حكومة طوابير الذل
سياسة حكومة تصريف الاعمال الحالية، دأبت منذ تشكيلها، وكانت كاملة الصلاحيات التي فقدتها بعد الانتخابات النيابية، تعكس تماماً سياسة المنظومة التي دمرت كل القطاعات الاقتصادية والمالية والقضائية والاستشفائية، والحياة المعيشية للمواطنين. هذه الحكومة كانت ابرز انجازاتها اذلال المواطنين وافقارهم. فنقلتهم من ازمة الى اخرى بفعل سياسة خاطئة، واوقفتهم في طوابير متنقلة امام محطات المحروقات، وامام الافران، والصيدليات، واليوم طوابير ذل امام المصارف، وهي اي المصارف شريكة المنظومة في السطو على اموال المودعين وجنى عمرهم.
بعد ان بددت المصارف الامانات التي اودعها اياها المواطنون، وبعد تهريب الاموال الى الخارج، في عمليات منظمة بغياب سلطة حازمة ترعى مصالح الناس، ومجلس نيابي رفض اقرار قانون الكابيتال كونترول عمدت الى اقفال ابوابها بوجه الودعين، وارغمتهم على الوقوف في طوابير طويلة املاً في الحصول ولو على ليرات قليلة لسد حاجاتهم اليومية. لقد فرطت هذه المصارف بالامانات، ومنعت المواطنين من التصرف باموالهم المنهوبة او المهربة او المحجوزة في صناديقها واعتمدت بالتعاون مع الحكومة والمصرف المركزي سياسة منظمة تقتطع كل يوم بموجبها من اموال المودعين، التي فقدت نسبة كبيرة من حجمها بفعل تعاميم، وشروط سحب، وقيود ظالمة، خلافاً لكل القوانين، رغم ان التفريط بالامانة يحتم معاقبة الفاعلين بالسجن. الا ان المنظومة، ممثلة بهذه الحكومة وشريكة المصارف في تهريب الاموال الى الخارج، لان الساكت عن الخطأ شريك فيه، لم تحاسب يوماً من ضيع تعب الناس، بل جاءت تحمل المودعين الخسائر التي سببتها بفعل صفقات مشبوهة، وانفاق تبذيري خدم مصالحها، بعيداً عن مصلحة الناس، فافقرت البلد واوصلته الى الانهيار.
المصارف هددت المودعين الذين سعوا الى استرجاع اموالهم الضائعة، كي لا نقول المنهوبة، وطالبت السلطة والقضاء بمعاقبتهم، وهي تعلم انه لو كان في لبنان سلطة عادلة، وقضاء مستقل، لكان من حق المودعين ان يلاحقوها، ويرغموها على اعادة الامانات الى اصحابها. ولكن العكس هو السائد في بلد السلطة فيه لا ترعى شؤون المواطنين ولا تهتم الا بما يخدم مصالحها. سنتان مرتا على الازمة المالية، اقفلت المصارف ابوابها بوجه المودعين. وانتظر الجميع خطة مالية واضحة تحدد المسؤولين عن تبديد الاموال وتحاسبهم وترغمهم على اعادة الحق الى اصحابه، الا ان شيئاً من هذا لم يتحقق. وكل ما فعلته الحكومة، مواصلة ضرب القدرة الشرائية للمواطنين، عبر تدهور خطير في سعر صرف الدولار بحيث فقدت الليرة اللبنانية 95 من قيمتها بشهادة المنظمات الدولية، فافقرت اللبنانيين ودفعتهم الى الهجرة بحثاً عن دولة حقيقية ترعى شؤونهم وتؤمن لهم حياة كريمة، فشلت الحكومة في تأمينها لهم… وهي لا تنفك سائرة في سياستها الفاشلة، المدمرة. فبدل وضع الخطط لمشاريع انتاجية، تدعم الاقتصاد، لجأت الى جيوب الناس الفارغة والممزقة. فهي تمطرهم في كل يوم بسلة زيادات ورسوم بات من المستحيل على الناس تحملها.
ان الحكومة التي لم تستطع سوى انتاج طوابير الذل، هي اعجز من ان تتمكن من الاصلاح، فالانهيار باق والى مزيد من التدهور الى ان يبدل الله من حال الى حال.
«الاسبوع العربي»