سياسة لبنانية

بعد لقاء الراعي وجيرو: الملف الرئاسي يراوح مكانه

تناول اللقاء بين البطريرك الراعي والموفد الفرنسي فرنسوا جيرو في الفاتيكان حصيلة الاجتماعات التي عقدها الأخير في لبنان والمنطقة، وتبيّن بنتيجتها أن موضوع الاستحقاق الرئاسي لا يزال يراوح مكانه. وتكشف مصادر دبلوماسية أن جيرو أبلغ الراعي حصيلة تحركه وزياراته لكل من الرياض وطهران، حيث تقاطعت على ما يأي: أن ليس هناك أفضلية لمرشح ضد آخر / أن ليس هناك من «فيتو» على أية شخصية / وهناك تشجيع للبنانيين على انتخاب رئيس في أسرع وقت، وعلى أن المبادرة هي في أيدي اللبنانيين.
وأشار جيرو الى أن زياراته الأخيرة لطهران والرياض اصطدمت بعروض سعودية وإيرانية متشددة في جوانب محددة من الاستحقاق الرئاسي لا يفككها ولا يعطلها سوى تفاهم ماروني – ماروني. وخلص الى معادلة واضحة مفادها أن الدولتين التقتا على نقطة واحدة وهي تحميل المسيحيين مسؤولية الخطوة الأولى في الطريق الواجب سلوكها الى انتخاب الرئيس العتيد. وأن ما يردده مسؤولو «المستقبل» وحزب الله في لبنان ليس سوى صدى لهذين الموقفين على رغم التمايز في اللهجة. وعلى هذا الأساس نصح جيرو المسيحيين، وفي مقدمهم البطريرك الراعي بضرورة السعي إلى إحياء الحوار بين القادة المسيحيين، وطالبه بأن يبذل فور عودته من روما جهداً إضافياً لكي يتفق المسيحيون، وفي مقدمهم القادة الأربعة، على شخصية خارج ثنائية المرشحين المعلنين، فحظوظ عون في خوض السباق ليست أفضل من حظوظ جعجع، وإن البحث عن شخصية ثالثة من ضمن القادة الموارنة الأربعة أو غيرهم أمر ملح لقطع الطريق على المتلاعبين بالاستحقاق قبل فوات الأوان.
وفي خلال المباحثات، أظهر جيرو حرص فرنسا على ضرورة انتخاب الرئيس كأحد أهم عوامل الاستقرار، ودعم بلاده وارتياحها للحوارات الداخلية الحاصلة، إن كان بين «تيار المستقبل» وحزب الله، أو بين «القوات» و«الوطني الحر»… وتشير المعلومات الى أن الراعي أبلغ الموفد الفرنسي أنه على استعداد لملاقاة فرنسا في تحركها لكنه شرح له محدودية التحرك الذي سيقوم به نظراً الى عدم ورود مواقف جديدة من الأطراف المعنيين. وأبلغ الراعي الى جيرو أيضاً  أنه سيقوم فور عودته الى بيروت باتصالات مع القيادات المسيحية وسيدعوها الى اجتماعات فردية أو ثنائية وربما رباعية في حال لمس تجاوبا لديها، علماً أن ثمة من يستبعد ذلك لأن القيادات تبدو غير متحمسة لعقد اجتماع قمة في ما بينها لئلا تتحمل مجدداً المسؤولية عن فشل حصول الانتخابات.
وفي لقائمها الاخير سأل جيرو عون في وضوح هل يعتقد أن جعجع سيؤيد ترشحه للرئاسة؟ فأجابه إيجاباً. وتعتقد مصادر دبلوماسية مواكبة أن جواب عون هدف إلى وقف النقاش وقطع الطريق على أي طروح بديلة. ذلك أن الدبلوماسي الفرنسي كان قد بلغه من الفريق الدبلوماسي الفرنسي أن حوار جعجع مع عون لا يهدف إلى تزكية ترشح عون بمقدار ما يهدف الى ترتيب البيت المسيحي والسعي للتفاهم على مرشح رئاسي مشترك بين «التيار» و«القوات».
وحول إخفاق وتعثر  الدبلوماسية الفرنسية في إيجاد حل للأزمة الرئاسية، تقول مصادر سياسية في فريق 8 آذار إن الفرنسيين يشكون عدم وجود تعاون أميركي في هذا الملف، فالإدارة الاميركية غير مستعجلة لحل الأزمة الرئاسية في لبنان، فمن جهة لا تريد إغضاب إيران في مرحلة حساسة ومصيرية في التفاوض على الملف النووي، ومن جهة أخرى لا تريد ممارسة الضغط على السعودية للسبب نفسه، فالأميركيون يعتقدون أن المرحلة الراهنة غير مناسبة للبحث الجدي مع السعوديين حول المخارج المنطقية لهذا الملف، فالأولوية لدى واشنطن هي في تسهيل «هضم» قيادة المملكة لأي اتفاق نووي محتمل توقيعه خلال الأشهر القليلة المقبلة، ولذلك تمارس الولايات المتحدة «حياداً سلبياً» في هذا الملف وتحاول عدم التدخل سلباً أو ايجاباً مع أي من الأطراف المؤثرين، فالأولوية لتحضير الأجواء المناسبة لتمرير التسوية النووية مع إيران، فإذا ما تم التفاهم حينها يصبح الطريق معبداً أمام البحث في القضايا والملفات الساخنة الأخرى، ومن ضمنها الملف الرئاسي اللبناني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق