افتتاحية

اين المسؤولون عن محاسبة الفاسدين ولماذا هم صامتون؟

اين المسؤولون عن محاسبة الفاسدين ولماذا هم صامتون؟

لبنان هذا البلد الصغير، الذي عرف منذ القدم بانه بلد الجمال والسياحة والسلام، والذي تعاقب على حكمه رجال كبار اشتهروا بحنكتهم ودرايتهم ومعرفتهم في تدبير الامور وخصوصاً الامور السياسية بحيث طبقت شهرته الافاق…
لبنان الذي كان ملجأ المظلومين والهاربين من نير الحكام الطغاة، ولبنان الذي كان جامعة الشرق يلجأ اليه الطلاب، من كل حدب وصوب، لتحصيل العلم والمعرفة، وقد مر في جامعاته كبار سياسيي دول الشرق الاوسط…
ولبنان الذي كان في يوم من الايام مستشفى المنطقة العربية كلها يقصده المرضى من مختلف الدول العربية للاستشفاء في ربوعه مستفيدين من خبرة اطبائه المشهورين، ومن مناخه الصحي الفريد في هذا الشرق…
لبنان الذي كان كل هذا تحول الى بلد الفضائح على ايد رجال ادعوا انهم سياسيون وهم لا يعرفون من السياسة الا الاسم. فكلمة سياسة مشتقة من فعل ساس الامور اي تدبرها، فاي امر دبره هؤلاء الذين بتنا نخجل من القول انهم سياسونا، وانهم يمثلوننا ونحن بكل صراحة منهم براء.
اسابيعه حملت اسماء الفضائح التي ارتكبوها بحق الناس وبحق الوطن. فمرة اسبوع النفايات التي تحولت حكاية على كل شفة ولسان، وفاحت منها رائحة الفضائح والسمسرات، حتى غطت على رائحتها الكريهة اصلاً.
لقد اصبح القاصي والداني يعرف ان هذه الازمة لن تحل، قبل ان يتم توزيع الحصص. فالجيوب المنتفخة باموال هي عرق الناس وتعبهم، تكاد تكون بلا قعر، او بالاحرى قعرها سحيق، بحيث لن تمتلأ ابداً، الى ان تهرق اخر نقطة دم من دماء هذا الشعب.
ومرة اسبوع فضيحة الادوية، واللبنانيون يعرفون كيف ان بعض المتاجرين بحياتهم ادخلوا ادوية فاسدة وفاقدة الصلاحية، وسمموا بها اجسام الناس، حتى اذا ما انكشف امرهم علت الضجة وملأت فضائحهم اعمدة الصحف وشاشات التلفزة، وسرعان ما خفتت الاصوات حتى غابت. فهم اقوى من القانون ومن الحساب.
اما فضيحة الفضائح فهي الكهرباء. خمس وعشرون سنة مرت على انتهاء الحرب الاهلية في لبنان واكثر من عشرين مليار دولار اميركي، انفقت على هذا القطاع، ولم يتحقق انجاز واحد يشفي غليل الناس. فاين طارت هذه المليارات، وفي جيوب من حطت؟ واين الذين يدعون تمثيل الشعب، ويفترض بهم ان يحاسبوا ويحرصوا على كل قرش يخرج من جيوب الغلابى ليحط في الجيوب المنتفخة؟
هناك فريق تعاقب على النهل من وزارة الكهرباء، وهو معروف من كل اللبنانيين فلماذا لا يتحرك نائب واحد تدب الحمية في داخله، فيصرخ بصوت عال ويطالب بكشف بالاموال التي انفقت على شركة الكهرباء وبـ «الانجازات» التي تحققت بهذه الاموال.
الناس تعرف ان من يحاسب عليه ان يكون نظيف الكف، حتى لا يواجه بفساد ارتكبه، فهل ان التقاعس عن المحاسبة سببه الخوف من السقوط في المحاسبة. نحن لا نصدق انه لم يعد بين السياسيين من هو قادر على المحاسبة، ونرجو ان نكون على حق، لانه اذا وجد من يستطيع ان يحاسب ولو صمت اليوم، سيأتي يوم ويبق البحصة.
الكهرباء من ضرورات الحياة ولا يستطيع الانسان ان يسهل امور حياته بدونها وهو يحتاج الىها بصورة خاصة في عز الصيف، وفي عز الشتاء. ولكن الموسف ان الكهرباء تختفي بشكل شبه نهائي في هاتين الفترتين. فلماذا؟
في العام 2011 طلب وزير الطاقة ملياراً ومئتي مليون دولار واعداً بان يحظى اللبنانيون بالكهرباء 24 على 24 في العام2015. واليوم وبعد ان انتصف العام 2015 «ينعم» اللبنانيون بالعتمة 24 على 24 فاين ذهبت هذه المليارات واين انفقت وما هي الانجازات التي تحققت؟ ولماذا لم يتحقق وعد الوزير؟ ومن المسؤول؟
تجدر الاشارة الى ان داعمي هذا الوزير خاضوا معركة طاحنة في سبيل الحصول على هذا المبلغ الضخم. فهل هناك من يسأل هذا الوزير وداعميه ما هو مصير هذه الاموال؟ واين انفقت؟ لماذا هذا الخوف؟ ولماذا لا نجد من يسأل ويحاسب؟
يقول وزير الطاقة من اين اعطيكم الكهرباء «هل اتي بها من بيت بيي»؟ كلا يا معالي الوزير نحن لا نريد كهرباء «من بيت بيك»، بل من العشرين ملياراً واكثر التي صرفت من جيوب الناس على الكهرباء، ولا نزال بعد ربع قرن على انتهاء الحرب، نفتش عن شمعة نضيء بها منازلنا لانكم فشلتم في تأمين الكهرباء.
لو كنا في بلد يحافظ على الكرامات ويحفظ حقوق الناس لما بقيتم في كراسيكم، ولما كان الناس يعانون بهذا الشكل المخجل. فمتى يستيقظ الضمير؟ والاهم متى يستيقظ اللبنانيون؟

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق