افتتاحية

مطلوب رجال وطنيين مصلحة بلدهم اولاً

التحقيق الجنائي اذا ما طبق بصورة صحيحة فانه يكشف الفاسدين والذين بددوا اموال الدولة وافقروا الشعب. وهو شرط اساسي من الاصلاحات التي حددها المجتمعان العربي والدولي لمساعدة لبنان. لذلك فقد رحب اللبنانيون بعودة الحديث عن هذا التحقيق، الا انهم اشترطوا ان يكون شاملاً وشفافاً ونزيهاً، ويشمل كل الوزارات والصناديق التي ساهمت في الهدر، وخصوصاً تلك الوزارات التي يعلم الجميع انها تتحمل المسؤولية الكبرى عن تبديد الاموال. وهذا ما اكد عليه البطريرك الراعي. اما اذا اقتصر التحقيق الجنائي على قطاع دون اخر، فانه يأتي بنتائج عكسية تساعد على استمرار الهدر والفساد. ولا يمكن معها استعادة الاموال المنهوبة ويكون الفاسدون قد نجوا من العقاب.
والسير بالتحقيق الجنائي يتطلب تشكيل حكومة فاعلة تتولاه دون مراعاة اي طرف من الاطراف، فتوصل اللبنانيين الى ما يصبون اليه، وتنقذهم من الجحيم الذي القتهم فيه المنظومة السياسية المتحكمة بهم. فهي تعيش في افضل حال فيما الشعب يئن من الفقر والجوع. فلماذا لا تتناسى هذه المنظومة مصالحها الخاصة ولو لفترة قصيرة، وتلتفت الى البلد واهله الذين يجتازون كارثة لم يسبق ان حل بهم مثلها في تاريخ لبنان. فتعمد الى تشكيل حكومة يكون وزراؤها من اهل العلم والاختصاص، بعيدين عن السياسة واحابيلها، فيرتاح الجميع. هل هذا كثير على اللبنانيين وهل هم يطلبون المستحيل، عندما يطالبون بما هو متوفر لدى شعوب العالم قاطبة الا في لبنان؟
وما يؤلم المواطنين اكثر ويحز في نفوسهم، ان المجتمعين العربي والدولي يهتمان بلبنان وهما قلقان عليه بعدما اصبح مصيره مهدداً بفعل السياسات التي تتبعها هذه المنظومة، فيما اهل السلطة الذين اختارهم الشعب ليمثلوه، يديرون ظهرهم له ويتلهون بمصالحهم الخاصة والمكاسب التي يمكنهم ان يجنوها. فهل ان الذين انتخبوهم، انما اختاروهم على هذا الاساس؟
لقد شهد الاسبوع الماضي سلسلة زيارات عربية ودولية وركزت كلها على ضرورة الاسراع في تشكيل حكومة فاعلة، ولكن السياسيين يتصرفون وكأن الامر لا يعنيهم، وليس موجهاً اليهم، وهم ماضون في سياسة قهر اللبنانيين وتجويعهم.
يقولون ان اسباب الازمات التي تعصف بالبلد هي خارجية. وهذا كلام وحجج مرفوضة. فنحن نسأل هل يستطيع الخارج مهما عظم شأنه، ان يؤثر ولو ذرة واحدة، لو كان السياسيون اللبنانيون لا يريدون؟ اذاً ان انغماس الخارج في الشأن اللبناني سببه السياسيون انفسهم الذين يسهلون لهذا الطرف او ذاك ان يتدخل. ولو ان السياسيين تكاتفوا على مصلحة بلدهم واداروا ظهورهم لتدخلات الخارج لما استطاع احد ان يملي ارادته عليهم. لذلك فان لبنان بحاجة الى رجال وطنيين يضعون مصلحة بلدهم فوق كل اعتبار

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق