أبرز الأخبارتحقيق

وهيدا صيف لبنان!

في البلد مهرجانات، دولية، محلية، وقروية. وفي البلد أيضاً سياحة دينية وبيئية على رغم كل الطفرات المستجدة وإلغاء بعض المناطق مهرجاناتها المحلية لأسباب إما أمنية أو إجتماعية مستجدة على خلفية النزوح.
وفي البلد أيضاً مغتربون ولبنانيون قرروا ان يسوحوا في بلدهم. ومن قال إن اللبناني لا يقدر القيمة السياحية في بلده؟ الحاجة ام السياحة الداخلية في لبنان.
ومن يفكر أنها مجرد طفرة أو رد فعل على واقع بلد فقد كل مقومات الدولة، ما عليه إلا أن يحجز لنفسه مكاناً في أحد مواقع السهر أو على كرسي أحد المهرجانات الدولية او القروية أو حتى مهرجانات الكرز أو الدراق أو التفاح… الفكرة وحدها تستحق المجازفة!

قبل ان يتحول البلد إلى ما يشبه كتلة أزمات ومسرحاً لصراعات دول الجوار، كانت السياحة الداخلية مجرد خبر أو حكاية يسمعها اللبنانيون من السياح أو اللبناني المغترب.
منذ نحو ثلاثة أعوام تغير المشهد وصار للحكاية فصول. ففي وقت كانت السياحة الداخلية تعتمد على عدد من الزوار وعلى رأسهم الأتراك والأردنيون والعراقيون والخليجيون، بات اللبناني سائحاً في وطنه ومدمناً على اماكن السهر فيه وعاشقاً للفن الذي تقدمه المهرجانات في برامجها سواء كانت محلية ام دولية. الأسباب؟

اللبنانيون سياح في وطنهم

منها الأمنية ومنها الإقتصادية ومنها التحدي للواقع الذي يفرض على اللبناني أن يختار إما العيش في كبوة الحياة او التمرد عليها بإحدى الوسائل. اللبناني اختار الوسيلة الأقرب إلى هويته. سياحة داخل الوطن. وأياً تكن الأسباب المهم أنها أدخلت اللبناني عاماً بعد عام إلى عمق فصول الأسطورة التي تقول إن لبنان جنة على الأرض.
وزارة السياحة ثمنت هذا الواقع وقررت ان تقف إلى جانب القيمين على المهرجانات قناعة منها بأن السياحة أياً يكن مصدرها تبقى الأساس لوضع لبنان على خريطة العالم. وبحسب التقارير الصادرة عن الوزارة فإن نسبة اللبنانيين الذين يمارسون هذا النوع من السياحة الداخلية تتجاوز الـ 60 في المئة . اما خياراتهم أو بمعنى اوضح وجهة السياحة فتراوح بين المناطق الأكثر شهرة سياحياً ومنها جبيل وبعلبك وجعيتا والأرز وإهدن وبشري وبيت الدين إضافة إلى الأماكن الدينية ومنها حريصا والقديس شربل ورفقا، والأهم ان تكون الأكثر اماناً، وعليه فإن الكثير من النقاط السياحية تم إلغاؤها قسراً عن الخريطة.
الشركات المنظمة لهذه الرحلات اكدت على لسان مندوبيها أن السياحة الداخلية والمطلوبة من قبل اللبنانيين طيلة ايام السنة تشكل مورداً سياحياً مهماً في لبنان وتصر الشركات على تقديم عروضات كاملة تتضمن وجبة غذاء مع إقامة في الفندق لتشجيع اللبنانيين على خوض غمار هذه السياحة. أما المناطق الأكثر طلباً على الرحلات السياحية الداخلية فهي الأرز وبشري ومار قزحيا وبيت الدين حيث تكون الزيارة الأبرز إلى قصر الأمير فخر الدين ويتم خلالها زيارة المعالم الأثرية والمحميات الطبيعية . اما محطات الغذاء فغالباً ما تكون في مطاعم تتميز بأطباقها اللبنانية والشرقية وعلى رأسها طبق السمك المقلي او المشوي.

والى عز المهرجانات…

منظمو مهرجانات بعلبك يؤكدون ان لا تغيير في المكان ولا الزمان والحجوزات «مفولة»

مللتم بحثاً ودوراناً وكسدرة؟ مهرجانات القرى قد تكون المنفذ الوحيد للخروج من دوامة الروتين السياحي داخل الوطن. والعناوين كثيرة: «مهرجان القرى السياحية العالمية» مهرجانات صور، صورات، حراجل، مهرجان الكرز، الدراق، التفاح… اسماء تفتح الشهية وتحمس على المشاركة. تماماً كما حال المهرجانات الدولية التي يؤكد القيمون عليها أنها تلاقي إقبالاً ملحوظاً حتى ان غالبية البطاقات بيعت قبل موعد الحفلات على غرار ما حصل في مهرجانات بيت الدين وجبيل. تسألون عن مهرجانات بعلبك؟ حتى الساعة لا تغيير في المكان ولا الزمان. والقيمون على إدارة المهرجانات الدوليون يؤكدون ان البطاقات محجوزة بالكامل. تستحق بعلبك ومهرجاناتها الدولية حتما المجازفة!.

اهدنيات وموعد مع خوليو

ومن البقاع الى الشمال، وتحديداً من بعلبك إلى إهدن در.. والمشوار إلى هناك يفترض تنظيم برنامج سياحي بالكامل. لينا لحود المسؤولة الإعلامية في لجنة «إهدنيات» تقول: «لا يمكن مقاربة مهرجانات إهدن بسواها. فلكل مهرجان خصوصياته. وفي ما يخص «إهدنيات» اعتمدنا هذه السنة برنامجاً يرضي جميع الأذواق لجهة التنوع والميزانيات. وليلة الإفتتاح في 25 تموز (يوليو) سيتوجها الفنان العالمي خوليو إيغليزياس حيث بيعت بطاقات الحفل كلها. كذلك الأمر بالنسبة إلى باقي الفنانين ومنهم كاظم الساهر الذي يحجز له السائح اللبناني المقيم والمغترب عند الإعلان عن موعد «إهدنيات»، وزياد الرحباني الذي سيضفي هذه السنة اجواء مميزة على ليالي سهر إهدنيات».

 بطاقات حفل خوليو إيغليزياس في مهرجان «اهدنيات» نفدت منذ شهر 

مصيف إهدن لا يقتصر على مهرجاناتها فهناك السياحة البيئية التي تشتهر بها البلدة من خلال محمية «حرج إهدن» التي تضم عدداً من الأعشاب النادرة، والسياحة الدينية حيث أقدم كنيسة مارونية في الشرق ووادي قنوبين الذي يقع في جزء منه داخل حدود إهدن. ولكل المشككين بإمكانية الوصول إلى «إهدنيات» من دون خضات أمنية، تطمئن لحود ان الطريق إلى منطقة إهدن سالكة وآمنة ومزروعة بحب أبناء إهدن وكرمهم وحب الضيافة الذي يتميزون به.
4 فنادق تم افتتاحها العام الماضي في إهدن إضافة إلى الفنادق الموجودة فيها وكلها محجوزة بحسب لحود من قبل اللبنانيين المقيمين والمغتربين الذين ينظمون رحلاتهم الداخلية إلى إهدن ويمضون فيها الويك إند أو ما يقارب الأسبوع. أما ليل إهدن الذي يبدأ في مطاعمها المشهورة بأشهى الأطباق اللبنانية لا سيما منها الكبة الإهدنية ويتوج بمواعيد «إهدنيات»، فلا ينتهي إلا مع ساعات الصباح الأولى. وطبعاً صباح إهدن لا يحلو إلا مع «صحن السحلب» والكعكة الإهدنية.

على الروزنامة

أخبار تفرح القلب. ولم ننته بعد. فمهرجانات القرى على الروزنامة والمبارزة في هذا المجال تطول. البداية مع مهرجانات ضهور الشوير التي انطلقت منذ العام 1962 ولا تزال تحيي تراثها كما العادة. وما يميّز هذا المهرجان عن غيره، أنّ برنامجه يتضمن انتخاب ملكة جمال المغتربين اللبنانيين. نسأل عن الجمهور الذي بدأ يحسب الف حساب لكل منطقة يدخلها ويأتي الجواب: «إضافة إلى البرنامج الفني والتراثي يتميز مهرجان ضهور الشوير بعدد الحاضرين في الحفلات الفنية  الذي يتخطى الـ 15 ألف مشاهد في الحفلة الواحدة».
إشارة إلى أن ضهور الشوير دخلت مؤخراً موسوعة غينيس للارقام القياسية من خلال إقامة أكبر حلقة دبكة واكبر «شيش لحمة» من ضمن فعاليات مهرجان عيد المغتربين في ضهور الشوير.
وفي المقابل، ثمة من يؤكد أن بعض المناطق ألغت برامجها الفنية هذه السنة بسبب وجود نازحين فيها ومنهم من يؤكد أن الأوضاع الأمنية حالت دون إقامة مهرجانات قروية لا سيما في المناطق والقرى الواقعة على الحدود الشمالية. عظيم. لكن أغلبية القرى والبلدات قررت أن تتحدى هذا الواقع فلماذا لا ننظر إلى هذا النصف الملآن من الكأس؟

ليالي زوق مكايل

نظرية يصر طوني سلامة المسؤول في لجنة سوق الزوق العتيق والعضو البلدي فيها على تكرارها في معرض كلامه عن «ليالي سوق الزوق العتيق» ويقول: «هذه السنة افترض البعض ان الوضع الأمني كان وراء انحسار عدد زوار ليالي سوق الزوق. لكن السبب كان يعود إلى تزامن موعد انطلاق الليالي مع المونديال يضاف إلى ذلك شهر رمضان.
أسباب قد تكون مقنعة حالت دون حصول العجقة التي تعودها اللبناني في «سوق الزوق» لكننا مع ذلك نؤكد أن الحركة كانت مقبولة على رغم تراجع حركة السياحة الخليجية والأجنبية التي تعود عليها سوق الزوق العتيق ولم نتأثر على الصعيد السياحي ولا حتى التجاري نظرا إلى تمايز السوق من حيث نوعية الأصناف الموجودة فيه من حرفيات وأشغال يدوية وتراثية، ولن ننسى حتماً المطاعم المنوعة في هويتها وأطباقها».
والى ليالي سوق الزوق، موعد جمهور مهرجانات زوق مكايل الدولية اقترب وهذا ما يراهن عليه القيمون على السوق والمهرجانات. فجمهورها الوفي على الوعد فهل ينسحب الوفاء على مهرجانات القرى؟

لكل قرية مهرجانها
بين قرية وأخرى تتفاوت نسبة الإقبال والحضور: حراجل، صور، صورات، زبدين… لكل قرية مهرجانها، وفكرة إحياء التراث بهدف المحافظة عليه كمخزون ثقافي وحضاري تكفي لجذب اكبر عدد ممكن اقله من اهالي القرية وزوار الجوار والمغتربين الوافدين إلى قراهم لتفقد الأهل والسهر على رائحة المشاوي وأصوات جرن الكبة ونغمة المهباج ودعسات الشباب على نغمة الدبكة اللبنانية.
نعم هكذا تكون مهرجانات القرى وهكذا يسوح اللبنانيون في وطنهم.
من قال إن الوطن بلا رأس لا يتقن فن السياحة الداخلية؟
لبنان على رأس القائمة حتى إشعار آخر

جومانا نصر

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق