رئيسيسياسة عربية

سليمان… يدعو اللبنانيين الى احياء الميثاق الوطني

اعتبرت رسالة رئيس الجمهورية في ذكرى الاستقلال السبعين افضل توصيف للحالة المأسوية التي يعيشها لبنان، عندما قال: «يصعب الحديث عن الاستقلال اذا عجزنا عن تنظيم الانتخابات النيابية وتشكيل حكومة جديدة والجلوس من جديد الى طاولة الحوار من دون التنكر لما توافقنا عليه سابقاً، واذا فشلنا العام المقبل في اجراء الانتخابات الرئاسية ضمن المهل الدستورية. فلا يستقيم استقلال ولا يمكن ان تقوم دولة الاستقلال اذا قررت اطراف او جماعات لبنانية بعينها، الاستقلال عن منطق الدولة، وارتضت الخروج عن التوافق الوطني باتخاذ قرارات تسمح بتخطي الحدود والانخراط في نزاع مسلح على ارض دولة شقيقة وتعريض الوحدة الوطنية والسلم الاهلي للخطر».

وجه الرئيس سليمان في كلمته الاخيرة «دعوة الى كل فرد وطرف وشريك من شركاء الوطن للعودة الى الدولة والى منطقها ومرجعية المؤسسات، والى المساهمة في المحافظة على استقلال لبنان بالقول والفعل، والتزام القوانين واحكام الدستور والميثاق الوطني تلافياً للوقوع في منزلقات الفتنة والتشرذم». وجاءت الرسالة بمثابة نداء لانقاذ الوطن واحياء ميثاقيته التي تتعرض للنقض من قبل افرقاء تنكروا لاعلان بعبدا الذي شكل تجديداً لروح الميثاق الوطني (مع العرب اذا اتفقوا وعلى الحياد اذا اختلفوا) كما قال احد الوزراء لانه يقوم على «تحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية والدولية ما عدا ما يتعلق بالالتزام بالشرعية الدولية والاجماع العربي والقضية الفلسطينية. (المادة 12)».

تخبط سياسي وامني
حلّ السبعون للاستقلال ولبنان يتخبط سياسياً وامنياً بسبب الربيع العربي واصرار بعض المكونات على الانخراط بما يجري في المنطقة، ونقل النار من الساحة السورية الى لبنان، فانعكس الامر سلباً على الداخل اللبناني. فاهتز الامن وحصلت خروقات خطيرة من دون ان ينهار الاستقرار لوجود مظلة دولية للمحافظة عليه، وفشلت محاولات تشكيل حكومة جديدة، بسبب تمسك كل طرف بمواقفه من دون ان يقدم اي تنازل لمصلحة الوطن والمواطن. وشلت اعمال مجلس النواب الممدد له 17 شهراً، فرفضت حكومة تصريف الاعمال «التشريع الكامل» في ظل الاستقالة لان في ذلك مساً في صلاحيات رئاسة الحكومة، وتمسك رئيس المجلس بصلاحياته وحقه في «التشريع الكامل» في ظل حكومة مستقيلة، انطلاقاً من مبدأ عدم تعطيل المؤسسات. وبدأت الحالتان السياسية والامنية تنعكسان على الاوضاع الاقتصادية بسبب شلل المؤسسات وحال الجمود على رغم تطمينات حاكم المصرف المركزي رياض سلامه بأنه لا خوف على الوضع المالي في لبنان، فالملاءة المالية للمركزي والمصارف يمكنها ان تواجه اي احتمال. وقد اشادت مواقف المشاركين في مؤتمر اتحاد المصارف العربية الذي انعقد في لبنان بأهمية القطاع المالي والنقدي في لبنان، لا سيما  الاميركي الذي قال: «اننا فخورون بالقطاع المالي اللبناني والتعاون بين المصارف والمركزي واثبت اللبناني جدارته في تحدي الصعوبات والاستحقاقات والمحافظة على عملته الوطنية ونقده».
الا ان سلامة القطاع المصرفي تحتاج الى استقرار سياسي وهذا ما يركز عليه حاكم البنك المركزي في مواقفه ونقله الى المسؤولين خلال لقاءاته بهم من «ان الاستثمار في لبنان يحتاج الى استقرار سياسي وضبط امني واحكام صارمة».
ويحرص الرئيس سليمان على تسليم الامانة في 25 ايار (مايو) المقبل في حال لم يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية الى حكومة مسؤولة كاملة الصلاحيات تمثل الجميع، وفق صيغ عدة، يتم التداول فيها لانه «لا يريد انهاء عهده بعدم التمكن من تشكيل حكومة». ويسعى البعض الى تدوير الزوايا للوصول الى صيغة يرضى بها الجميع توفّق بين مطالب 8 اذار بالثلث المعطل وثلاثية الشعب والجيش والمقاومة وحكومة الاحجام وشروط 14 اذار بالتزام حزب الله اعلان بعبدا وسحب مقاتليه من سوريا، والعودة الى الروح الميثاقية. ويرى وزير في الحكومة في الانجاز الذي تحقق في الملف النووي في جنيف، خطوة على صعيد الانفراج في المنطقة. وكان للقمة السعودية – الكويتية – القطرية دلالة مهمة لتزامنها مع توقيع اللجنة السداسية وايران على الملف النووي. ويشير احد الديبلوماسيين الى ان ما جرى، وبعد الاتفاق على تدمير السلاح الكيميائي في سوريا، هو المرحلة الاولى من المراحل الثلاث للاتفاق الاميركي – الروسي، على ان تليها الثانية بدمج ايران في المجتمع الدولي ومعالجة هواجس اسرائيل والعرب ومخاوفهما من امتلاك ايران السلاح النووي، والثالثة تحديد موعد «جنيف – 2» لحل الازمة السورية التي تشهد كراً وفراً بين النظام والمعارضة. ويرافق هذه المراحل تسريع المفاوضات الاسرائيلية – الفلسطينية، مع قيام جهد دولي – اقليمي لمواجهة الارهاب والتطرف في المنطقة وخصوصاً في سوريا حيث تحولت ساحتها الى مواجهة بين «الاصوليات».

حراك اقليمي – دولي
وقد تشهد المرحلة المقبلة حراكاً دولياً – اقليمياً في المنطقة وقد تكون بيروت على اجندة زيارات مسؤولين اجانب في سياق شرح الاتفاق وطمأنة المتخوفين وحث اللبنانيين على تحمل المسؤولية لمنع الفراغ في المؤسسات. ويقول وزير مطلع ان الساحة اللبنانية تشهد صراع المحاور الدولية والاقليمية، وطالما ان ازمات المنطقة تتجه الى الحل انطلاقاً من اتفاق الاطار بين واشنطن وموسكو فقد تشهد الساحة الداخلية حالاً من الهدنة السياسية يسعى الرئيس سليمان مع الرئيس المكلف تمام سلام للافادة منها وتشكيل حكومة جامعة مع اعادة احياء الحوار بالتزامن مع بوادر الاتفاق على تحديد موعد «جنيف – 2»، مما قد يحمل الاطراف على العودة الى المشروع اللبناني، والابتعاد عن المشاريع الخارجية، والسعي لفصل الساحة اللبنانية عن تداعيات ما يجري في المنطقة لا سيما في سوريا، فيأتي الاستحقاق الرئاسي في موعده جزءاً من تسوية اقليمية وفق سلة متكاملة تشمل الرئاسة مع حكومة ومجلس جديدين وفق قانون انتخابي جديد. الا ان موضوعي سلاح حزب الله والمحكمة الدولية التي تبدأ اعمالها مطلع العام قد يعطلان الاتفاق المرحلي، وربما احتاج الملف اللبناني الى «دوحة جديدة» برعاية دولية – اقليمية، انطلاقاً من اتفاق الطائف ورفض اي بحث بمؤتمر تأسيسي في هذه الظروف، والعمل على تعزيز الوجود المسيحي في الدولة ومؤسساتها برعاية فاتيكانية – روسية.

ف. ا. ع
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق