سياسة لبنانيةلبنانيات

الانتخابات البلدية دخلت البازار السياسي وهي مرشحة للتعطيل والخارج يهدد بعقوبات

تعقد اللجان النيابية جلسة عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم بدعوة من رئيس المجلس نبيه بري، لدرس عدد من مشاريع القوانين، بينها مشروع قانون قدمه النائب علي حسن خليل، يقضي بتخصيص الف وخمسماية مليار ليرة لتمويل الانتخابات البلدية، التي حددها وزير الداخلية القاضي بسام المولوي على اربع دفعات، تبدأ في 7 ايار المقبل وتنتهي في الثامن والعشرين منه. فعلى امل ان تسير المناقشات بصورة طبيعية، ذلك ان موضوع الانتخابات البلدية سبق وطرح في اللجان قبل حوالي الاسبوعين واشعل اشتباكاً بين النواب كاد يتطور الى ما لا تحمد عقباه، لولا حكمة العقلاء، ولو لم يسارع رئيس المجلس الى لملمة الموضوع.
فماذا عن الانتخابات البلدية؟ السؤال يتردد على كل شفة ولسان، هل تجرى، ام تعطل، ام يمدد للبلديات؟ حتى الساعة لا شيء واضحاً، بل كل ما يظهر ان فئة كبيرة من السياسيين لا تريد ان تجرى هذه الانتخابات، خوفاً من المحاسبة. وهذا الخوف مبرر لان الشعب الذي فشل في المحاسبة في الانتخابات النيابية بدليل انه اعاد انتخاب المنظومة التي قهرته وجوعته ونهبت امواله، يبدو انه مستعد للمحاسبة هذه المرة. ويتقاذف المسؤولون كره التأجيل من جهة الى اخرى. فالحكومة تريد ان يتولى المجلس النيابي حمل هذا العبء وهي تخشى سحب تسعة ملايين دولار، المبلغ اللازم للتمويل. اما المجلس النيابي فمندفع الى التأجيل او التمديد او اي حل يبعد الكأس عن المنظومة، يصطدم بفريق من النواب يرفضون حضور اي جلسة عامة تكون مخصصة للتشريع، وهم يعتبرون المجلس النيابي وفقاً للدستور هيئة انتخابية، لا يحق له التشريع قبل انتخاب رئيس للجمهورية. وانطلاقاً من هذه المواقف، بات تعطيل الانتخابات امراً حتمياً. فالمدة المتبقية لموعد الجولة الاولى لا تتعدى الاسبوعين، اذا احتسبنا ايام التعطيل بمناسبة الاعياد. فهل ان هذه المدة كافية للتحضير؟ ثم هل ان الفريق الذي اعتاد الاشراف على الانتخابات من قضاة ورؤساء اقلام وكتبة، مستعد للقيام بهذه المهمة وهناك عدد كبير منهم في اضراب مفتوح، والتجارب السابقة لا تشجعهم على المساهمة، بسبب التأخير في دفع المستحقات. الى جانب ذلك هناك لوازم الانتخابات من قرطاسية وغيرها وهي غير مؤمنة بعد، وكأن الجميع يراهنون على ان الانتخابات مؤجلة وان التمديد لمدة ستة اشهر او سنة بات امراً شبه واقع، مع العلم انه في حال حصوله سيكون التمديد الثاني باعتبار ان البلديات الحالية ممدد لها.
في هذه الاجواء التعطيلية، يراقب الخارج بانتباه شديد ما يجرى وتردد ان هناك عقوبات قاسية سيفرضها على كل من يساهم في عدم اجراء الانتخابات. ويستغرب هذا الخارج كيف ان السياسيين الذين تعصف بينهم الخلافات الحادة، يتفقون فور شعورهم بان امراً ما ينعكس ضدهم. فهم متفقون على تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية وها هم يتفقون على تعطيل الانتخابات البلدية. ولكن هل فكروا بتداعيات هذا الموقف، اذا فشلوا في التمديد للبلديات والمخاتير؟ ان عدم وجود مختار يحرم المواطنين من الحصول على اخراج قيد، او تسجيل ولادة او وفاة، الى اخر الحاجات وهي شبه يومية.
لقد تحول لبنان الى بلد اللاقرار وهذا يفسر بالتحديد لماذا وصل الى هذا الحد من الانهيار والتدهور. ومن المؤكد انه سيستمر في انحداره طالما ان هذه المنظومة متحكمة به، فان لم يبادر الشعب الى التحرك، وازاحتها عن مقاعدها التي اصبحت لصيقة بها، فان البلد الى مزيد من الانهيار والتفكك. تصوروا مثلاً ان اجتماعاً سيعقد هذا الاسبوع في جدة بدعوة من مجلس التعاون الخليجي لبحث عودة سوريا الى الحضن العربي، وقد دعي اليه العراق ومصر والاردن، وحده لبنان سيكون خارج الصف لان الدول العربية باتت تعرف ان ليس في لبنان من الرسميين من هو قادر على اتخاذ القرار. لقد اعتادوا على تلقي الاوامر ليس الا. فهل بعد كل ذلك من امل في الخلاص اذا لم تتم ازاحة المنظومة كلياً؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق