السيسي يدعو الى الصبر: انقطاع الكهرباء، التحدي الابرز امام الدولة المصرية

تبريرات عديدة، ومتقاطعة، يسوقها البعض من الرسميين المصريين للحديث عن تفاقم ظاهرة انقطاع التيار الكهربائي. وتتراوح تلك التبريرات ما بين من يتحدث عن مؤامرة تتعرض لها الدولة، ومحاولات لتعطيل وافشال نظام السيسي. وما بين احاديث تتعلق بنقص في الوقود، وعدم القدرة على التعاطي مع طلبات زائدة على الطاقة لمواجهة حرارة الصيف.

 معظم تلك التبريرات قد لا تصمد طويلاً امام البحث والنقاش، ذلك ان مصر التي كانت تزود كلاً من اسرائيل والاردن بالغاز الطبيعي، لا يمكن ان تكون عاجزة عن توفير الوقود لمحطاتها الكهربائية، خصوصاً وانها خفضت كميات الضخ الى البلدين. وهناك معلومات تشير الى انها اوقفت – تماماً – الضخ الى اسرائيل، وقلصت كميات الغاز المرسلة الى الاردن الى الربع تقريباً.
وسط هذه القراءات، هناك من يرى ان البلاد تتعرض الى مؤامرة، وان التيار الكهربائي هو الذراع الرئيسية التي يتم استخدامها لافشال منظومة الحكم التي يحاول السيسي تقديمها على اعتبار انها منظومة انقاذ للبلاد وليست «توريطاً» لها.
والاحاديث تشير الى ان تلك المؤامرة لها ارتباط بملف الاسلاميين، وسيطرة بعض الاقطاب الداعمة للرئيس المعزول محمد مرسي على بعض جوانب عملية التوليد الكهربائي، الا انها احاديث غير موثقة، وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليها.

مشكلة التيار الكهربائي
لكن، وبكل الاحوال، هناك مشكلة اسمها «التيار الكهربائي» يعاني منها قطاع واسع من المصريين. وهي المشكلة التي اعترف بها الرئيس عبدالفتاح السيسي، وطالب المصريين بالصبر ازاءها.
فقد دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مواطنيه الى «الصبر» على ازمة الكهرباء بعد يومين من انقطاع واسع النطاق للتيار في مصر، راداً الازمة الى اهمال هذا المرفق لفترات طويلة، ومؤكداً ان اصلاحه يتطلب وقتاً وموارد مالية كبيرة.
وفي كلمة وجهها عبر التلفزيون خصصها اساساً للحديث عن مشكلة الانقطاع المتكرر للكهرباء وانهيار جزء كبير من الشبكة صباح الخميس الفائت، قال السيسي ان «مرفقاً مثل مرفق الكهرباء يتطلب تمويلاً واستثمارات هائلة» لاصلاحه.
واشار الى ان هذا المرفق «اهمل خلال العهود السابقة ولم يتم تطويره ليتناسب مع تزايد احتياجات البلاد من الطاقة الكهربائية».
وانقطعت خدمة الكهرباء صباح الخميس الماضي في العديد من المحافظات المصرية، بما فيها العاصمة القاهرة ومدينة الاسكندرية (ثاني اكبر مدن البلاد)، لمدة زادت عن خمس ساعات وهو انقطاع قال السيسي ان مصر لم تشهد له مثيلاً في تاريخها المعاصر الا مرة واحدة من قبل، في تسعينيات القرن الماضي.
وتشهد مصر منذ بداية الصيف انقطاعاً متكرراً للكهرباء بسبب قيام وزارة الكهرباء بـ «تخفيف الاحمال» يومياً وبالتناوب بين الاحياء والمناطق المختلفة نتيجة ارتفاع الاستهلاك بسبب تشغيل اجهزة تكييف الهواء وبسبب نقص الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء.
واكد السيسي ان اصلاح مرفق الكهرباء يحتاج خلال السنوات الخمس المقبلة الى 10 مليارات دولار لتطويره ورفع كفاءته بما يتناسب مع تزايد الاستهلاك. وشدد على ان حل هذه المشكلة لن يتم في «يوم وليلة».

السيسي: اصبروا
واضاف السيسي مخاطباً المصريين «من فضلكم اصبروا ويجب ان تكونوا على ثقة من اننا سنتغلب على كل هذه المشكلات ، الا انه لن يتم ذلك في شهر او اثنين او ثلاثة».
واتهم السيسي ضمناً انصار جماعة الاخوان المسلمين بالسعى الى زيادة مشكلات قطاع الكهرباء «لكي يثيروا غضب الشعب المصري».
وفي اب (اغسطس) الماضي، اعلنت وزارة الداخلية توقيف 40 من انصار الاخوان متهمين بشن اعتداءات على محطات الكهرباء.
وكان التيار الكهربائي قد انقطع بشكل كامل عن اجزاء كبيرة من القاهرة التي يعيش فيها قرابة 20 مليون نسمة ما اثار حالة من الفوضى في ساعات الذروة التي يذهب فيها الموظفون الى اعمالهم، بحسب وزارة الكهرباء.
وتعاني مصر من اوضاع اقتصادية متدهورة منذ اكثر من ثلاثة اعوام شهدت انقطاعات طويلة في التيار الكهربائي بسبب نقص الوقود اللازم لتشغيل محطات الانتاج ووصلت مدة الانقطاع اخيراً لثماني ساعات في بعض المناطق.
لكن انقطاع الكهرباء الخميس تم بشكل متزامن في احياء كثيرة في العاصمة المصرية وفي محافظات مصرية عدة اخرى ومنذ قرابة الساعة السادسة صباحاً.
وقال محمد اليماني المتحدث باسم وزارة الكهرباء والطاقة ان «عطلاً مفاجئاً ادى الى انقطاع الكهرباء في احياء كثيرة في القاهرة، وان التيار سيعود بشكل تدريجي».
ونقلت وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية عن وزير الكهرباء محمد شاكر أن «العطل الفني في الكهرباء نتج عن مناورات صيانة على الشبكة» ما ادى الى انقطاع للكهرباء في عدد من المحافظات على مستوى الجمهورية.
وادى الانقطاع الى بلبلة كبيرة في قطاع النقل بعدما انقطعت الكهرباء بشكل كامل عن احد خطوط المترو الرئيسية فيما توقفت حركة سير المترو بشكل جزئي في خط اخر.
والشهر الماضي، شهدت مصر انقطاعات كبيرة وكثيرة وغير مسبوقة للتيار الكهربائي وصلت احياناً الى ثماني ساعات في وقت الذروة الذي تتجاوز فيه درجات الحرارة احياناً 40 درجة مئوية.

القاهرة – «الاسبوع العربي»