رئيسيسياسة عربية

اليمن: حملة عسكرية لاعادة تحرير الجنوب من القاعدة

بالتزامن مع انطلاق الجولة الثانية من الحوار الوطني في اليمن، وحالة التفاؤل السائدة بتحقيق قدر من التقدم على طريق وضع دستور جديد، وقانون انتخابي يعالج الثغرات القائمة، يتعاطى اليمنيون مع كم من الازمات التي تؤسس لحالة مختلفة من القلق على مستقبل البلاد.

الفرحة بانطلاق الجولة الحوارية، تزامنت مع امر واقع تمثل باستعادة تنظيم القاعدة السيطرة على اجزاء كبيرة من مناطق الجنوب، واضطرار الجيش لترتيب «غزوة» جديدة عنوانها «تحرير الجنوب من سيطرة التنظيم، ووقف عملياته ضد المسؤولين الامنيين وغيرهم»، اضافة الى اندلاع مواجهات بين تنظيمات حوثية واعضاء في قوى الامن المركزي.
ميدانياً، اصيب عشرة اشخاص بجروح في اشتباكات وقعت امام مبنى الامن القومي في صنعاء بين مسلحين حوثيين وحرس المبنى الذي تمت مهاجمته.
وذكر مصدر امني  ان مسلحين حوثيين هاجموا مقر جهاز الامن المركزي وسط صنعاء القديمة مستخدمين اسلحة رشاشة وحصل تبادل اطلاق النار مع حراس المبنى. وافاد المسؤول ان الاشتباكات اسفرت عن سقوط اكثر من عشرة جرحى من الطرفين.
وبحسب المسؤول الامني، فان المهاجمين من جماعة الحوثي، وكانوا منتشرين بين حوالي 500 شخص من انصار الحوثيين خرجوا في تظاهرة سلمية امام المبنى في محاولة للضغط على الجهاز لاطلاق سراح عدد من المعتقلين المقربين من الحوثيين.
والمعتقلون الذين كانت التظاهرة تطالب بالافراج عنهم قبض عليهم خلال الايام الاخيرة في صنعاء بتهمة التهريب والتزوير، و«يشتبه بان بعضهم يتجسس لصالح ايران».
وفي السياق عينه، كشفت المصادر عن معلومات مفادها وجود دعم ايراني للتيار الحوثي، وعن عمليات تسليح متواصلة هدفها ضخ كميات من السلاح الى الحوثيين من اجل زعزعة استقرار البلاد، وفرض محمية حوثية يمكن ان تكون نواة للدولة الشيعية هناك. وهي الخطوة التي قوبلت بقرار امني رفيع المستوى مضمونه رفع درجة التأهب لمواجهة تلك الحالة.
فقد كشفت مصادر سياسية يمنية رفيعة، عن خطة استراتيجية للتصدي للمخطط الإيراني الذي يتمدد من خلال شبكات تجسس وتحالفات بين أطراف سياسية وميليشيات مسلحة، لافتة إلى أن السلطات رفعت درجة التأهب الأمني والسياسي إلى الدرجة العالية.

خطر التدخل الايراني
وأوضحت المصادر أن السلطات اليمنية باتت تستشعر خطر التدخلات الإيرانية بعدما تم الكشف خلال الفترة الأخيرة عن ست شبكات تجسس إيرانية، إضافة إلى ضبط سفينة أسلحة إيرانية كانت وجهة حمولتها الأراضي اليمنية لتزويد حلفاء إيران، وخصوصاً جماعة الحوثي الشيعية المسلحة.
وأشارت المصادر إلى أن هذا الإجراء يأتي استناداً إلى تراكم معلومات استخباراتية ومن وقائع تحركات ملموسة على الأرض لإحداث اضطرابات كما هي الحال بالنسبة الى التحركات الحوثية في صعدة، وما يقوم به الجناح المتطرف في الحراك الجنوبي الذي يتزعمه الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض، والذي يتلقى الدعم من إيران، إضافة إلى حلفاء جدد لإيران متهمين بالتورط في دعم عمليات تخريب للتيار الكهربائي وتفجير أنابيب النفط، فضلاً عن اختلالات أمنية أخرى.
ولفتت المصادر إلى أن حلفاء إيران في اليمن سعوا خلال الآونة الأخيرة إلى تحريض الشارع اليمني ضد أشقاء وجيران اليمن، خصوصاً المملكة العربية السعودية، وذلك انطلاقاً من مخطط لإعاقة العملية السياسية وإجهاض المبادرة الخليجية لإنهاء الأزمة في اليمن، والتي كان للسعودية دور فاعل في إخراجها ورعايتها مع شركاء دوليين، أبرزهم الولايات المتحدة الأميركية.
وفي مسار آخر، أطلقت القوات اليمنية حملة عسكرية كبيرة ضد المجموعات المنتمية الى تنظيم القاعدة التي سيطرت مؤخراً على عدد من المدن والقرى في محافظة حضرموت في جنوب شرق البلاد ما اسفر عن مقتل  عدد من الضباط والمدنيين.
وبدأت وحدات من الجيش مدعومة بالدبابات والمروحيات تنفيذ العملية ضد مقاتلي القاعدة في منطقة غيل باوزير التي تبعد 30 كيلومتراً الى الشرق من المكلا، عاصمة حضرموت. واكد شهود عيان انهم رأوا ارتالاً من المركبات العسكرية متجهة الى غيل باوزير التي سيطر عليها مسلحون من القاعدة خلال الشهر الماضي. وافاد شهود في وقت لاحق بأن عشرات المركبات والمدرعات توجهت ايضاً الى منطقتي الشحر وقاره القريبتين.
وذكر مصدر عسكري ان ضابطين قتلا خلال العمليات في محيط غيل باوزير، وان العملية مستمرة حتى تحرير المنطقة وبعض المناطق المجاورة من مقاتلي تنظيم القاعدة. وتوقع المصدر سقوط قتلى وعدد كبير من الجرحى في صفوف القاعدة وذكر انه تم رصد سيارات تنقل جرحى من التنظيم الى مناطق صحراوية نائية. وذكرت مصادر طبية انه تم نقل جثتي مدنيين الى مستشفى المكلا فيما اصيب سبعة عسكريين وخمسة مدنيين بجروح في المعارك. وكانت مجموعات من المسلحين المرتبطين بالقاعدة بدأت التجمع في مناطق بحضرموت منذ حزيران (يونيو) 2012 بعد نجاح الجيش في طرد التنظيم من محافظة ابين التي ظلت طوال سنة تقريباً تحت سيطرة القاعدة. وتشير المعلومات الى ان مسلحين من «انصار الشريعة»، الاسم الذي تتخذه القاعدة في جنوب اليمن، تمركزوا بشكل واضح في غيل باوزير ورفعوا شعارات تؤكد الولاء لـ «الامارة الاسلامية».

مؤتمر الحوار
وفي مسار مواز، بدأت الجلسة العامة الثانية لمؤتمر الحوار الوطني الهادف الى وضع دستور جديد والتحضير لانتخابات في اليمن بعد «انجازات ايجابية» اشاد فيها الرئيس عبد ربه منصور هادي.  وقال هادي أنه بتشكيل لجنة التوفيق لمؤتمر الحوار الوطني يكون المؤتمر قد دخل مرحلة مهمة وجديدة على طريق برنامج الحوار الذي يعلق عليه الشعب اليمني آمالاً كبيرة والخروج بالنتائج المطلوبة. والتقى اعضاء مجموعات العمل التسع، التي تم تشكيلها في نيسان (ابريل) نحو 11 الف شخص، يمثلون المسؤولين المحليين والمجتمع المدني في المحافظات الـ 17 في اليمن. وكانت اعمال المؤتمر بدأت في آذار (مارس) بعدما كانت مقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012.  وشدد هادي على انه لا غنى عن الحوار، مبرراً ذلك بأن الوطن لم يعد يحتمل المزيد من الازمات، وان هناك تحديات جسيمة، وتراكمات سلبية، على رأسها مشكلة الإرهاب، التي استغلت الأزمات الطاحنة التي مرت بها البلاد أسوأ استغلال. واضاف: ان الوطن ما زال يعاني الكثير من الاخطار والصعوبات وموروثات الماضي التي تطل بين الحين والآخر بنوازع الشر وثقافة الهدم، مستدعية معوقات الماضي، مشدداً على اهمية المضي في الحوار الوطني وانجاحه.

صنعاء – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق