سياسة لبنانيةلبنانيات

بعد كل هذا التفلت هل يمكن القول ان في لبنان دولة؟

مرة جديدة تثبت الوقائع والاحداث ان لا دولة في لبنان، بل دويلات تديرها فئات متعددة امنية واقتصادية ومعيشية وغيرها. التفلت بلغ مداه، واصبح كل فريق او طرف يتصرف بما يلائم مصلحته، بعيداً عن مصلحة البلد. هذا التفلت المخيف سببه تراخي السلطة في لبنان. فهي منذ البداية لم تحزم امرها، وتفرض حكم القانون على الجميع وهي لو فعلت لما وصلنا الى هذه الحال.
الضجة القائمة اليوم والاضطراب الامني وحرب التهديدات بين المواطنين على وسائل التواصل الاجتماعي، عائدة الى ان محققاً عدلياً كلفه مجلس الوزراء التحقيق في جريمة ذهب ضحيتها 217 قتيلاً و6500 جريح، وتدمير نصف العاصمة، وتشريد عشرات الالوف، ولكن يبدو انه ممنوع الوصول الى الحقيقة وكشف المسببين والفاعلين. فشنت حرب شعواء على المحقق فادي صوان وازاحوه، وها هي الحرب ذاتها تشن على طارق البيطار لازاحته، ولو جاء بعدهما مئة محقق سيكون مصيرهم مشابهاً. اذاً فليفهم الجميع، مسؤولين واهالي ضحايا الانفجار – الجريمة وعموم اللبنانيين بانه ممنوع الوصول الى الحقيقة، ونقطة على السطر.
في لبنان المحاسبة غائبة ولو كانت موجودة لما كنا نعيش اليوم هذا الاضطراب، ولا هذه العتمة التي اعادت لبنان الى العصر الحجري ولا هذا التفلت في الاسعار، ولا في اسعار الدولار الذي قفز الى 21 الف ليرة وهو مرشح للصعود. ولا الى الانقطاع المستمر للمياه… ولو كانت هناك محاسبة لما شُرعت المعابر غير الشرعية بوجه المهربين والمتاجرين بحياة الناس، ولما نشط المحتكرون، ولما اختفت الادوية من الاسواق اللبنانية وهددت حياة المواطنين.
القاضي بيطار لم يرتكب ذنباً سوى انه قام بوظيفته خير قيام، محاولاً كشف الحقيقة وازاحة الستار عن جريمة المرفأ. وهذا في نظر بعض الفئات ممنوع منعاً باتاً، ويذكرنا هذا الرفض بالاجواء التي رافقت تشكيل المحكمة الدولية من اجل لبنان. فلو كانت السلطة قائمة في لبنان وعلى قدر المسؤولية، لحزمت امرها ومنعت هذه التحركات، وتركت القانون يأخذ مجراه. ولكنها انصاعت للاوامر وهي تبحث عن مخرج للفلفة القضية وبالطبع سيكون القاضي بيطار كبش المحرقة. فهل هذا مصير كل من يتقيد بالقوانين ويحاول تنفيذها؟
الحكومة المهزوزة والتي شهدت سخونة في اجتماعها الاخير، عاجزة عن المواجهة، وبدل ان تجتمع وتأخذ القرار الحازم والحاسم، وتوقف كل الاطراف عند حدهم، الغت اجتماعاتها ووقفت تتفرج. فهل نقول بعد ذلك ان في لبنان دولة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق