أبرز الأخبارسياسة عربية

ليبيا: البرلمان يحتمي بمنظومة الحرب ضد الارهاب، وحفتر يعلن هدنة مؤقتة

يبدو ان الجدل حول الشرعية في ليبيا، دخل مرحلة جديدة اقل ما يمكن ان يقال فيها انها مؤشر على تعمق الازمة، وبلوغها مرحلة متقدمة.
فكل اطراف الصراع يدعون الشرعية. وكل منها يصر على احتكار الحقيقة. ويحاول الدخول من بوابات المجتمع الدولي كسباً للشرعية. بينما تتواصل المواجهات ويرتفع عدد القتلى. فحتى بعض مشاريع «الهدنة» فشلت، وتوقفت عند حد معين.

«المؤتمر الوطني» بدأ صراع الشرعية، من خلال جلسته الاولى التي عقدها متسلحاً بقرار المحكمة الدستورية. بينما وجه البرلمان المنتخب حديثاً رسالة الى العالم يذكر فيها بانه يشارك في الحرب ضد الارهاب. ويطلب الدعم من تلك الزاوية.
فقد بدأ المؤتمر الوطني العام في ليبيا – الثلاثاء – أولى جلساته بعد قرار المحكمة العليا مطلع الشهر الجاري ببطلان انتخاب مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق.
وناقش المؤتمر في هذه الجلسة التي تعقد في طرابلس الأوضاع القانونية لأعضائه المستقيلين والمتغيبين الذين أعلنوا في وسائل الإعلام رفضهم لحكم المحكمة العليا، كما ناقش وضع الأسس العملية لاستئناف الحوار الوطني.
وبحث المجلس الإجراءات اللازمة للدخول إلى المناطق المنكوبة خصوصاً مدينة بنغازي في الشرق وككلة في الجبل الغربي، من أجل تأمين إدخال مساعدات للسكان وفتح ممرات آمنة لإجلاء المرضى والمصابين.

قوة ردع
وفي أول اجتماع له بعد قرار المحكمة العليا حل ما يعرف بـ «مجلس النواب» – كلف المؤتمر الوطني العام في ليبيا رئاسة الأركان العامة بإرسال قوة لردع من سمّاهم الانقلابيين في كل من ككلة وبنغازي وأوباري. واعتبر المؤتمر أن ما يجري في ككلة وبنغازي وأوباري جرائم ضد الإنسانية. كما حجب الثقة عن رئيس البعثة الليبية في الأمم المتحدة إبرهيم الدباشي، وفوّض رئاسة المؤتمر ووزارة الخارجية تكليف رئيس جديد للبعثة.
لكنه سبق ان عقد جلسة تحضيرية قبل عشرة أيام لتسيير الميزانية المتوقفة وقضايا أخرى.
يشار إلى أن ليبيا تشهد أزمة سياسية توجت في أيار (مايو) الماضي بعمليات عسكرية بدأها اللواء المتقاعد خليفة حفتر تحت مسمى «عملية الكرامة» ضد من يسميهم الإرهابيين.  وعادت السلطة التشريعية إلى المؤتمر الوطني العام بعدما أبطلت في 6  تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري المحكمة العليا انتخابات مجلس النواب التي جرت في 25 حزيران (يونيو)، وبالتالي الحكومة المنبثقة عنه برئاسة عبدالله الثني في مدينة طبرق شرقي البلاد. وبالتالي تعود الشرعية إلى حكومة عمر الحاسي المنبثقة عن المؤتمر الوطني العام.
في المقابل، دعا البرلمان الليبي المنتخب في 26 حزيران (يونيو) المجتمع الدولي الى تحديد موقف صريح وعلني من الحرب التي يخوضها الجيش الوطني الليبي وقوات اللواء المتقاعد من الجيش خليفة حفتر على الإرهاب.

نداء البرلمان
وقال البرلمان المعترف به من الأسرة الدولية في بيان تلاه المتحدث الرسمي باسمه فرج بوهاشم إننا «نتوجه إلى المجتمع الدولي وهو يخوض حرباً جديدة على الإرهاب والتطرف بأن يبين موقفه الصريح والعلني من حربنا على الإرهاب في ليبيا والتي يخوضها الجيش الليبي تحت مسمى عملية الكرامة بقيادة اللواء خليفة حفتر».
وأضاف البرلمان أن هذه الحرب تأتي وفق آلية قانونية محلية لا يقبل ولا يسمح لأي تدخل أجنبي فيها.
واطلق حفتر «عملية الكرامة» في 16 ايار (مايو) لـ «محاربة الإرهاب في بلاده»، لكنه وجد نفسه في مواجهة حلف من الاسلاميين المتشددين وآخرين أكثر اعتدالاً من الثوار السابقين الذين ساهموا في اطاحة معمر القذافي وشكلوا «مجلس شورى ثوار بنغازي».
وتمكن الاسلاميون في بادىء الأمر من دحر قوات حفتر إلى تخوم بنغازي وأفرغوا المدينة من أي تواجد لرجال الجيش والشرطة بعد سيطرتهم على معظم المعسكرات ومراكز الشرطة.
لكن هؤلاء المقاتلين الإسلاميين تقهقروا مجدداً وعادوا للتحصن في مناطق آهلة وسط المدينة بعد انطلاق الحملة الثانية لحفتر التي لاقت دعما شعبيا واسعا وهو ما ضيق الخناق على الاسلاميين.
وحفتر الذي وصفت حملته الأولى بأنها انقلاب، لقي مؤخراً اعترافاً صريحاً من السلطات التشريعية والتنفيذية في البلاد.
ونفذت قوات حفتر خلال الحملة الثانية التي انطلقت في 15 تشرين الأول (اكتوبر) لاستعادة بنغازي، عمليات دهم واسعة النطاق ألقت خلالها القبض على عدد من القادة الإسلاميين إضافة إلى تدمير بيوتهم وقتل العديد منهم ومحاصرة البقية.
وخشية تضمينهم في قوائم الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ومحكمة الجنايات الدولية ضمن «مجرمي الحرب الذين تشملهم العقوبات والملاحقات القانونية»، أكد البرلمان في بيانه الأحد أن عملية الكرامة وقادتها، عملية عسكرية شرعية تابعة لرئاسة الأركان العامة للجيش والحكومة الليبية المؤقتة، وأنها استمدت شرعيتها وتستمدها من الشعب الليبي.
وأشار البرلمان إلى أن الجيش الوطني الليبي يخوض مع الشعب كتفاً بكتف الحرب على الإرهاب ليس نيابة عن الشعب الليبي فقط بل عن العالم الحر والقيم الإنسانية ومباديء الدين الحنيف.
وشدد على أنه يؤكد مجدداً على دعمه المطلق للجيش ورئاسة الأركان المنتخبة والمخولة باستكمال هيئة الاركان التي تمثل مجلسا عسكريا في عرف دول أخرى، وفي إطار الدول الديمقراطية والتي تحترم المسار الديمقراطي وإرادة الشعوب، فقط وحصراً عبر صناديق الاقتراع.

مظاهرات طبرق
وكانت مدينة طبرق شهدت مظاهرات تطالب مجلس النواب بإنشاء مجلس عسكري للبلد بقيادة حفتر وإلغاء قرار أصدره المؤتمر الوطني العام (البرلمان المنتهية ولايته) يقضي بتقاعد عدد من كبار ضباط الجيش من بينهم حفتر وقائد سلاحه الجوي العميد صقر الجروشي.
وأكد أن مجلس النواب اختار مدينة طبرق مقراً حتى لا يكون مسلوب الإرادة أو مقيد او مجبراً تحت أي ضغوط كانت شعبية أم عسكرية.
ميدانياً، أطبقت قوات الجيش والقوات الموالية للواء حفتر على المجموعات الإسلامية داخل مدينة بنغازي بعد أن تمكنت وحدات من الجيش من قطع خط الإمدادات التي تصل لهذه المليشيات من مناطق غرب ليبيا عبر ميناء قنفودة (المريسة)  شمال غرب بنغازي.
وكان مجلس النواب الليبي، المعترف به من الأسرة الدولية، اعلن مدينة بنغازي «مدينة منكوبة»، تبعته حكومة الانقاذ الوطني الموازية برئاسة عمر الحاسي والتي تسيطر على العاصمة طرابلس دون اعتراف دولي باعتبار المدينة «منكوبة» كذلك.

هدنة حفتر
في السياق اعلنت القوات التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر هدنة من جانب واحد يتوقف فيها القتال مع قوات مجلس شورى ثوار بنغازي، وتأتي الهدنة  في حين يتهيأ المؤتمر الوطني العام في ليبيا لإرسال قوة لردع من سمّاهم الانقلابيين.
وقالت قوات حفتر في بيان لها  إن الهدنة ستبدأ من السابعة من مساء امس الأربعاء وإن إطلاق النار جواً وبراً وبحراً سيتوقف لمدة اثنتي عشرة ساعة، وطلبت ممن سمتهم «شباب المناطق» وهم المسلحون المدنيون الموالون لها مساعدة قواتها في دعم هذه الهدنة.
وذكرت قوات حفتر في بيانها أن إعلان هذه الهدنة تم بالتشاور مع مبعوث الأمم المتحدة في ليبيا والمبعوث البريطاني.
وبحسب البيان فإن هذه الهدنة تأتي على خلفية الظروف الإنسانية بالمناطق التي تشهد قتالا بين الطرفين مما يعطي الفرصة للهلال الأحمر الليبي ليجلي المدنيين عن مناطق القتال وينتشل الجثث ويسعف الجرحى.
وكانت بنغازي قد شهدت اشتباكات عنيفة وقصفت قوات حفتر ما يعتقد أنها مواقع لمقاتلي مجلس شورى ثوار بنغازي والمسلحين الموالين لهم وسط المدينة، كما شهد محيط حي لبنان بمنطقة قاريونس اشتباكات بالأسلحة الخفيفة.
وفي الأثناء، اندلعت اشتباكات – الثلاثاء – وسط المدينة بين قوات موالية لحفتر وقوات مجلس شورى ثوار بنغازي. وألحقت الاشتباكات أضراراً بالمباني السكنية خاصة في شارع عمرو بن العاص، وهو من أشهر شوارع وسط المدينة. وشهدت منطقة الليثي جنوب بنغازي تبادلا لإطلاق النار بين قوات حفتر وقوات الثوار. وكانت مصادر طبية في بنغازي قد ذكرت في وقت سابق أن المعارك وأعمال عنف متفرقة في المدينة وإعدامات خارج إطار القانون، أوقعت – منذ 15  تشرين الأول (اكتوبر) الماضي – أكثر من 350 قتيلاً، بينهم مدنيون وما يزيد على مائتي مقاتل من قوات حفتر.
وقدرت المفوضية السامية للأمم المتحدة أن القتال العنيف بين الجماعات المسلحة المتناحرة في مختلف مناطق ليبيا أجبر أكثر من مائة ألف شخص على الفرار من منازلهم خلال تشرين الأول (اكتوبر) الماضي.

ا. ح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق