الحل صعب ولكنه ليس مستحيلاً

مرة جديدة تثبت الوقائع على الارض، ان الحلول للازمات التي تتحكم بلبنان مستعصية ولا امل في نجاحها، والسبب طبقة سياسية تنكرت لشعبها ولوطنها منذ عقود، واثبتت انها ليست على مستوى حكم البلد، بل ان الصدفة قادتها الى المراكز التي تحتلها فعاثت فساداً، افرغت الخزينة وافلستها بعد نهب اموالها وتبديدها على مشاريع وصفقات، اقل ما يقال عنها انها مشبوهة. وعبثاً تحاول الدول التي عرفت بصداقتها للبنان، يوم كان يحكمه رجال وطنيون على مستوى المسؤولية، ان تثني هذه الطبقة عن جنوحها، والتطلع الى مصلحة البلد واهله، ولكنها لم تنجح. فالتدرج في التخلي عن المسؤولية بات صفة تلازم السياسيين في الداخل وفي الخارج. لا يتعلمون من اخطاء الماضي، بل يتصرفون وفق مصالحهم الخاصة. تدخل الوسطاء من الدول المحبة للبنان، وكان اخرهم الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، متسلحاً بتأييد اللجنة الخماسية التي تضم الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، ولاقاه الموفد القطري محاولين اقناع المجلس النيابي بالقيام بواجبه الدستوري، وانتخاب رئيس للبلاد، فلم يفلحا، واستمر الفراغ منذ اكثر من ثلاثة عشر شهراً. حاولوا اقناع المعنيين بالتمديد لقائد الجيش الذي اثبت كفاءة عالية في ادارة المؤسسة العسكرية، وان الظروف التي يمر بها البلد لا تسمح بالتلاعب في مصير الجيش ففشلا ايضاً، لان مصلحة البعض هي اهم من البلد. انهالت النصائح من كل حدب وصوب بتطبيق القرار الدولي 1701 وابقاء لبنان بعيداً عن الحرب المدمرة، وعندها تلزم هذه الدول العدو الاسرائيلي بتنفيذ القرار الدولي ففشلت ايضاً واستمر التوتر. واذا اردنا ان نكمل في تعداد اخطاء، لا بل خطايا هذه الطبقة، لاحتجنا الى مجلدات. فهي لم تترك قطاعاً يمكن ان تستفيد منه لمصالحها الا وطرقته، فيما الشعب يئن من الظلم الذي الحقته به.
السؤال الان ما هو الحل؟
لقد بات واضحاً بعد فشل الدول الصديقة والمؤسسات الدولية كالبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي في حمل هذه الطبقة على تغيير نهجها، والتطلع الى مصلحة بلادها، لم يعد سوى حل واحد، وهو تضامن شعبي تعمل جميع شرائح المجتمع يداً واحدة على رحيل هذه الطبقة بجميع الوسائل المشروعة والمتاحة. المهمة حتماً صعبة، لان هذه المنظومة تجذرت منذ عقود في الارض، ولم تعد محاربتها بالامر السهل. الا ان الارادة الشعبية اذا حزمت امرها حققت المعجزات. فاين تكمن الصعوبة في هذا الحل؟
ان المنظومة يبدو انها حسبت حساباً لكل شيء. فعملت على تقسيم الشعب الذي اصبح صورة عنها، تنخره الانقسامات والخلافات، وكل طرف يسير وراء زعمائه كالخراف، يأتمر باوامرهم ويعمل في خدمتهم، ولذلك من الصعب جمع الشعب حول رأي واحد، وقد تجلى ذلك في ثورة 17 تشرين، عندما انبرى فريق مدسوس سياسياً، وعمل على تخريب التظاهرات، حتى استطاع ان يزرع اليأس في نفوس الثوار ويعيدهم الى منازلهم.
هل نستسلم؟ بالطبع لا. البلد بلدنا وعلينا استرداده من يد طغمة سيطرت عليه منذ عقود، واوصلته الى الانهيار. ولكن بالارادة الصلبة والمثابرة على النضال، مهما بلغت التضحيات، يمكن الوصول الى الهدف المنشود. نعم المهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة، وفي النهاية يسقط الاشخاص ويبقى الوطن.
«الاسبوع العربي»