دولياتعالم

اللمسات الاخيرة على عقوبات اميركية-اوروبية جديدة على روسيا

تبعث العقوبات برسالة قوية إلى بوتين وحلفائه الذين يتمتعون بنفوذ قوي في عالم الاقتصاد والسياسة

اتفقت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على فرض مزيد من العقوبات على روسيا، احتجاجاً على موقفها من أوكرانيا. وستوضع اللمسات الأخيرة على هذه العقوبات المفترضة خلال اجتماع يعقده مسؤولو الاتحاد الأوروبي اليوم الثلاثاء.

وقال توني بلينكين مستشار الرئيس الأميركي باراك أوباما لشؤون الأمن القومي إن الولايات المتحدة ستنضم للاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع في فرض عقوبات اقتصادية جديدة على روسيا بسبب استمرار دعمها للانفصاليين في أوكرانيا.
وتأتي هذه الخطوة في أعقاب مؤتمر عبر دوائر الفيديو بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظرائه من فرنسا وبريطانيا والمانيا وايطاليا. ويناقش قادة الغرب منذ أيام عدة تشديد العقوبات على روسيا في اعقاب سقوط طائرة الركاب الماليزية شرقي أوكرانيا بصاروخ. وتتهم الولايات المتحدة الانفصاليين الاوكرانيين الموالين لروسيا بأنهم هم وراء الهجوم.
وقال بلينكين للصحفيين امس إن العقوبات المطبقة حالياً أضرت بالاقتصاد الروسي ولكنه أشار إلى أن روسيا لم تتخل عن دعمها للانفصاليين وربما تستعد لتسليم مزيد من منصات إطلاق الصواريخ إلى المنطقة. واشار الى إن ثمة دلائل على نقل روسيا معدات عسكرية ثقيلة عبر الحدود مع أوكرانيا.
وتابع أن الحشد الأخير للقوات الروسية على الحدود مع أوكرانيا ربما يكون ذريعة لما يسمى بقوة حفظ السلام في شرق أوكرانيا حيث أن الانفصاليين يخضعون لضغط جراء تقدم الجيش الأوكراني في الآونة الأخيرة.
وبرر بلينكين القرار الغربي بقوله إن القادة الغربيين لم يروا تحولاً استراتيجياً في موقف بوتين «واننا نعتقد أنه من الضروري اتخاذ اجراءات اضافية وهذا هو ما يعتزم الاوروبيون والاميركيون فعله هذا الاسبوع».
وفي لندن أفاد بيان صادر عن الحكومة البريطانية يوم الاثنين عقب اتصال بين قادة غربيين إن كلاً من بريطانيا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة اتفقت على وجوب أن تواجه روسيا مزيداً من العقوبات بسبب دورها في الأزمة الأوكرانية.
وأضاف البيان الصادر عن مكتب رئيس الوزراء ديفيد كاميرون «أحدث المعلومات من المنطقة تفيد بأنه منذ إسقاط طائرة الركاب الماليزية تواصل روسيا نقل أسلحة عبر الحدود وتقدم المساعدة العملية للانفصاليين».
وتابع «اتفق الزعماء أن على المجتمع الدولي أن يفرض بناء على ذلك مزيداً من التكاليف على روسيا ولا سيما وأن سفراء من مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي يتعين عليهم الموافقة على حزمة من العقوبات الخاصة بقطاعات محددة بأسرع ما يمكن.

العقوبات الجديدة
ويعتقد أن العقوبات الجديدة ستستهدف القطاعين النفطي والمصرفي في روسيا إلى جانب مجال الطاقة.
وكانت روسيا قد حذرت الاتحاد الأوروبي السبت من أن تشديد العقوبات عليها على خلفية الأزمة في أوكرانيا سيهدد التعاون الدولي في ما يخص قضايا الأمن.
وكان الاتحاد الأوروبي قد وسع القائمة السوداء للعقوبات المفروضة على أفراد ومنظمات روسية تشمل تجميد الأصول المالية لهؤلاء الأفراد والمنظمات وحظر السفر. وشملت الأسماء المضافة جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، وقادة المخابرات الخارجية، ورئيس الشيشان.
ويبلغ عدد الأشخاص والمؤسسات التي تشملها عقوبات الاتحاد الأوروبي حالياً 87 فرداً ومؤسسة روسية متهمة بزعزعة الاستقرار شرقي أوكرانيا.

تأثير العقوبات على روسيا
وامتنع الغرب حتى الآن عن فرض ما يعرف بعقوبات المستوى الثالث والتي تستهدف قطاعات كاملة للاقتصاد الروسي. ونتيجة لذلك، فإن قطاع الطاقة الحيوي في روسيا يمكنه أن يواصل تعاونه الاقتصادي مع شركاء غربيين، لكن على الأرجح سيجد صعوبة في الحصول على قروض غربية.
ما هو نطاق العقوبات الأوروبية الجديدة على روسيا؟
يعتزم الاتحاد الأوروبي توسيع قائمة تجميد الأصول وحظر السفر على المسؤولين ورجال الأعمال والهيئات الروسية. وستستهدف هذه العقوبات من ينظر إليهم على أنهم «يدعمون مادياً أو مالياً الأعمال التي تقوض أو تهدد سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها واستقلالها».
وعلى الارجح سيكشف في اجتماع اليوم عن أسماء الأشخاص الذين ستطاولهم العقوبات الجديدة.
ويعني هذا أن الاتحاد الأوروبي على الأرجح سيحذو حذو الولايات المتحدة في استهداف المزيد من أعضاء الدائرة المقربة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبعض الشركات الروسية الكبرى. ولا يطاول حظر الأصول الحسابات المصرفية والأسهم فحسب، بل أيضاً الموارد الاقتصادية مثل العقارات.
ولذا فإن الأشخاص الذين سيدرجون في قائمة العقوبات الجديدة لن يسمح لهم بشراء أو بيع أصولهم في الاتحاد الأوروبي بمجرد دخول تجميد الأصول حيز التنفيذ.
وسيؤدي حظر السفر إلى منع هؤلاء الأشخاص من دخول أي دولة في الاتحاد الأوروبي حتى في حالة السفر غير المباشر «الترانزيت»، وستدرج أسماؤهم على القائمة السوداء لحظر إصدار التأشيرات.

 لا يريد الغرب معاملة روسيا كدولة منبوذة دولياً ويتجنب أدراج اسم بوتين على قائمة العقوبات بهدف ممارسة ضغوط دبلوماسية مباشرة عليه 

لكن هناك بعض الاستثناءات، إذ أنه لا يزال يجب احترام الحصانة الدبلوماسية، لذا فإن الدبلوماسيين سيستثنون من هذا الحظر.
وتشمل الاستثناءات أيضاً الحالات التي تستند لدواعي إنسانية، إذا كان الشخص على سبيل المثال يحتاج لسداد نفقات علاج طبي.
وهناك وثيقة صادرة عن المجلس الأوروبي تحدد نطاق هذه العقوبات.
وكان الاتحاد الأوروبي ركز سابقا على أفراد وعدد قليل من الهيئات التي لها صلة مباشرة بضم روسيا لجزيرة القرم وبانتفاضة الانفصاليين شرقي أوكرانيا.
ويدرس الاتحاد الأوروبي إمكانية فرض حظر أسلحة على روسيا. ويدفع رئيس الوزراء ديفيد كاميرون من أجل تبني هذا الخيار حالياً.
وتعرضت فرنسا لانتقادات كثيرة بسبب قرارها المضي قدما في بيع حاملتي مروحيات من نوع «ميسترال» إلى روسيا. وقالت فرنسا في 21 تموز (يوليو) الجاري إنها قد توقف تسليم السفينة الثانية، مشيرة إلى أن ذلك يتوقف على موقف موسكو إزاء الوضع في أوكرانيا.
ماذا فعلت الولايات المتحدة؟
تؤثر العقوبات الأميركية على أشخاص ذوي نفوذ مقربين من الرئيس بوتين، بعضهم من أغنى رجال الأعمال في روسيا.
ومن بين هؤلاء غينادي تيمشينكو مؤسس شركة «غونروف» التجارية، والذي يمتلك أيضاً مجموعة «فولغا غروب» الاستثمارية التي لها حصص في قطاع الطاقة والنقل والبنية التحتية من بينها «نوفاتيك»، ثاني أكبر منتج للغاز في روسيا.
ايغور سيتشين هو اسم كبير آخر على قائمة العقوبات الأميركية، وهو ضابط سابق في المخابرات الروسية وحليف قديم لبوتين.
وسيتشين هو رئيس شركة النفط العملاقة المملوكة للدولة «روزنفت»، والتي ترتبط بشراكات في مجال الطاقة مع اكسون موبيل وبريتيش بتروليوم البريطانية.
لماذا استبعاد فلاديمير بوتين عن قائمة العقوبات؟
لا يريد زعماء الغرب معاملة روسيا كدولة منبوذة دولياً، فهم يريدون الاستمرار في لقاء بوتين وجها لوجه، وإذا أدرج اسمه ضمن قائمة العقوبات، فسيكون من الصعب ممارسة ضغوط دبلوماسية مباشرة عليه.
علاوة على ذلك، لا يزال الغرب يريد تعاون روسيا بشأن مجموعة هائلة من القضايا من بينها إيران وكوريا الشمالية.
ووسعت الولايات المتحدة قائمتها بضم المزيد من الشركات الروسية من بينها روزنفت ونوفاتيك بالإضافة إلى مصرف «غازبروم بنك» الذي هو جزء من تكتل غازبروم العملاق المملوك للدولة.
وتشمل القائمة أيضاً مصرف «فنيش أكونوم بنك» الحكومي الذي يعود تاريخه إلى الحقبة السوفياتية.
وأدرج على القائمة أيضاً شركة «كلاشينكوف» الشهيرة لتصنيع الأسلحة بالإضافة إلى «الجمهوريات الشعبية» غير المعترف بها والتي أسسها الانفصاليون بشكل منفرد في منطقتي دونيتسك ولوهانسك.

الى اي حد تضر هذه الإجراءات الاقتصاد الروسي؟
تبعث العقوبات برسالة قوية إلى بوتين وحلفائه الذين يتمتعون بنفوذ قوي في عالم الاقتصاد والسياسة.
وستجد البنوك وشركات الطاقة المدرجة على قائمة العقوبات صعوبة في الدخول إلى أسواق المال الأميركية.
وقد يضر حظر السفر الغربي بأصدقاء بوتين الأغنياء أصحاب النفوذ، لكن تجميد الأصول قد يؤثر عليهم بدرجة أقل.
وتمثل لندن منطقة جذب شهيرة للنخبة من رجال الأعمال الروس الذين اشترى العديد منهم عقارات باهظة في بريطانيا.
ويرتبط الاتحاد الأوروبي بعلاقات اقتصادية مع روسيا أقوى من الولايات المتحدة، ولذا فإن تضييق نطاق عقوبات الاتحاد الأوروبي سيحد من التأثير الشامل لها على موسكو.
لكن مراقبين يقولون إن العقوبات هي على الأرجح أمر سيء للاقتصاد الروسي الذي تراجع هذا العام. وبعد سنوات من الانتعاش بفضل إيرادات النفط الروسي، فإن الاقتصاد يواجه الآن تراجعاً في الاستثمارات المباشرة وهروباً كبيراً لرأس المال.
وفر من روسيا رأس مال يقدر بـ 75 مليار دولار هذا العام، وهو معدل أعلى بكثير مقارنة بالعام الماضي. وتترنح روسيا على شفا ركود اقتصادي، وحقق الاقتصاد نموا بلغ فقط 1،3 في المئة العام الماضي، ولم يحقق نموا على الاطلاق بين نيسان (ابريل) وحزيران (يونيو).
وفي المقابل، ما الذي ستخسره أوروبا من تراجع النشاط الاقتصادي مع روسيا؟
ستشعر بعض دول الاتحاد الأوروبي بالتأثير أكثر من دول أخرى، وأصبحت روسيا سوقاً مزدهرة للسلع الاستهلاكية الغربية في العقد الماضي. ويبدو أن ألمانيا على وجه الخصوص تعارض زيادة العقوبات على روسيا، وهذا ليس أمراً مثيراً للدهشة إذ أن صادرات ألمانيا إلى روسيا بلغت 38 مليار يورو في عام 2013، وهو الأعلى بين دول الاتحاد الأوروبي.
والأهم من ذلك هو أن ألمانيا تحصل على أكثر من 30 في المئة من صادراتها من النفط والغاز من روسيا.
وتعتمد هولندا وإيطاليا بشكل كبير على صادرات الطاقة الروسية، بالإضافة إلى أن بعض جيران روسيا من دول الاتحاد السوفياتي السابق يعتمدون بشكل كامل على شحنات الغاز الروسية.
وبلغ إجمالي التبادل التجاري بين الاتحاد الأوروبي وروسيا نحو 270 مليار يورو في عام 2012، وهو أعلى بكثير من مستوى التبادل التجاري بين الولايات المتحدة وروسيا.

(أ ف ب – رويترز – بي بي سي)

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق