذي كان يتماوج بشكل رائع امام اعيننا وامام اعجابنا قال لنا: «انتم الذين تستفيدون من هذا المنظر اما انا فعابر سبيل». «الاسبوع العربي» الالكتروني  عاد به الى البدايات، الاشخاص الذين طبعوا حياته، علاقته بارمينيا، نظرته الى مسيحيي الشرق ومواضيع اخرى كانت محور اللقاء.

بدأ شارل ازنافور العمل في الفن وهو في التاسعة من عمره ولما بلغ العاشرة والنصف ترك المدرسة «لان المدرسة كانت مدفوعة بعد شهادة السرتيفيكا». «لم يكن اهلي يملكون الامكانيات لارسالي الى مدرسة او معهد خاص. وكان عليه ان يحصل كل الدروس، ومن الصعب ان يتعلم المرء لوحده ما لم يعلمه اياه المعلمون».


اديث بياف طبعت حياة شارل ازنافور. كان يعتبرها «صديقة، ملهمة، ونموذجاً ايضاً». «كانت واحدة من ثلاثي هو مثال لي في حياتي وهم: شارل ترينيت، موريس شوفالييه، واديث بياف. انهم الاشخاص الذين كانوا الاكثر تأثيراً في حياتي. وبعدها انا اثرت بالاخرين».

قال ازنافور بصراحته المعروفة. عندما سألناه ما هي اجمل اغانيه اجاب متلعثماً: «لا اعرف فهذا ليس مهماً على كل حال. المهم هو ما يحبه الجمهور». خلال حياته الفنية الطويلة اجتاز شارل ازنافور مراحل عدة. تحدث عن الحب بجميع اشكاله. الحب الابوي، والحب الامومي، الحب التعيس، الحب الممنوع، المثلية. ومع ذلك لم يكن رجل اغانيه التي لم تكن لتتكلم عنه. «كتبت نصوصاً لا علاقة لها بي. تحدثت عن المثلية دون ان اكون مثلياً، وعن الذين لا يسمعون جيداً دون ان اكون واحداً منهم. طبعاً اليوم لم اعد اسمع جيداً ولكن في زمن ظهور هذه الاغنية كنت اسمع افضل. كتبت عن الطفيليين وانما لست كذلك، وايضاً عن 43 قضية اجتماعية. الشيء الوحيد الذي اقر به هو ربما انني اقود السيارة بسرعة كبيرة، اما الباقي فلا يشبهني ابداً».
عالم المهرجانات التجارية هو عالم لا يعرفه مطلقاً. «قابلت شخصيات كبيرة لم يكن لها علاقة بالمهرجانات التجارية، فالاسم تجاري والتجاري لا يعنيني ابداً». عندما رجونا ازنافور ليكلمنا عن حبه او نساء حياته اجاب بكل بساطة: «لا يتكلمون عن ذلك عندي. انه ليس ارمنياً ان نتحدث عن هذه الامور، وفي هذه الحالة انا ارمني جداً. نحن شرقيون انه موضوع لا يعني احداً».

بالرغم من الشهرة والمجد، شارل ازنافور قريب جداً من اهله وعائلته هي الاهم بالنسبة اليه. عادة ترافقه ابنته في رحلاته. انه واحد من اولئك الذين يعتقدون انه يجب الا ننتظر الموت لنترك بعض الاششياء الى الاهل. «من الافضل العطاء ونحن على قيد الحياة».
نجاحه الكبير هو بلا شك مهنته. «نجحت في مهنتي وهذا نجاح ولد مهاجر. انت تعلمين تركيا لا تملك عشر نجاح الارمن في العالم. لقد قضوا على عباقرتنا ومع ذلك ليس هناك مغن او مؤلف تركي واحد كبير في العالم. واقول ان هناك كاتباً او اثنين».
الفشل، عرفه كما كل الناس، وما هو الابرز في حياته؟ «لا اذكر فانا امحو من ذاكرتي ما لا يرضيني كما انني امحو الاشخاص الذين لا يعنون لي ويريدون ان يكونوا حاضرين ابداً». بالنسبة اليه انه امر سهل التحقيق. «يبدو لنا صعباً لاننا لم نتعلمه، لان اهلنا ربونا بلطافة حول هذا الموضوع». ما هي اكبر سعادة بالنسبة اليه؟ «العائلة اولاً ثم مهنتي». اجاب ازنافور بلا اي تردد. ويشغل الاصدقاء حيزاً كبيراً في حياة ازنافور. «الاصدقاء عندما يكونون حقيقيين يصبحون جزءاً من العائلة. لا اراهم مختلفين عن اهلي». صديقه الكبير على مدى سنوات طويلة كان تيد لابدوس الذي رحل عن هذه الدنيا. فرد مالا الذي كان صوت رفاق الاغنية. اديث بياف وشخصان اخران ليسا معروفين كثيراً ويعتبرون بالنسبة الي جزءاً من العائلة». الضحك لا يغيب ابداً عن حياة المغني. «كل شيء يجعلني اضحك. حياة بلا فكاهة ليست حياة. على العكس لا احب السوقية ولكنني لا اخاف الكلمات الكبيرة». اسم طبع بشكل خاص ازنافور انه: «جورج غارفارنتز. «كان لدي ثلاثة مؤلفين في حياتي. بيار روش، جيلبير بيكو، مؤلف شاب تعرفت عليه عند اديث بياف وجورج غارفارنتز الاكثر فعالية من الاخرين. بعدها لم يكن لدي مؤلفون فانا اؤلف اغنياتي بنفسي».
الديو او الثنائي كان لدي الكثير في حياتي مع اشهر اسماء العصر. ولكن من هو الذي كان يفضل ان يعمل ديو معه ولم يحصل؟ «مع راي شارل. كنا صديقين جداً وكان لديه ولد ارمني. الديو المفضل لدي هو الاول الذي اجريته مع بيار روش وقدمناه على مدى ثماني سنوات في نيويورك، باريس، مونتريال. فهناك شعرت بلذة الديو».
رغم سنواته الواحدة والتسعين يتمتع شارل ازنافور بحيوية بارزة. ما هو سر حيويته؟
«انها نابعة من زمن لم نكن نعمل فيه شيئاً، والخروج من اللاشيء يتطلب طاقة. ومنذ ذلك الحين وانا رجل حيوي. لم نكن يوماً بؤساء ولكننا عرفنا الفقر. عندما لا يملك الفقير الطاقة لا يمكنه ان يفعل الكثير.
اول شيء يفكر فيه صباحاً هو التزين، ثم التمارين. «لا اتناول فطوري قبل ان ارتدي ملابسي وارتب نفسي تماماً. لا اتصور نفسي اقابل زوجتي بشعر منبوش وعين دامعة. اريد ان اكون على اخر طراز. فبعد خمسين سنة من الزواج يصبح هذا الامر مهماً جداً». ليس لديه الوقت ليفكر في شيء قبل ان يخلد الى النوم لان لديه ساعتين من العمل قبل النوم. «اتعلم شيئاً لان ليس لدي ذاكرة قوية واقرأ ساعة».
يعتبر شارل ازنافور حالة خاصة جداً في عالم الفن، بطريقة تفكيره في الامور والمحافظة عليها. «انا مغرم بالماضي، فهو خزان رائع للكتابة». هناك علاقة اخرى تميزه: حبه للطبيعة البشرية، «احب قريبي وهنا انا قريب من الكاثوليك. لست كاثوليكياً ولكنني كنت احد افراد جوقة في كنيسة كاثوليكية».

انا اعمل لفرنسا اقل مما افعله لارمينيا. ولكن من اجل فرنسا اصطحب الفرنسي اينما كنت في العالم


السياسة، شارل ازنافور لا يبالي بها مطلقاً. «اسافر دائماً الى ارمينيا مع رجل دولة فرنسي اياً يكن لونه السياسي لا يهمني. اعرف ان هذا قائم ولكن انا لا ابالي». انا فرنسي. الشعب صوت لرئيس. انه رئيسي اياً يكن لونه السياسي. لا احب الاشخاص الطائفيين. هذا محزن، انه لا يزعج احداً». لا يصوت للسياسة بل للشخص الذي يراه كفوءاً لقيادة فرنسا. «عندما قلت للرئيس فرانسوا هولاند لم اكن من حزبك ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة واجابني هذا ليس له اي اهمية. وكان على حق. انا رجل حر وسأبقى كذلك حتى موتي او ربما بعد ذلك حتى. كتبت المواضيع التي اريدها، حتى ولو اعترضت زوجتي، لا تكتب هذا. قلت الاشياء التي لا نقولها في الاغاني. تحدثت عن رائحة الابط، وعن السلوليت وعن البروستات. لماذا نخاف الاشياء».
هذا الرجل الذي وصفته الصحافة كـ «صغير جداً وقبيح وذي صوت مخيف» هو اسطورة واحد من اكبر مغنيي العالم. كيف يرى نفسه؟ «هناك من قالوا انه يجب منع المخلعين من الصعود الى المسرح». ليس لدى شارل ازنافور الكبير روح الانتقام «لست ممن يحبون الانتقام ولكنني على العكس اريد رؤية هؤلاء الاشخاص الذين قالوا او كتبوا عني. وكان اخرهم شخص كتب انني اودع وهذا ازعجني. لم اقل ذلك يوماً. عندما اقوم بوداعي اقول ذلك، او ربما لا اقول. سنرى ذلك في حينه. لدينا الوقت.

جويل سيف

لدينا رب واحد
حدثنا عن ارتباطك بارمينيا؟
انه ليس ارتباطاً. انه ما يجب على كل ارمني ان يفعله عبر العالم. اخذ نموذجاً اصدقائي اليهود. انهم كلهم لاسرائيل حتى وان كانوا ليسوا متفقين معها. انهم يعملون كلهم من اجل هذا البلد. هناك مشاريع كبيرة يمكن تنفيذها لارمينيا وهي اتية من الخارج خصوصاً الولايات المتحدة. كيرك كركوريان اعطى الكثير لارمينيا. وهناك مشاريع اعمارية. كثير من الاشخاص قدموا للمتاحف اشياء اسعارها تشكل ثروة. فوق منزلي في يرفان متحفان يضمان اعمالاً ذات قيمة كبيرة علينا ان نجعل هذا البلد الذي هو اصلنا بلداً يتطلع اليه الجميع بتعجب. يجب ان يتساءل الناس كيف عملوا كل هذا. انا اعمل لفرنسا اقل مما افعله لارمينيا. ولكن من اجل فرنسا اصطحب الفرنسي اينما كنت في العالم.
ما رأيك بوضع المسيحيين في الشرق؟
في عائلتنا خمسة اديان: الاسلام، اليهود، البروتستانت، الكاثوليك والارمن الارثوذكس. ولا مرة قيلت كلمة واحدة ضد اي منها. اصطحبت عائلتي وصهري الذي تزوج وفق الديانة الاسلامية في ارمينيا، الى كنيسة صغيرة وزوجته ارمينياً ايضاً. لنا رب واحد. فلا يزعج احدنا الاخر. فانا فوق كل هذه الامور. شقيقتي تسكن في فرنسا، في مبناها مسلمون. انهم يهتمون بها افضل من عائلتها. كل واحد يعيش دينه. هو يصلي خمس مرات في اليوم واجد هذا طبيعياً. عندما يصومون رمضان تصوم اختي معهم. اقول للمسلمين حولي يجب ان يتعلم الصغار العربية. يجب الا ينسوا لغتهم الاصلية. عندما نصبح كلنا هكذا يتغير العالم وليس عندما ندخل في صراع مع الدين، والحدود واللغة. اننا في القرن الحادي والعشرين وعلينا ان نتصرف كشعب ناضج وليس كشعب قاصر. في اسطوانتي المقبلة اغنية ادخلت فيها عبارة «ايها الاديان احبك كلك وانا اصر على ذلك. انا محاط بمسلمين وبيهود ولست ضد السامية انا مؤيد للسامية. لا اتكلم عن اسرائيل بل عن اليهود. لا اخلط بين اسرائيل واليهود. ليس الامر الشيء عينه، وليس الشعب نفسه. لهم دين واحد يتمسكون به وهم على حق. وانا لدي ديني واتمسك به وانا على حق.
كيف ترى لبنان هذا البلد الذي تعرفه منذ زمن طويل؟
في الواقع لا اعرف لبنان، اعرف اللبنانيين. ولكي اتعرف على لبنان يجب الذهاب الى الطبيعة، والتحدث الى الناس الذين لا يتكلمون الفرنسية. اليوم زرت السراي الكبير. وهذه اول مرة ازور مكاناً ما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق