افتتاحية

نواب مددوا لانفسهم شعارهم… التعطيل

بفضل نواب وصلوا الى كراسي النيابة في غفلة من الزمن، ولم يكتفوا بذلك بل مددوا لانفسهم مرتين متتاليتين، وهم يفكرون بالثالثة – بفضل هؤلاء اصبح كل شيء مشلولاً في البلد، رئاسة الجمهورية معطلة منذ سنتين ونصف السنة، حتى كاد الناس ان ينسوا ان هناك رئيساً للجمهورية يجب ان يعتلي سدة الرئاسة، ويمارس دوره لتعود المؤسسات الى العمل. مجلس النواب امتد اليه الجمود فليس قادراً لا على الاجتماع ولا على التشريع، وهذا طبيعي لان النواب بتخاذلهم رفضوا القيام بواجبهم الدستوري، ولم ينتخبوا رئيساً للبلاد. مجلس الوزراء شبه معطل وقد اقتسمه الوزراء وحولوه الى حصص وصفقات، حتى قال عنه رئيسه انه مجلس «مرقلي تامرقلك».
في يوم واحد الاسبوع الماضي عطل النواب الجلسة الثانية والاربعين لانتخاب رئيس للجمهورية، اذا لم اكن مخطئاً بالعدد، وامتنعوا عن تأمين النصاب وانتخاب رئيس للبلاد. وعطلوا ايضاً اجتماعاً للجان المشتركة كان مقرراً ان يناقش مشروع قانون الانتخابات. هذه القضية المستعصية لان النواب لا يريدون قانوناً جديداً للانتخاب، فقانون الستين الحالي يخدم اغراض الاكثرية الساحقة من اعضاء المجلس النيابي ويؤمن لهم بقاءهم في مراكزهم. فلماذا يغيرون؟
وهكذا ارجئت جلسة اللجان المشتركة الى 27 تموز (يوليو) الجاري، اسبوعان بالتمام والكمال مدة التأجيل، بدل ان تكون 24 ساعة فقط، لان الموضوع ملح. ولكن ما الهم طالما انهم غير مستعجلين، وهم يعملون على تقطيع الوقت. طبعاً النواب من كثرة مشاغلهم وانشغالهم بقضايا الناس وهمومهم، ليس لديهم الوقت الكافي ليأتوا الى المجلس النيابي ويضيعوا وقتهم في حضور جلسة اللجان المشتركة. فما يلهيهم عن الحضور اهم بكثير من ترتيب الحياة السياسية المتفلتة من كل قيد، والتي اذا استمرت على هذا المنوال فانها ستوصل البلاد الى الانهيار، وهي على كل حال لم تعد بعيدة عن الهوة… والحقيقة ان مجلساً كهذا، اعضاؤه فشلوا بعد سنتين ونصف من الاجتماع وانتخاب رئيس للجمهورية، لا يليق به قانون انتخاب عصري حديث يعطي كل طرف من الاطراف حقه. فالنواب اعتادوا على اخذ كل شيء، حتى فرغت الخزينة وفرغت معها جيوب المواطنين ولم يقدموا لهم بالمقابل اي شيء.
ان مجلساً نيابياً كهذا لا يليق به سوى قانون الستين، فهو يشبهه كثيراً ويجسد التخلف السياسي الذي يطبع هذا الطقم السياسي بطابعه. لماذا لا تطبق القوانين على النواب الذين فقدوا شرعيتهم، ولم يعودوا يتمتعون باي حصانة، منذ اليوم الاول الذين اقروا فيه التمديد لانفسهم، وتربعوا على كراسي النيابة رغماً عن انوف الناس؟ تذرعوا بان الاوضاع الامنية لا تسمح باجراء انتخابات نيابية، واتفقوا في ما بينهم على التمديد لانفسهم. ولما انتهت المدة الممددة اعادوا الكرة واستراحوا من هم الانتخابات. ولكن هل لا يزالون يمثلون الشعب الذي انتخبهم؟ بالطبع لا، والا لماذا يخشون العودة الى الشعب طالبين تجديد ولايتهم.
قبل اشهر جرت الانتخابات البلدية، وهي على الصعيد الامني اصعب من الانتخابات النيابية، لانها مرتبطة بالعائلات والزواريب الضيقة ومشاكل القرى، ومع ذلك مرت كلها بسلام، ولم تسجل فيها اي حادثة امنية تذكر فوجهت بذلك صفعة قوية على افواه الذين تذرعوا بالوضع الامني للتمديد. المهم ان المواطنين الذين اشتاقوا الى ممارسة حقهم الديمقراطي، تأملوا خيراً بعد الانتخابات البلدية، واعتقدوا ان النواب سيسارعون الى تقديم استقالاتهم، مفسحين في المجال امام الحكومة لاجراء انتخابات نيابية جديدة، يقرر الشعب من خلالها من يريد تمثيله. الا ان فألهم خاب، اذ طويت صفحة الانتخابات البلدية وطوي معها الحديث عن الانتخابات النيابية، وعملوا على ان ينسى الشعب هذا الاستحقاق الديمقراطي الحيوي. لماذا؟
لان التحرك الشعبي دل على ان الشعب سيحاسب هذه المرة. واذا صح فألنا فان كثيرين ممن هم في المجلس النيابي لن يعودوا اليه، في حال اجريت انتخابات نزيهة. ولذلك يعمد النواب الى ابعاد الكأس المرة عن انفسهم، بما انهم اصبحوا متيقنين بان الانتخابات ستجرى في موعدها، ولا مجال للتمديد هذه المرة. لذلك هم يعرقلون الوصول الى قانون انتخاب جديد، يوصل الى المجلس النيابي طبقة ربما تكون افضل من الطبقة الحالية التي شهد الجميع بسوء سياستها، لا بل اكيد ستكون افضل، لان الطبقة الحالية وصلت الى اسوأ مراحل التمثيل النيابي.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق