سياسة لبنانيةلبنانيات

«يوم الخميس ما في رئيس» وجلسة اليوم النيابية هي لكشف النوايا

الموازنة الكارثية مدمرة للشعب كله والشروط التعجيزية تعطل تعويم الحكومة

جلسة اختبار يعقدها مجلس النواب اليوم، بدعوة من رئيسه نبيه بري، لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. الدعوة كانت مفاجئة رغم انها جاءت في موعدها الدستوري، فاربكت الكتل النيابية، وخصوصاً المعارضة بعض الشيء، ولكنها استدركت الوضع وكثفت الاتصالات في ما بينها، للوصول الى قرار موحد من الجلسة. صحيح انها لم تتفق على اسم واحد ترشحه للرئاسة، ولكن تم الاتفاق في ما بينها على ان تحضر الجلسة لتحريك العمل النيابي باتجاه هذا الاستحقاق المصيري هذه المرة، فاما ان يأتي رئيس صاحب قرار، وسيادي، واولويته المصلحة الوطنية فيعمل على انهاض البلد من جهنم الغارق فيها، واما فان الانهيار سيتواصل الى ان ينتهي البلد، بعد ان تعطلت كل القطاعات الادارية والقضائية والمالية والمعيشية وغيرها وغيرها. كذلك اتفقت المعارضة على ان تنسحب من الجلسة عندما يحين وقت الانتخاب، خوفاً من مفاجأة يكون الرئيس بري قد اعدها، وتقرر السير بها حتى النهاية. وعندما يغادر النواب القاعة يفقد النصاب وتتعطل الجلسة وتسقط اي مفاجأة في حال وجودها،
اما فريق السلطة فلا يحتاج الى كثير عناء، اذ يديره قائد واحد، يطلق كلمة السر ويسير الجميع بموجبها. الا ان هذا الفريق لا يملك هذه المرة الاكثرية التي تخوله فرض الرئيس الذي يريده. ومن هنا فان جلسة اليوم هي لاختبار النوايا وكشف المخططات. وكما قال احد المعلقين «يوم الخميس ما في رئيس». هذه الجلسة ستعقبها جلسات ولن يتأخر الرئيس بري في توجيه الدعوة الى جلسة جديدة وسيستمر على هذه الحال حتى العشرين من تشرين الاول المقبل، فان نجح المجلس في انتخاب رئيس، تنتهي القضية، والا يتحول المجلس النيابي في الايام العشرة الاخيرة الباقية من المهلة الدستورية، الى هيئة انتخابية، ويصبح المجلس في وضع انعقاد دائم. فاما ينجح في الاتفاق على رئيس ينقذ البلد والا فنحن سائرون الى فراغ مدمر، يقضي على ما تبقى من قطاعات ونصل في النهاية الى الانهيار الكامل، اذ من المستحيل ان يتحمل ما هو عليه ست سنوات جديدة.
الضغوط كثيرة في الداخل وفي الخارج، والدول المهتمة بانقاذ لبنان تعمل بكل قوة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتجنب الفراغ القاتل. وقد بدا ذلك واضحاً من خلال البيان الثلاثي الاميركي – الفرنسي – السعودي، فهل تثمر هذه الضغوط؟
والدعوة الى انتخاب رئيس صرفت الانظار ولو مؤقتاً عن موازنة كارثية اقرها النواب. رغم معارضة فريق منهم. وستكون تداعياتها قاتلة على الشعب اللبناني باسره. فموظفو القطاع العام بجميع فئاتهم فرحوا بزيادة رواتبهم ثلاثة اضعاف. الا ان هذا الفرح سيتبدد بعد اسابيع قليلة، عندما تتكشف الحقيقة، وترتفع الاسعار بشكل جنوني ويحلق الدولار. فالحكومة حاولت الهرب الى الامام من خلال هذه الموازنة. فهي اولاً ارادت الاستجابة لالحاح صندوق النقد الدولي الذي طالبها باقرار الموازنة فوراً، وهي عملت على تهدئة موظفي القطاع العام المضربين عن العمل منذ اشهر. الا ان هذه الزيادات الضخمة التي اقرتها هي بدون تمويل، فمن اين ستسدد الحكومة التزاماتها؟ بالطبع ستلجأ الى طبع المزيد من العملة الورقية فتتدهور الليرة اكثر واكثر تماماً كما حصل باقرار سلسلة الرتب والرواتب. وبذلك تكون الحكومة اعطت بيد واخذت اضعاف ما اعطت باليد الاخرى، وعندها ستعلو الصرخة من جديد.
على صعيد تشكيل او تعويم الحكومة لتصبح كاملة الصلاحيات توقف العمل في هذا المجال. فبعد ان ذللت العقبات واتفق على الحل وكان ينتظر لقاء الرئيسين لاعلانه. دخل على الخط احد الاطراف السياسيين ووضع شروطاً تعجيزية يستحيل على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي القبول بها، فتعطل التعويم وعادت الامور الى نقطة الصفر. هذا التعطيل اساء الى البلد ككل. وبدل ان تستعيد الحكومة كامل صلاحياتها ويصبح كل شيء دستورياً، في حال الوصول الى الفراغ، عدنا الى وضع مثير للجدل والى فوضى دستورية بسبب انقسام الاراء حول صلاحية حكومة تصريف الاعمال في تولي سلطات رئيس الجمهورية. وهكذا فان هذه المنظومة لم تراع يوماً مصلحة لبنان، بل كل همها مصالحها الخاصة حتى ولو دمر البلد. والشعب وحده يدفع الثمن ولكنه في النهاية هو المسؤول لانه اعاد انتخاب من عملوا على قتله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق