فنان

رودني حداد: التلفزيون ممر اجباري في دول العالم الثالث

من باب المسرح والسينما دخل الأستديو ليصبح رقماً صعباً في معادلة الدراما اللبنانية. هو ممثل وكاتب سيناريو ومساعد مخرج، ومخرج اذا أراد ذلك. وهو أيضاً ذاك الجندي المجهول الذي يقف وراء نجاح العديد من الأعمال السينمائية وآخرها فيلم «هلأ لوين» للمخرجة نادين لبكي. درس المسرح والسينما في الجامعة اللبنانية، واكتسب خبرات واسعة في العمل الدرامي من خلال العديد من التجارب المسرحية والسينمائية في فرنسا وايطاليا والولايات المتحدة الاميركية. باختصار، هو رودني حداد الذي يطل حالياً على الجمهورين اللبناني والعربي في الدراما اللبنانية «آماليا» ليؤكد لنا أن أبطال الدراما ما زالوا بألف خير، وكذلك مستقبل الفن الذي يصنعه بيديه بشغف. رودني حداد في كلام على وزن أعماله وقدراته التمثيلية…

عائد إلى الشاشة الصغيرة في مسلسل «آماليا» بعد طول غياب، فهل يكون النص أم الإخراج أم الدور في حد ذاته الذي تلعبه بشغف وراء حماستك؟
قد لا تكون الخيارات متاحة أمامنا أحياناً. لكن لا بد من خطوة إلى الأمام لإعطاء زخم لمسيرة الممثل. ولسوء الحظ فإن هذه الخطوة تفترض المرور في أعمال تلفزيونية،
لا سيما في عالمنا العربي حيث لا يزال الجمهور بعيداً إلى حد ما عن المسرح والسينما.

لا ممثل اكبر من دوره
لكن هناك دائماً خيار شخصي في قبول الدور أو رفضه؟
أكيد. لكن مجرد أن أوافق على الشخصية أحاول أن أدافع عنها ليس عبر الإعلام إنما عن طريق العمل على هذه الشخصية. فأنا من المؤمنين بأنه لا يوجد ممثل أكبر من دوره في الدراما العربية عموماً إلا إذا كان من فئة المبدعين. عندها يمكن ان يكون اكبر من دوره لكن لا يمكنه أن يكون اكبر من شخصية هاملت مثلاً.
على ماذا تفتش عندما توافق على تأدية دور ما؟
هدفي أن أخدم الدور بالقدر الممكن. لكن الإلتزام حتى النهاية بالدور قد يأخذنا أحياناً إلى مطارح خاطئة في حين أن المطلوب هو الوصول إلى النتيجة الصحيحة.
لكن ليس الممثل وحده المسؤول عن فشل الدور أو نجاحه؟
صحيح. لكن الجمهور يحمّل المسؤولية للممثل لأنه تحت الضوء وقد تعودت أن التزم بقواعد النص وتعليمات الكاتب. لكن قد أطلب الإذن في حال وجدت أن النص قابل للتعديل في مكان ما. أما على مستوى الإخراج فأحرص على الإلتزام بالتعليمات لأنني لا أقف أمام مطلق أي مخرج.
ثمة من يقول إن دورك في  «آماليا» ثانوي على رغم أهميته؟
وأنا اقول أكثر من ذلك. في حال حذفت المشاهد التي أظهر فيها لا يتأثر النص بشيء ولا حتى مجرى الأحداث. لكنني أحرص على أن أشتغل على دوري بشغف، خصوصاً أن هناك فريق عمل من كبار الممثلين وعلى رأسهم جهاد الأطرش ونادين الراسي والكاتب (طارق سويد) والمخرج (سمير حبشي) وهذا ما يساهم في ترك أثر عند الجمهور.

 خلفية سينمائية
تكلمت عن خلفية واحدة تجمعك بالمخرج سمير حبشي ما سر تركيبتها؟
الخلفية السينمائية فأنا خريج المسرح والسينما وهو ينتمي إلى الخلفية نفسها ونتميز بأننا براغماتيون. لكن خيار المسرح والسينما لا يساعد الممثل في هذه الأيام وإذا لم يدخل مجال التلفزيون يبقى في مكانه.
تعترف إذاً بأن التلفزيون هو الوسيلة الأسرع لوصول الممثل إلى قلب وعقل الجمهور؟
التلفزيون ممر إجباري في دول العالم الثالث، لكن طبعاً من دون أن نلغي دور المسرح والسينما من حساباتنا. في النهاية علينا أن نجد مكاناً للتلفزيون من دون أن نكابر عليه، ومكاناً آخر لشكسبير.

شغلتي الكتابة
وقّعت على عدد من الأعمال السينمائية آخرها «هلأ لوين» للمخرجة نادين لبكي إضافة إلى أعمال أخرى، فلماذا تتحفظ على إسمك ككاتب سيناريو؟
أنا شغلتي الكتابة، لكنني معروف بصفة ممثل علماً أنني أديت دوراً سينمائياً واحداً في فيلم «البوسطة» أما تجربتي المسرحية فكانت الأكثر زخماً إذ استمرت 12 عاماً ومنها دخلت إلى السينما فالتلفزيون.
قد تكون هذه مسؤولية المنتجين لأنهم لا يفتشون عن وجوه جديدة؟
المنتج يفتش عن وجه معروف. وإذا ما التقى بممثل اشتغل في 100 مسرحية يبادره بالقول: «لست على القدر الكافي من الجهوزية للعب دور البطولة في مسلسل تلفزيوني». في حين نجد أن المنتجين في أوروبا واميركا يسعون دائماً إلى الوجوه الجديدة مع الإحتفاظ بالوجوه المعروفة طبعاً.
وهل يفسر ذلك إطلالاتك المقلة على الشاشة الصغيرة؟
لا تهمني معادلة الوجه المحبوب أو المعروف. وأنا راض ومقتنع بما وصلت إليه من احترام الجمهور لأدائي وقدراتي كممثل.
إذاً هي مسألة عقلية؟
عقلية كاملة. فالفن ليس مجرد تجارة. وهو يحتاج إلى الإبداع والنوعية حتى يكون للعمل صداه المحلي والعالمي.

السينما مرآة المجتمع
على ذكر النوعية، من الملاحظ أن كل الأعمال التلفزيونية باتت تركز على فكرة الخيانة مع رجل ثري، في حين تكاد تنحصر الأعمال السينمائية بالحرب اللبنانية والزواج المدني والطائفية.

هذا الأمر طبيعي. فالسينما ليست مشروعاً سياحياً انما هي صناعة نابعة من المجتمع وهي بمثابة مرآة له، وهي أيضاً ثقافة تعيش اكثر من الانسان. ونحن لسنا دولة صناعية كما الولايات المتحدة حيث نرى التركيز في الانتاج يذهب في اتجاه الابهار الاخراجي والبصري حتى ولو تناول المشكلات الاجتماعية والسياسية. أما على مستوى الأفكار فكلها تشبه بعضها. المهم كيف نعالج الفكرة؟
وكيف تقوّم مستوى الأعمال السينمائية؟
لا شك في أن الأعمال التي نقدمها مع المخرجة نادين لبكي هي على مستوى معين من الإحترام للنفس وللآخرين. وعندما تعرض في 64 دولة فهذا يؤكد أنها ليست تجارية. في المقابل لا بد من الإعتراف بأن الحرب شكلت مفصلاً في تاريخ
الصناعة السينمائية في لبنان. واللافت أن المخرجين الذين درسوا في الخارج يطبقون نظريات الغرب في اعمالهم التي لا تشبهنا في غالبيتها، من هنا قد يغيب واقعنا عن غالبية الأعمال السينمائية وهذا ما نحاول تفاديه.
ما كان الهدف من تجربة الكتابة والإعداد لمسلسل إذاعي بعنوان  «إدوار وأليس»؟
التجربة كانت بمثابة الخطوة لما سأقدمه لاحقاً، ولخلق نوع من المصداقية والشفافية مع الجمهور.

 حلم
تحلم وتخطط للغد لكن على طريقتك؟
طبعاً فحلمي هو أن تصبح أعمالي بمثابة بطاقة هوية لكل لبناني في عالم الإغتراب.
قد تكون حققت جزءاً منه عن طريق عرض مسلسل «شنكبوت» الذي كتبته على موقعك الإلكتروني؟
أساساً هذا العمل مخصص ليعرض على شبكة الإنترنت وقد فاز في جائزة الدراما لكنه كان يصلح ايضاً للتلفزيون.
لماذا تأخر صدور عمل «مي زيادة» الذي تؤدي فيه دور جبران خليل جبران؟
أنا صورت مشاهد جبران خليل جبران وأعترف بأنه من أفضل الأعمال التلفزيونية وهو من كتابة سمير مراد وتؤدي فيه الممثلة اللبنانية الأصل المصرية نور دور مي زيادة.
لكن أعمالاً مماثلة تتطلب كلفة إنتاج عالية؟
صحيح، ولا أعرف إذا كان هذا هو سبب التأخير لكن لا بد من القول بأن المنتج والمخرج يوسف الخوري يقوم بمغامرة كبيرة.
هل يمكننا أن نسأل عن مشروعك الجديد الذي يضم 10 أفلام لعشر ساعات؟
أنا أيضاً لا أفهم أسباب تأخيري في إنجاز هذه العمل. لكنني أرفض أن اكتب نصاً بشكل متقطع وهذا أسلوبي في العمل ككل. لكن مجرد أن أنهيه أبدأ في التحضير للإخراج والإنتاج.
وهل تحددت وجهة العرض؟
قد يكون معداً للتلفزيون أو السينما أو حتى للانترنت. لكن مدة العرض طويلة وقد لا تناسب شبكة الإنترنت، المهم إنجاز العمل بعدها نبدأ التفكير في وسيلة العرض.

ج. ن

أهم أعماله
ادى دور البطولة في فيلم  «البوسطا» و«دخان بلا نار» و«كارلوس» الذي عرض على قناة “+ Canal” الفرنسية و«بيروت اوتيل»، وكذلك مسلسل «السجينة» وآل «شنكبوت» الذي عرضت حلقاته تباعاً على موقعه الالكتروني. كما شارك في كتابة سيناريو فيلمي «كاراميل» و«هلأ لوين»، اضافة الى مشاركته في اعمال مسرحية مع يعقوب الشدراوي وريمون جبارة، واخيراً اعداده وكتابته للمسلسل الاذاعي «ادوار واليس» الذي عرض عبر أثير «صوت الغد». وحالياً يحضر لكتابة 10 أفلام تعرض لمدة 10 ساعات، إضافة إلى لعب دور «جبران خليل جبران» في مسلسل «مي زيادة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق