أبرز الأخبارحوار

نازك الحريري: قوة الشجاعة

في أمسية باريسية، حللتُ ضيفةً لدى السيدة نازك رفيق الحريري في دارتها. حادثتني بأسلوبها اللطيف وصوتها الرقيق وتينك العينين اللتين تحملان، بكل حياءٍ وخَفَر، أعمقَ الآلام التي يشهد عليها التاريخ. وتراءى لي ذلك الأمل الضائع في حنايا إحساس ما بعده إحساس. وكما في الحكايا الشهيرة، لما بدأ الحديث، توارى كل شيء من حولنا. ورأيتُني أمام سيدةٍ فاضلة، تسكن أشد الذكريات حزناً، تعيش في منأىً عن صَخب الحياة، وتُكرِّسُ نفسها وعمرها، بكل شجاعة، للرسالة التي اتخذتها لنفسها.
خصوصيتُها تخفي إرادة قوية، وترسم دورها الجوهري الذي تؤديه بعيداً عن الأضواء.
هي امرأة تحيا مصيرَ زوجها ليس إلا، حتى نسيَت مصيرَها هي أو كادت. رقَّتها وهدوؤها يذوبان في قوة العزيمة، ولها رأي خاص في القول المأثور إذ تعتبر أن «وراء كل امرأة رجلاً». رجل: هو الرئيس رفيق الحريري، الذي كان لها، طولَ حياته، كل حياتها.
وتروي السيدة نازك رفيق الحريري في حديثٍ سكبت فيه من جميلِ شخصيتها، تروي لنا بعض ما نُحِبُّ أن نعرف عنها، وفي تينك العينين طيفٌ حزينٌ لا يُفارق نظرتها التي تحلمُ أبدًا بأن ترى ذات يوم حلمَ رفيق عمرها ودربها ببناء لبنان والحفاظ عليه… يتحقق.

تبقون رمزاً للبنان، فكيف تعيشونه؟ عندما تزوجتم الرئيس الشهيد رفيق الحريري هل ظننتم أن السياسة ستصبح في صُلب حياتكم؟
بسم الله الرحمن الرحيم، بدايةً أشكر لكم استضافتكم الكريمة في هذه المناسبة العزيزة جداً على قلبي، في ذكرى ولادة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهي الذكرى التي ما زالت تجمعنا على الحنين والاشتياق وعلى الخير والمحبة.
سيدتي الفاضلة، الرئيس الشهيد رفيق الحريري يبقى رمزًا وطنياً وإنسانياً، ومثالاً نيِّراً في قيم الحق والحرية والحداثة. ونحن نسعى مع العائلة إلى الحفاظ على هذه الرمزية، التي نعيشها في كل تفاصيل حياتنا وفي عملنا المُستمر بمواصلة مسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ونهجه وحلمه من أجل مستقبل أفضل للإنسان في بلدنا الحبيب لبنان وفي العالم أجمع.
ومن يتعرَّف بالرئيس رفيق الحريري لا يخفى عليه هذا البعد الشامل والرؤية المتكاملة التي لا تتوقف عند مكان أو زمان أو موضوع. وعندما اخترنا، الرئيس رفيق الحريري وأنا أن نكمل الدرب معاً، أدركت أن هذا الدرب سيكون استثنائياً وسوف يشمل نواحي الحياة كافة بلا استثناء. عرفتُ أن حياتنا لن تتوقَّف عند حدود بيتنا العائلي، وسوف تكون غنيَّة بمواضيع الحياة اليومية، وأن الشأن العام، بوجهه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، سيكون في جوهر حياتنا.
أين كبرتم؟ وكيف تربيتم؟
نشأت وكبرت في كنف عائلة مُتحابَّة، بين والدين تعلَّمتُ منهما وأخوتي معنى التقوى والمحبة والعطاء، ومعنى أن يتشارك الإنسان حياته ورزقه مع غيره، وأن يتقبَّل هذا الغير ويحبِّه ويحترمه، مهما كان الاختلاف معه كبيراً أو عميقاً. والحمد لله سبحانه وتعالى أنه أكرمني برفيقَ درب تشارك معي بالقيم نفسها، وتعاونا معاً لننقلها لأولادنا ولأحفادنا.

القيم الاهم في الحياة
ما هي القِيَم التي تعتبرونها الأهم وكيف نقلتموها لأولادكم؟

الخير والمحبة والعدل والدفاع عن الحق مهما كان صعباً ومُكلِفاً. ولهذا السبب بالذات، لم نتوقف يوماً عن الدفاع عن حقِّنا وحق لبنان في معرفة من ارتكب جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر شهداء الوطن الأبرار الذين يسقطون في مسيرة الدفاع عن الدولة ومؤسساتها منذ نشأتها. فكشف الحقيقة وإحقاق العدالة هما السبيل الأول لتدعيم أسس الدولة الجامعة والمُوحَّدة والعادلة والآمنة والقوية والمتقدمة التي نحلم بها جميعاً. وإن شاء الله نتعاون معاً، مع جميع اللبنانيين واللبنانيات على قيام هذه الدولة، دولة القانون والحقوق والحريات والديمقراطية، رغم التحديات الكثيرة والجدية المحيطة بلبنان وبالمنطقة ككل.
كيف تصفون الرئيس الحريري كأب؟
الرئيس الشهيد رفيق الحريري هو الأب المسؤول، الذي يجمع الحكمة والعاطفة معاً. إنه الرفيق الدائم الذي يتابع أولاده في كل خطوة، حتى عندما تبعده المسافات أحياناً عنهم. يوجههم وينصحهم ويعلمهم حسن الاختيار ويترك القرار لهم. وكما دافع عن حرية الرأي في حياته العامة، حرص على البدء في تطبيقها في حياته الخاصة. ومن أجمل صفات الرئيس رفيق الحريري كأب وكإنسان هي صدقه، وتلك الشخصية الواضحة المعالم التي لا ترتدي الأقنعة ولا تُبدُّل وجهها بتبدُّل الظروف. فكما عرفناه في بيته أباً حنوناً حكيماً صادقاً، كذلك عرفناه في الحياة العامة، بمحبته للناس ورؤيته السديدة والتزامه الحق والحقيقة.
م
مَّ تستمدون قوتكم في الحياة؟ وهل ما زالت هذه القوة هي نفسها أو أنها تغيرت؟
لا أخفي سراً إذا قلت إن رحيل رفيق عمري ودربي استنفد الكثير من طاقتي وقواي. وحده الإيمان بالله سبحانه وتعالى والتسليم بقضائه وقدره، ثم التمسُّك بالإرث الكبير الذي تركه الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبذكراه الطيبة مدَّني بالقدرة على الاستمرار، وبالصبر على صعوبة العيش من بعده، رحمه الله.
هذه القوة لا تُقاس طبعاً بمكيال، وهي ليست قوة ثابتة، بل تتفاوت بين الحين والحين. تزيد أحياناً وتنقص أحياناً. وعندما أشعر بنقصها أعمل بما أوصانا به الله عز وجل، فأعتصم بالصبر والصلاة والدعاء. وكذلك أجلس في رحاب الذاكرة، وأسأل النفس كيف كان الرئيس رفيق الحريري ليتصرف في مثل هذا الموقف. وعندئذ، أستعيد طاقتي وأشد على الجرح، جرح الرحيل الأليم، وأمضي إلى الأمام، على دربه وخطواته التي ستبقى، بإذن الله، محفورة في داخلي.
ما هي برأيكم الشروط التي لا بد من أن تتوفر للقدرة على المسامحة؟
الإيمان بالله سبحانه وتعالى وبعدله، فهو ينصف برحمته المظلوم، ويحسن جزاء الصالحين. وإنه لا يُضيِّع أجر الخيِّرين المُحسنين، والرئيس الشهيد رفيق الحريري كان من بين هؤلاء الناس الذين امتلأ قلبهم حباً لله عز وجل وللناس جميعاً، وقد بنى صالح أعماله على الخير والمحبة. والله سبحانه تعالى برحمته سينصف، إن شاء الله، الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وإن شاء الله تكون روحه الطاهرة في جنَّة الخُلد.

القواسم المشتركة
ما هي القواسم المشتركة التي كانت تجمعكم بزوجكم؟

العاطفة والمودة والرحمة والتفهُّم والصدق والاحترام المتبادل كانت جميعاً أساس الرابط المُقدَّس الذي جمعني بالرئيس الشهيد رفيق الحريري، والقواسم المشتركة التي أثمرت بيتاً متينَ الأُسس وعائلةً تربَّت على الإيمان بالله سبحانه وتعالى وعلى المحبة، محبة بعضنا بعضاً ومحبة عائلتنا الكبرى، لبنان الحبيب وشعبه الطيب.
ما هي أهم علامة تركها زوجكم في لبنان؟
مسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في بناء الإنسان والدولة التي تُوِّجت باستشهاده أيقظت الشعوب إلى أن القضية التي ناضل واستُشهِد من أجلها الرئيس الشهيد الحريري ليست قضية شخص أو عائلة أو تيار بل هي قضية وطن جامع لكل أبنائه على اختلاف معتقداتهم وانتماءاتهم. فأصبح الرئيس الشهيد رفيق الحريري رمزاً لوطنه ولشعبه في قضية بناء الدولة على أسس الحق والعدالة والمصالح الوطنية، حتى استحق تقدير العالم أجمع وجائزة دولية منحتها الأمم المتحدة باسمه اعترافًا بتميُّزه ومنجزاته.
ما هي أجمل ذكرى لديكم؟
وهل تكون غير جميل الأيام التي تشاركت بها مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري كزوج وأب مُحِب وكزعيم وطني. حياتنا معاً تُشكِّل باقة من الذكريات الحلوة التي تسكنُ روحي وقلبي كلما تراءى لي طيف الرئيس الشهيد رفيق الحريري وحملني إليه الشوق الذي لا يهمدُ مهما طال اغترابي عنه. أتذكَّره في كل حين، ولا سيما في هذه الأيام الصعبة التي يمر بها الوطن والأمة. فلكم نحن بحاجة إلى حكمته ورؤيته السديدة والمستقبلية، وكم نحتاج إلى ذلك الدور الاستثنائي الذي كان يؤديه في المحافل الدولية عندما تشتد الأزمات على شعوب المنطقة والعالم. كان يشعر بأن وجع أي إنسان في أي مكان وُجِد هو وجعه، لذلك وضع في طليعة أولياته العمل ليلَ نهارَ على إيجاد عالم أفضل للإنسانية، عالم يكتنفه الأمن والسلام والحرية والعدالة والديمقراطية، وعالم خال من الفقر والجوع والجهل والحروب. وأسأل الله سبحانه وتعالى أن تبقى ذكراه الطيبة عبرةً وأمثولة في بناء المجتمعات الحديثة والمتقدمة.

مشروع بناء الدولة والانسان
ما هو المشروع أو المعركة الأحب إلى قلبكم؟

هو المشروع الذي نلتزم به كعائلة منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط (فبراير) 2005. مشروع بناء الدولة والإنسان في لبنان، والعمل نحو مجتمع عربي ومجتمع إنساني أفضل. إن تحقيق هذا الهدف قد يبدو صعباً جداً بالنظر إلى الوضع الراهن والتحديات والمخاطر المتعددة التي باتت تنتشر على امتداد العالم، وفي المنطقة العربية على وجه التحديد. ولبنان ليس بعيداً عن هذا الواقع الصعب، فنحن نعلم أن الأخطار تحوط بنا ولكننا نعلم أيضاً أن اللبنانيين كانوا دائماً يتمتعون بالحس الوطني. هذا الحس الوطني هو الذي يساعدنا في رفع شأن هذا الوطن الجميل الذي أعطى مبدعين من الرجال والنساء الذين يتركون بصماتهم البيضاء على صفحات التاريخ. وهذا الحس الوطني هو الذي يجعل لبنان منارة للمنطقة العربية وللأسرة الدولية في التميز والتفوق والعيش المشترك وثقافة الحوار والتسامح والانفتاح والاعتدال.
هل تؤمنون بالقدر؟
لولا الإيمان بالله سبحانه وتعالى والتسليم بقضائه وبقدره لما استطعنا صبراً على فراق الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولفقدنا الأمل بالحياة وبالغد. ولكن عندما يوقن الإنسان في سريرته أن الله عز وجل يختار له الخير دائمًا، فهو يصبر على قضاء الله وقدره. ويكفيك قوله سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم، بسم الله الرحمن الرحيم: (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون). صدق الله العظيم.
هل فكَّرتم يوماً في وضع كتاب؟
إنني اعتدت على تدوين خواطري واشتياقي للرئيس الشهيد رفيق الحريري. فعندما أفرغ ذاتي على الورق، أشعر ببعض الراحة والسكينة
، وبمُتنفَّس من ألم الفراق الطويل، ويتراءى لي طيفه بين صفحات الذاكرة. ولكنني حتى الحين أحتفظ بهذه المُدوَّنات في مكتبتي، ولربما أجمعها ذات يوم في كتاب وأتشارك بها مع الأحبة، إن شاء الله.

تحقيق المحكمة الدولية
ماذا يمكننا القول عن التحقيق الذي تقوده المحكمة الدولية حتى هذا اليوم؟

تواصل المحكمة الخاصة بلبنان تقدُّمها على درب الحقيقة. ومع انطلاق جلسات المحاكمة، أحرزت التحقيقات خطوة عملية في اتجاه إحقاق الحق ومعرفة من ارتكب جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر الشهداء الذين قضوا معه في ذلك اليوم الأليم. ونحن كعائلة سنبقى متمسكين بمسار العدالة، وإننا منذ مصابنا الأليم باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لم يكن هدفنا الانتقام بل إحقاق الحق ومعرفة الحقيقة. وإننا على يقين بأن الله سبحانه وتعالى سوف يقيم ميزان العدل عاجلاً أم آجلاً إن شاء الله. وبعد طي صفحة زمن الإفلات من العقاب إن شاء الله، نأمل بأن تُحقن دماء الأبرياء وكل من يُغتال بسبب رأيه أو عقيدته أو الأفكار التي يدافع عنها. وإننا نقف دائماً إلى جانب أهالي الشهداء الذين سقطوا في مسيرة بناء لبنان الدولة الحرة السيدة المستقلة والديمقراطية. ونخص بالتحية والإجلال شهداء المؤسسة العسكرية الأبرار الذين يبذلون حياتهم دفاعاً عن أمن البلاد وسيادتها. ونسأل الله سبحانه وتعالى لهم جميعًا أن يتغمَّدهم برحمته ويمنَّ على أهلهم بالصبر والسلوان، إن شاء الله.
ما أكثر ما تحبونه في حياتكم في فرنسا وما أقل ما تفضلونه؟
فرنسا لطالما كانت لعائلتنا ولكل عائلة لبنانية خير صديق، ولا سيما في الأوقات العصيبة. فعلى مر الأزمات التي شهدها لبنان، مدَّت لنا فرنسا، قيادة وشعباً، يد المعونة. وهي لم توفِّر مناسبة لتقف إلى جانب لبنان ولتساعده في الدفاع عن حقوقه وقضاياه أمام المحافل الدولية. وثقة فرنسا والرئيس جاك شيراك بالرئيس رفيق الحريري أثمرت مؤتمر باريس 1 وباريس 2 وباريس 3، وكل ذلك الدعم يصب في المصلحة الاقتصادية لبلدنا الحبيب لبنان ودعم المجتمع الدولي له. ونحن كعائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري لن ننسى لفرنسا وقوفها معنا ومواقفها وجهودها الحثيثة من أجل قيام المحكمة الدولية وكشف النقاب عن جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي حمل لفرنسا ولشعبها كل محبة وتقدير وأقام بين البلدين والشعبين اللبناني والفرنسي أواصر صداقة وتعاون وثيقة ومتينة جداً. ونحن كعائلة متمسكون بالحفاظ عليها وتطويرها. ولولا هذه المحبة وهذا الاحتضان الذي تحوطنا به فرنسا لكان وقع الاغتراب علينا أشد وأقوى. فليس أصعب من أن نعيش بعيداً عن الوطن والأهل والأحبة، ولكن حسن الضيافة التي نجدها في هذا البلد الكريم والعاطفة الصادقة والمودة والمحبة التي يحوطنا بها أهل هذا البلد تخفف شعورنا بالوحشة والوحدة. والأمل يبقى دائماً بأن ينتهي الاغتراب الصعب وتتيسر لنا العودة إلى الديار الحبيبة، بإذن الله.

لبنان في صلب حياتي
هل يمكن لزوجة الرئيس رفيق الحريري أن تبقى بعيدة لفترة طويلة؟

لم أكُن يوماً بعيدة عن الوطن والأحبة وإن فرَّقتنا المسافة، ولا عن القضايا التي تشغل الناس. فلبنان هو في صلب اهتماماتي وحياتي اليومية، والشأن الوطني يشكل محور نشاطاتي ولقاءاتي المستمرة التي تجمعني باللبنانيين واللبنانيات وبأصدقاء لبنان في العالم والجهات المختلفة المعنية بقضايانا الوطنية، وهي جميعاً تكاد تمحو ظلال الاغتراب. وإنني أبقى على تواصل وتراسل يومي مع الجهات المختلفة المعنية بالشأن العام ومع المنظمات غير الحكومية والجمعيات الأهلية المحلية لتبادل الأفكار والخبرات بما يصب في خدمة لبنان والقضايا والحقوق والحريات الإنسانية.
ما هي مشاريعكم المستقبلية؟
نحن نواصل السعي إلى إكمال مسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الوطنية، والعمل مع أهلنا في لبنان وأصدقائنا في العالم على إيجاد السُبل الناجعة لتجاوز التحديات الكثيرة والخطيرة التي تحوط بالوطن وبالمنطقة العربية ككل. ونحن كعائلة نوظف كل طاقاتنا وعلاقاتنا بهدف تحقيق أهداف الرئيس رفيق الحريري من أجل لبنان والإنسان، وبهدف الإسهام في تثبيت القيم والمبادىء الإنسانية التي دافع عنها الرئيس الشهيد رفيق الحريري بحياته وبشهادته. نحن نريد أن نرى لبنان يستعيد مسيرة النهوض والنمو التي تولى قيادتها الرئيس الشهيد رفيق الحريري منذ دخوله معترك الحياة العامة. نريد للبنان أن يستعيد مكانته ودوره في الأسرة الدولية كملتقى للثقافات والحضارات، وأن يرجع محجَّة ومقصدًا للشعوب والأمم، وواحة للأمن والسلام والديمقراطية، وملاذاً آمناً للأفكار وللحريات الخاصة والعامة. ولن نوفِّر جهداً في سبيل بلوغ هذه الغاية، بإذن الله.
تأثر لبنان كثيراً بالصداقة المتينة التي تجمعكم بالرئيس شيراك وعقيلته. كيف ولدت هذه الصداقة المميزة بينكم؟
هذه الصداقة المتينة وُلِدت من رحِم القيم والمبادىء الإنسانية المشتركة التي جمعت بين الرئيسين جاك شيراك ورفيق الحريري وبين عائلتينا، وتلك الصداقة التاريخية التي ربطت بين فرنسا ولبنان، والتي عمِل الرئيس الشهيد رفيق الحريري بكل إمكاناته وطاقاته على تطويرها وتعميقها حتى غدت نموذجاً راقياً ومتميزاً في العلاقات بين بلدين وشعبين. وأود في هذه المناسبة الطيبة أن أوجه كلمة شكر
وتقدير للرئيس الصديق والعزيز جداً جاك شيراك ولعقيلته الصديقة العزيزة الغالية السيدة الفاضلة برناديت شيراك. وإنني شخصياً وعائلتي لن ننسى للرئيس شيراك ولعائلته عاطفتهم الصادقة ووقوفهم إلى جانبنا وإلى جانب لبنان في مصابنا الجلل بالرئيس الشهيد رفيق الحريري. هذا الدعم الصادق والعميق لم ينقطع يوماً، وهو مبني على مشاعر المودة والتقدير والاحترام التي تجمع بين عائلتينا.
كيف تصفون لبنان بثلاث كلمات؟
لبنان: وطن الحياة المتجددة.

رسالة الى اللبنانيين
ما هي الرسالة التي ترغبون في إيصالها إلى اللبنانيين من خلال هذه المقابلة؟

أقول للبنانيين واللبنانيات الأحباء إن الرئيس الشهيد رفيق الحريري استودع الله سبحانه وتعالى واستودعنا لبنان أمانةً غاليةً لنصونه ونحافظ عليه حفاظنا على أولادنا. لبنان أكبر من وطن وأكثر من رسالة. إنه محبة، والمحبة هي أجمل القيم الإنسانية على هذه الأرض. هذا البلد الذي احتضننا جميعاً على اختلافنا، وقدَّم لنا أرضه وكل النُعَم التي أنعم الله سبحانه وتعالى بها عليه. فما تعلَّمناه في المدارس عن لبنان الطبيعة الخلابة والموقع الاستثنائي وجسر العبور بين الشرق والغرب وملتقى الثقافات والحضارات، جميع تلك الميزات قدمها لنا لبنان. وحقه علينا أن نقدم له في المقابل حبنا له ولبعضنا البعض، وأن نحافظ على تراثه الإنساني الحضاري القائم على العيش المشترك وتقبُّل الآخر واحترام الاختلاف وثقافة الحياة. يجب علينا الحفاظ على لبنان الوطن والرسالة والمحبة ، ويكفينا أن نرجع إلى القيم المشتركة التي تربينا عليها، وأن نلتف جميعاً حول دولة جامعة موحَّدة، لا فرق فيها بين مواطن وآخر، والكل فيها يعيش تحت سيادة القانون وفي ظل العمل الدستوري المؤسسي. أيها الأحبة، ثقافتنا واحدة وتاريخنا واحد والمستقبل يجمعنا ولا يفرّقنا. فلنواصل معاً بناء المستقبل الذي بدأه الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبصمه بروحه وبشهادته، حتى نعيش مجدداً بعيداً عن الفرقة والتشرذم والعنف والتطرف، ولكي نترك لأولادنا وأحفادنا وطن عز ومجد وإبداع وسلام.

حاورتها سابين بسترس


جواب بكلمة
ما هي أكثر صفة تقدِّرونها في الآخرين؟

الصدق والوفاء.
ما هو السؤال الذي لم يُطرَح عليكم من قبل وتودَّون الإجابة عليه؟
لو علِمتُ أن القدر سيختار الرئيس الشهيد رفيق الحريري وهو بعدُ في أوج العطاء وأنني سأكملُ الدرب من بعده مع ألم الفراق، هل كنتُ اخترت أن أكون رفيقة دربه؟
وجوابي هو نعم، بكل تأكيد. ولو خُيِّرتُ لما تردَّدتُ في الاختيار لأرافقه على درب العطاء. فالحياة التي تشاركنا بها معاً، مهما بدت وجيزة، هي حياة لا تُعوَّض، وما مدَّني به من غنى روحي وفكري وإنساني أصبح لي الزادَ والمورد الذي أغترف منه القدرة على مواصلة الدرب والمسيرة من بعده، بدعم من العائلة ومن الأحباء.
ما هي الهدية التي تحبون تقديمها؟
أحبُّ الى قلبي الهدية التي تُذكِّر بالرئيس الشهيد رفيق الحريري.
ما الذي يضحككم؟
ضحكة أولادنا وأحفادنا.
من هو مصمم الأزياء المفضل لديكم؟
بل ما هو ردائي المفضل؟ وأقول لكِ سيدتي إنه رداء المحبة والصدق والوفاء، هو أجمل وأبهى رداء.
ما هو عطركم المفضل؟
عطر الذكريات الطيبة التي تحملها لي الأيام من رفيق العمر والحياة.
ما هو فصلكم المفضل؟
أحب الفصول كلها. فالله سبحانه وتعالى خلقها وخلق لكل منها ميزاتها وفوائدها، وجسَّد في اختلافها معنى التنوُّع.
درس تعلمتموه من الوالدة؟
بل هي فضيلة تعلمتها منها، رحمها الله، وتربيت عليها وهي فضيلة الاهتمام بالعائلة لأنها أساس المجتمع وركيزة بناء مستقبل أفضل للبشرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق