أبرز الأخباردوليات

المناقشات تراوح مكانها، والجدل يبدد التفاؤل: سباق اللحظات الاخيرة للاتفاق النووي بين ايران والغرب

دخلت المحادثات النووية بين ايران والقوى العظمى سباق اللحظات الاخيرة، وانخرط المفاوضون في التفاصيل، في الايام الاخيرة من اجتماع فيينا بغية التوصل الى اتفاق تاريخي حول البرنامج النووي الايراني. وهو الاجتماع الذي بدأ في العاصمة العمانية مسقط، قبل ان ينتقل الى فيينا.

وتجري المباحثات بين دبلوماسيي مجموعة خمسة زائد واحد، التي تضم الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والمانيا مع دبلوماسيي الجمهورية الاسلامية للمرة الاولى في جلسة موسعة بعد محادثات ثنائية جرت قبل ذلك وفي اكثر من جولة.  وبحسب اجندة المباحثات المحددة مسبقا سيكون امام المتفاوضين فرصة حتى الرابع والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) للتوصل الى اتفاق.
والخلاف على الملف النووي الايراني تسبب بتوترات ذهبت الى حد توجيه تهديدات بالحرب يغذيها خصوصاً خوف تثيره «ايران نووية» لاسرائيل والدول العربية والخليجية. وتشترط ايران رفع العقوبات الشديدة التي تخنق اقتصادها فيما تطالب الدول الكبرى بان تحد طهران قدراتها النووية بشكل يجعل الخيار العسكري امراً مستحيلاً.
وتشير المعلومات المتسربة من اروقة اللقاء الى ان المفاوضات اصبحت بالغة التعقيد، ما يثير شكوكاً حول نتيجتها بعد سنة من الحوار المكثف.

نصف خطوة
وفي هذا السياق، يقول المفاوض الروسي سيرغي ريابكوف ان كل شيء رهن «بقرارات سياسية» من جانب كل الاطراف. ونقلت عنه وكالة ريا نوفوستي القول «نحن على بعد خطوة او حتى نصف خطوة من تسوية».
وكان وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف قد وعد بـ «بذل الجهود حتى اليوم الاخير»، واعتبر التوصل الى اتفاق امراً «ممكناً»  لكنه حذر محادثيه من طرح مطالب مبالغ بها. ودعا وزير الخارجية الاميركي جون كيري من جانبه طهران الى بذل كل الجهود الممكنة.
وقرر وزير الخارجية الاميركي تأجيل توجهه الى فيينا، حيث كان ينتظر وصوله في منتصف الاسبوع، على غرار الوزراء الاخرين في مجموعة خمسة زائد واحد بعد الاجتماعات الاولى التي عقدها الدبلوماسيون تحت اشراف وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبية السابقة كاثرين آشتون التي احتفظت بالمسؤولية عن هذا الملف.                          واتسمت التصريحات في الايام الاخيرة بالحذر من جانب كل الاطراف. وقال مصدر اميركي «ما زالت هناك هوة يجب ردمها، ولا نعلم بعد ان كنا سنتمكن من تحقيق ذلك».
ومن المفترض ان يبت المفاوضون مسالة قدرات تخصيب اليورانيوم، التي يمكن ان تحتفظ بها ايران بعد التوصل الى اتفاق. علما بان طهران تستخدم آلافاً من اجهزة الطرد المركزي القادرة على انتاج المادة الاولى لصنع القنبلة الذرية.
وضمن هذا الاطار، شددت مصادر غربية على ان ايران «يجب ان توافق على تقليص القدرات الحالية بشكل كبير» على ان تستفيد بعد ذلك من «تعاون حول النووي المدني».
كذلك فان مفاعل المياه الثقيلة في اراك وهو منشأة يمكن ان تنتج البلوتونيوم – وهي مادة اخرى يمكن استخدامها لصنع السلاح النووي – يعتبر من المسائل الاخرى المطروحة للمناقشة، الى جانب نظام التفتيش المفترض ان تقوم به الامم المتحدة وتخضع له ايران بعد التوصل الى اتفاق، وكذلك وتيرة رفع العقوبات. وحول هذه النقطة الاخيرة اخذ مصدر غربي على ايران انها تريد كل شيء على الفور، معتبراً ان ذلك «امر غير واقعي».

تطبيع العلاقات
ومن شأن اي اتفاق محتمل ان يفتح الطريق امام تطبيع العلاقات بين ايران والغرب وامام امكانية التعاون، خصوصاً مع واشنطن لمواجهة الازمات في العراق وسوريا. ويعتبر محللون انه سيخفف ايضاً من خطر الانتشار النووي في منطقة الشرق الاوسط. حتى ان اخرين يعتقدون انه في حال اعادة اندماج ايران في اللعبة الدولية، فذلك سيزيد من قلق جيرانها.
الى ذلك سيسمح التوصل الى اتفاق ايضاً لايران باعادة اطلاق اقتصادها، واستعادة مكانتها الكاملة في مصاف ابرز المنتجين للنفط في العالم.
لكن عدداً من المراقبين لا يتوقعون التوصل الى اتفاق نهائي في المهلة المحددة في الرابع والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر). بل انهم يرون ان الاكثر ترجيحاً ان تتوصل ايران ومجموعة الدول الست الى «اتفاق مرحلي» يسمح بتمديد المحادثات كما حصل في تموز (يوليو) الماضي.
ويرى محللون ان هذه الصيغة ستكون محفوفة بمخاطر جمة، وستطلق العنان لانتقادات الصقور لدى كل من الطرفين.
وبعد عام من العمل تنتظر ايران والقوى الكبرى موعداً نهائياً في الرابع والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) لاستكمال اتفاق سيحد من برنامج ايران النووي مقابل رفع العقوبات. وفيما ينتظر عقد جولة اخيرة من المفاوضات هذا الاسبوع، فشلت محادثات مسقط مؤخرا في تحقيق انفراج حول القضايا الهامة، ما ادى الى زيادة التوقع بان الموعد النهائي لن يسفر عن شيء.
بما ان احداً لا يريد ان يرى العملية تنهار، هناك حديث عن تمديد المفاوضات وتنظيم التقدم الكبير الذي تحقق حتى الان.
ينبغي الحفاظ على الزخم وفرص توقيع اتفاقية دائمة شاملة، واي شيء دون ذلك سيفضي الى ماساة. لقد اعتبر المجتمع الدولي برنامج ايران خطراً منذ يوم الكشف عنه في 2002. فيما تصر ايران على ان هدف برنامجها يقتصر على انتاج الطاقة النووية، اثار حجم نشاطه مخاوف بان طهران قد تنتج يوماً سلاحاً.
هنا يمكن القول ان اي اتفاق يحظى بالقبول يجب ان يبنى بحيث تعجز ايران عن عمل اضافة لبناء سلاح نووي دون ان يبلغ العالم تحذيراً كافياً لاجل التدخل.

فوائد الاتفاق
ويقدم الاتفاق الناجح فوائد للطرفين فالعقوبات على ايران سترفع تدريجياً مما يعزز اقتصاد البلاد ويفتح المجال لعودة ايران الى المجتمع الدولي. وبالتحقق الكافي، ستطمئن الاتفاقية العالم بان ايران مهتمة فقط بالطاقة النووية لا السلاح النووي ومن المحتمل التعاون بصدد تحديات اخرى مثل محاربة الدولة الاسلامية.
في التفاصيل ايضاً، تقول صحيفة نيويورك تايمز، ان العراقيل تكمن في رفض ايران تخفيض قدرتها لانتاج اليورانيوم المخصب الذي يستعمل في مفاعلات الطاقة والبحث العلمي وفي الاسلحة النووية. ويشير تقرير حديث للصحيفة ان ايران تنظر في تسوية ترسل بموجبها كثيراً من مخزون اليورانيوم الى روسيا لتحويله الى قضبان وقود متخصصة اذا توصلت الى اتفاق نووي اوسع مع الغرب. وستبني روسيا لايران مفاعلين للطاقة النووية – احدهما يعمل بالفعل في بوشهر – مع احتمال بناء ستة اخرى بعد ذلك. هذه الخطوات ستطمئن ايران ان حاجاتها من الطاقة ستلبى وانها لن تحتاج قدرة تخصيب يورانيوم على نطاق صناعي.
وبحسب الصحيفة، ستعطي هذه الترتيبات الولايات المتحدة وشركاءها – روسيا وفرنسا وبريطانيا والمانيا والصين – مرونة اكبر حول عدد اجهزة الطرد المركزي المستعملة في عملية التخصيب التي يمكن لايران مواصلة استعمالها. فلدى ايران نحو 19 الف الة طرد مركزي، تعمل منها عشرة الاف ومائتي آلة.
واقترحت القوى الكبرى بداية الحد من اجهزة الطرد المركزي العاملة في ايران الى الف وخمسمئة ومن ثم زيادتها الى اربعة الاف. لكن ايران رفضت اي تقليص. ومن المشكلات العالقة ايضاً مدى سرعة رفع العقوبات الاقتصادية وما اذا كان سيتاح للمفتشين الدوليين الحرية لزيارة المنشات المشبوهة.
وتقول الصحيفة، ان عواقب الفشل في التوصل لاتفاق ستكون خطيرة ومنها اضعاف الرئيس الايراني حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، الذي يعد معتدلاً في ايران والذي خاض كالرئيس اوباما مخاطرة سياسية بمحاولة انجاح الاتفاق.

اتفاق مؤقت
ولقرابة عام، اذعنت ايران لاتفاق مؤقت يجمد برنامجها النووي. وتمنح هذه التجربة بعض الامل بان ايران، تسير ضمن برنامج تحقق صارم، ستتمكن من تلبية متطلبات اتفاق دائم. وتقول، ان الرئيس اوباما اتخذ خطوة صحيحة حديثاً حين كتب الى زعيم ايران الاعلى اية الله خامنئي لتحفيزه على عقد اتفاق نووي. وتقول، ان على الرؤساء الاخرين المساهمة ايضاً فهذه الاتفاقية اهم بكثير من ان يضيعها احد – بحسب ما تشير الصحيفة -.
الى ذلك، ذكرت وسائل الإعلام الاثنين أن وزير الشؤون الخارجية في سلطنة عُمان يوسف بن عبدالله بن علوي قام مساء الأحد بزيارة خاطفة إلى طهران.  وجاءت الزيارة بعيد جولة مفاوضات نووية بين إيران والدول العظمى استضافتها السلطنة.
وخلال هذه الزيارة، التي استغرقت بضع ساعات، التقى بن علوي نظيره محمد جواد ظريف والرئيس الإيراني حسن روحاني. لكن لم ترشح أي معلومات عن فحوى المحادثات.
واستضافت سلطنة عُمان، التي تقيم علاقات طيبة مع طهران وواشنطن، ثلاثة أيام من المحادثات الثنائية بين الطرفين برعاية الاتحاد الأوروبي، ثم بين مسؤولين سياسيين كبار من إيران ومجموعة خمسة زائد واحد.
واتفق الطرفان على مهلة تنتهي في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) للتوصل إلى اتفاق شامل حول ملف البرنامج النووي الإيراني المثير للخلاف، والذي يسمم علاقاتهما منذ أكثر من عشر سنوات. وفي ختام المحادثات في مسقط، صرح نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أنه «متفائل نسبياً» بإمكانية التوصل إلى اتفاق، رغم الفجوات الكبيرة التي لا تزال قائمة.

ا. ح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق