افتتاحية

اوقفوا دفع معاشات النواب!

بسحر ساحر هبط الوحي على الوزراء، وهم اصلاً نواب يمثلون كتلاً نيابية، باستثناء البعض الذين يفرضون على الوزارة، مهما كانت المعطيات، ويحتلون وزارات سيادية وهذا فعلاً مستغرب، اذ ان شخصاً يرفضه الشعب ويسقطه في الانتخابات، تفرضه السياسة على الناس رغماً عنهم، فعجباً من هذا الوضع الغريب.
فجأة هبط السحر على الوزراء، فسقطت الحواجز وحلت العقد، ومر ملف الهاتف الخليوي بسلاسة بعد ان كانت العقد طوقته من كل الجهات، فلقي الحل دون اي ضجة.
وفجأة ايضاً هبط السحر على الوزراء فقرروا وبدون اي معارضة منح القوى الامنية داتا الاتصالات، وهذا من الامور الايجابية القليلة جداً التي يسجلها مجلس الوزراء. وبالمناسبة نتساءل لماذا يعارضون اعطاء الداتا الى القوى الامنية، وقد ثبت بما لا يقبل الشك انها تساعد هذه القوى على ضبط المجرمين وملاحقتهم واعتقالهم، وتخليص الناس من شرورهم؟ فهل ان معارضي اعطاء الداتا الى القوى الامنية يريدون حماية المجرمين، وابعاد خطر الاعتقال عنهم؟ لقد اصبح عند الشعب شك في هذا الامر، والا لماذا هذه المعارضة. لقد اعطيت داتا الاتصالات للقوى الامنية على فترات طويلة، فهل اساءت هذه القوى مرة استخدامها ليتذرع المعارضون بمعارضتهم؟
المهم ان الوحي هبط على الوزراء النواب، فلماذا لا يهبط عليهم فيدركون ان انتخاب رئيس للجمهورية هو اولوية الاولويات، ويعمدون الى وقف مقاطعتهم والنزول الى مجلس النواب والادلاء باصواتهم، لانتخاب رئيس للبلاد، وعندها ليفز من يستحق، ومن هو قادر بجدارة على تسيير امور البلاد، فيرتاح اللبنانيون، ويترسخ الاستقرار في البلد، وسط هذا الهشيم المشتعل في الجوار، وفي كل مكان؟
هل من المعقول ان تعمد حفنة من النواب، الذين سقطت شرعيتهم او على الاقل اصبح مشكوكاً فيها، بعد التمديد لانفسهم مرتين الى التحكم بالبلد وشل مؤسساته، من اجل مصالح شخصية ضيقة باتت تعلو على مصلحة البلد عندهم؟
ولماذا لا يهبط الوحي، والحديث اليوم طاغ على قرب معركة القلمون، والقوى الامنية، وعلى رأسها الجيش اللبناني، بحاجة الى دعم واطمئنان لتتمكن من خوض المعركة التي تفرض عليها دون ان يكون لها او للدولة رأي فيها؟
لماذا لا يهبط الوحي على النواب ويرون ان مصلحة البلد لا تسمح بالتجاذب في ملف القادة الامنيين، فيعمدون الى التمديد لهؤلاء القادة، الى ان تنجلي الازمة ويعود الاستقرار وبعدها فليعينوا من يريدون. بماذا اخطأ العماد جان قهوجي لكي يرفض التمديد له، وهو الذي اثبت جدارة لافتة في قيادة المعركة وردع المعتدين؟ مددوا لانفسهم وتعففوا عن التمديد لغيرهم. عجباً.
كيف يجوز ان تتحكم فئة النواب المشكوك في شرعيتهم، بعدما مددوا لانفسهم مرتين رغم ارادة الشعب، ان تتحكم بمصيره، فتترك مركز الرئاسة شاغراً طوال احد عشر شهراً ونيف؟
لماذا لا يحجز النواب في المجلس النيابي ولا يسمح لهم بالخروج الا والدخان الابيض بانتخاب رئيس قد تصاعد من فوق قبة البرلمان؟
من يقوم بهذا العمل؟ طبعاً انه الشعب مصدر كل السلطات، ولكن الحمية والاندفاع غير متوفرين لدى الشعب اللبناني. لقد تحرك الشعب في عدد من الدول المحيطة، مطالباً بالتغيير وبابعاد الطبقة الحاكمة التي لا تستحق ان تحكم. صحيح ان النتائج لم تحسم بعد في هذه الدول، ولكن اي تغيير واقتلاع طبقة تشبثت بالحكم على مدى سنوات طويلة، لا يمكن ازاحتها بسهولة، والمهم ان يتحرك الشعب ويطالب، فهل سمعنا يوماً ان الشعب اللبناني قام بخطوة تنم عن رغبة في تغيير الاوضاع الى الاحسن؟
هل فعلاً ان الشعب اللبناني لا يتمتع بالكفاءة لفرض التغيير ووقف المتلاعبين بمصير البلد عند حدهم؟
ان في لبنان كفاءات توزعت على دول العالم كله، واثبتت براعتها ونجاحها، فلماذا لا نتسفيد منها، فتحل محل هذه الطبقة السياسية التي ضيعت البوصلة واصبحت تسير على غير هدى؟
نحن نقترح، لا بل نطالب وبالحاح وقف دفع معاشات النواب من خزينة الدولة. فمن يتخلى عن واجباته ويتقاعس عن العمل لا يحق له بأجر خصوصاً اذا كان اجره من جيوب الشعب. فهل هناك من هو قادر على اتخاذ هذه الخطوة؟ وما هي التدابير القانونية لانجاز هذا العمل؟
نحن نعلم ان الكلام لم يعد يجدي في هذه الطبقة السياسية، ولكن الاستمرار في المطالبة وتوعية الشعب ربما يثمران في النهاية. فعسى ان يكون ذلك قريباً.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق