سياسة لبنانية

اختلال واضح في توازن الحكومة يهدد بسقوطها

في وقت يتجه مجلس النواب الى «وضع أفضل»، تتجه الحكومة الى وضع أسوأ. هذه الحكومة التي لا مجال لسقوطها ولا مصلحة لأحد في ذلك، والتي عليها «الصمود» حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، تواجه اختلالاً واضحاً في توازنها وتقع تحت ضغط ووطأة الأحداث المتدافعة في لبنان والمنطقة.

هذه الحكومة ذات الطبيعة الانتقالية وغير المعدة أصلا لمواجهة أوضاع وأحداث بهذا الحجم، تواجه الاهتزاز الأول من نوعه منذ قيامها وتعاني من وضع مفخخ نتيجة الخلاف الحاصل بين مكوّناتها حول ثلاث مسائل أساسية تعد كل مسألة فيها لغما كافيا لتطيير حكومة في ظروف عادية، وهي:
1- مسألة العسكريين المخطوفين التي لا يزال الموقف الحكومي في شأنها في دائرة الالتباس ولم يُتخذ القرار الواضح والنهائي بعد: هل الحكومة كلها مع مبدأ التفاوض؟! وهل القبول بالتفاوض يعني القبول بالمقايضة؟! وإذا كان جنبلاط انتقل من التفاوض الى المقايضة، فهل حدث هذا الانتقال عند حزب الله؟! وإذا كان سلام أعلن دعمه للتفاوض من أجل تحرير العسكريين، فعلى أي أساس، وما هو سقف التفاوض، وما هو الخط الأحمر في التبادل؟! وما هي النتائج إذا لم يتم التوصل الى اتفاق؟!
2– مسألة إقامة مخيمات للنازحين السوريين التي كان طرحها الوزير المختص رشيد درباس على طاولة مجلس الوزراء ليسحبها من التداول سريعاً بعدما اصطدم باعتراض وزير حزب الله محمد فنيش على إقامة مخيمات في مناطق حدودية فاصلة (المصنع والعبودية)… ولكن الوزير المشنوق مصر اليوم على إيجاد حل لمشكلة النازحين السوريين في عرسال باعتبارها لغماً أمنياً من شأنه أن يساهم في تفجير الوضع، ولذلك يجب نزعه بإبعاد النازحين (الـ 40 ألفا) الى مخيم أو أكثر يقام في مناطق قريبة من الحدود وغير مأهولة، أو في الداخل وفي بيئة مناسبة مثل البقاع الغربي. ولكن الوزير باسيل يقول إن هذا خط أحمر ومخيمات النازحين السوريين ستتحول مثل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الى مشكلة دائمة وبؤر أمنية – اجتماعية…

رفض حزب الله
3- موقع لبنان ودوره في التحالف الدولي الإقليمي ضد «داعش» والإرهاب، وحيث يبرز رفض حزب الله لأن يكون لبنان جزءاً من التحالف لأسباب شرح بعضها السيد حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة، مقابل موقف وزراء 14 آذار الذي يقول بضرورة وأهمية انضمام لبنان الى هذا التحالف للإفادة من خدماته ومساعدته في مجال دعم الجيش وضبط الحدود اللبنانية ـ السورية وتوسيع نطاق تطبيق القرار 1701… وهناك الكتلة الوزارية الوسطية بين هذين الموقفين وفيها وزراء جنبلاط وسليمان… وأيضاً وزراء عون بعدما كان الوزير باسيل شارك في مؤتمري جدة وباريس وتوقفت مشاركته المرفقة بتوضيحات عند هذا الحد بانتظار قرار مجلس الوزراء، مع التذكير أن أي قرار يلزمه إجماع، وأن اعتراض وزير واحد كافٍ لإجهاض أي قرار…

لقاء بري – السنيورة
من ناحية ثانية وخلال اللقاء الذي جمعهما في عين التينة، بحضور الوزير علي خليل ونادر الحريري (ممثلاً الرئيس الحريري)، قال الرئيس فؤاد السنيورة للرئيس نبيه بري في مداخلة مطولة إن 14 آذار قدمت مبادرة للخروج من المأزق الرئاسي عبر استعدادها لسحب ترشيح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، والمطلوب من الفريق الآخر بدوره أن يتقدم خطوة الى الأمام، من خلال الضغط على العماد ميشال عون لإقناعه بالانسحاب أيضاً، تمهيداً للتفاهم على مرشح توافقي. ونبه الى ان استمرار الشغور الرئاسي سيولّد فراغات وأزمات من شأنها أن ترتد سلباً على الوضع العام في البلاد.
أبدى بري تقديره من حيث المبدأ لمحاولة إيجاد كوة في جدار الأزمة، لكنه لفت انتباه ضيفه الى أن المبادرة ليست جديدة في عمقها، وأن سمير جعجع نفسه سبق له أن طرحها قبل فترة. وقال بري للسنيورة ما معناه: إذا كان قد سبق للرئيس سعد الحريري أن أكد أنه شخصياً لن يبلغ العماد عون رداً سلبياً على طلب دعمه لبلوغ رئاسة الجمهورية، فهل تنتظرون مني أن أفعل ذلك، علماً أن «الجنرال هو الأكثر تمثيلاً على الساحة المسيحية؟» وذكر رئيس المجلس السنيورة بما قاله للحريري بأن شهوراً من الغزل مع عون صارت محرجة له فكيف إذا كان المعيار سنوات بيننا وبينه.
وتقول أوساط قريبة من عين التينة إن بري ما يزال عند الطرح الذي أبلغه الى عون خلال اللقاء الأخير بينهما في عين التينة، وفحواه المضي في دعم وصول «الجنرال» الى الرئاسة ما دام مرشحاً، والاستعداد للموافقة على أي اسم يرشحه في حال قرر الانسحاب. وقد حرص بري على إبلاغ كل من الحريري وجنبلاط بوجهة نظره.
ويشير العارفون الى أن موقف رئيس المجلس يكاد يسبق موقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في ما خص تأييد انتخاب عون. ويُروى أنه عندما اطلع نصرالله على مضمون اللقاء السابق بين بري وعون، ابتسم، وقال: «يبدو أن دولة الرئيس (بري) ذهب أبعد منا».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق