افتتاحية

اين لبنان من حرب «داعش»؟

ماذا يجري في العراق؟ وما هو تنظيم «داعش» الذي يجري الزحف باسمه؟
هل هي حرب طائفية ام انها حرب تقسيمية، هدفها جر عدد من الدول الى التقسيم؟
اسئلة كثيرة تطرح في مختلف الاوساط السياسية والشعبية في المنطقة، ويجهد المراقبون في ايجاد الاجوبة الشافية لها.
في البداية لا بد من التساول وبكثير من التعجب، هل ان تنظيم «داعش» يملك هذه الاعداد الكبيرة من المقاتلين، وهذا الكم من السلاح، ليسيطر على هذه المساحات الشاسعة؟
لقد تبين من خلال الوقائع على الارض، ان الحرب الدائرة في العراق اليوم، لا يمثل «داعش» فيها سوى نسبة ضئيلة من المقاتلين. اما البقية فهم من العناصر التي انشقت عن الجيش العراقي وانضمت الى المقاتلين، وافراد حزب البعث والقبائل التي بقيت طوال السنوات الماضية تشكو من الظلم والتعسف والاهمال، وكان افرادها يتحينون الفرصة للتحرك والثورة ضد حكومة المالكي، فوجدوها سانحة في تنظيم «داعش».
وهذا الحراك الخطير الذي يتهدد المنطقة بأسرها مسؤول في جزء كبير منه، ان لم يكن كله، رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي الذي اتبع سياسة التفرد، وحصر السلطات الامنية والعسكرية في شخصه، متجاهلاً مطالب فئات كبيرة من المواطنين. نقض كل الاتفاقيات والعهود التي قطعها لمعارضيه، خلال مفاوضات تشكيل الحكومة، حتى اذا ما استولى على كرسي الحكم ادار ظهره لكل ما وعد به، فعمت النقمة في مناطق كثيرة من العراق، وزاد في الطين بلة خضوعه المطلق لايران، التي كانت ولا تزال تسيّر الحكم في العراق وفق مصالحها واهوائها وهي ارسلت اعداداً من الحرس الثوري الى بغداد لمواجهة هجمة «داعش».
لقد اتبع نوري المالكي سياسة الحاكم المطلق، ونصب نفسه ديكتاتوراً، متناسياً ان زمن الديكتاتوريات بدأ يزول، وان الثورات التي تهب من هنا وهناك تخط اخر صفحة من الصفحات الديكتاتورية في العالم، ومن هنا بدأت هذه التحركات في العراق، وهي تهدد بالتوسع وقد تجاوزت الحدود ووصلت الى سوريا، ولا ندري الى اين ستصل وعند اي حد ستتوقف.
اما هل هي حرب طائفية ام تقسيمية فيبدو انها الاثنان معاً،
 فمنذ سنوات بعيدة وهناك جهات اجنبية تعمل على تقسيم المنطقة، وفق مخطط مدروس للشرق الاوسط يفتت العالم العربي ويبعثر قواه، فترتاح اسرائيل، وهذا ابرز ما يهم العالم من هذه المنطقة، فالاولوية هي لمصالح الدولة العبرية.
ولكي يحقق اصحاب هذا المخطط اهدافهم استغلوا الطائفية، وهي اقرب طريق لزرع الفتن ودق الاسافين في الانظمة القائمة، فيتزعزع كيانها وتتهاوى ويسهل على المخططين اعادة رسم الخريطة من جديد.
ولكن ماذا بشأن لبنان؟ وهل انه بعيد عن هذا الخطر؟
ان الزحف القائم حالياً بدأ يتمدد في العراق، شاملاً مناطق عديدة، وصولاً الى سوريا التي يتوقع ان تستعر الحرب فيها اكثر، في حال لم يتم وضع حدسريع للتحرك العراقي. فهل يبقى لبنان بمنأى عن هذا الخطر، خصوصاً وان على اراضيه خلايا نائمة لتنظيم «داعش» لا يعلم متى تحركها ايادي الشر؟
كل ذلك والسياسيون في لبنان غافلون عما يتهددهم، وهم يتلاعبون بمصير البلد وفق اهوائهم ومصالحهم. وبدل ان يسارعوا الى لملمة صفوفهم والقاء خلافاتهم جانباً، والعمل على انتخاب رئيس جديد للجمهورية فتعود الامور الى نصابها، ويعمل الجميع يداً واحدة لدرء هذا الخطر الداهم، فانهم ماضون في انقساماتهم وفي ضرب المؤسسات الرسمية وتعميم حالة الشلل في الحياة التشريعية والتنفيذية، تاركين البلاد تسير على غير هدى.
لقد دقت ساعة الحقيقة فاما ان يتحمل الجميع مسؤولياتهم ويواجهوا الخطر متضامنين، واما على الدنيا السلام. فلبنان الذي تعود دفع الاثمان الباهظة عن غيره، مرشح هذه المرة وعلى ايدي سياسييه لان يدفع الثمن الاغلى. فيا ايها السياسيون اتقوا الله في ما انتم فاعلون.

«الاسبوع العربي»

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق