أبرز الأخبار

اقناع عون بالانتقال من مرشح الى ناخب وحراك ديبلوماسي باتجاه جده وطهران «للتدويل»

خرج الرئيس ميشال سليمان من القصر الجمهوري في بعبدا باحتفالية نغصها عدم تسليمه مقاليد الرئاسة الى الخلف، فكما تسلم من فراغ، سلم الرئاسة الى الفراغ، وبدت بعبدا من دون ساكن جديد. وثبت ان من بشّر بالفراغ منذ اكثر من سنة كان يملك المعلومات والمعطيات، وانه كان محقاً، وقد حصل الفراغ ولم يبد بعض الاطراف تخوفاً منه كما نقل احد وزراء تكتل التغيير والاصلاح الى البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي مستغرباً تضخيم المخاوف من الفراغ.

يقول احد الوزراء ان الرئيس ميشال سليمان دخل بعبدا رئيساً توافيقاً وخرج زعيماً وطنياً كبيراً، فجسّد زهد فؤاد شهاب في الكرسي وتمسك الياس سركيس بالدستور وصلابة الرئيس كميل شمعون في مواقفه السيادية واحترام العميد ريمون اده الدستور والقانون والمؤسسات، فجمع في شخصه كل هذه الصفات التي حملت الخارج والداخل على المطالبة بالتمديد له، الا ان احترامه للدستور وتداول السلطة حملاه على رفض كل العروض واخرها قبل 48 ساعة على مغادرته القصر من السفير الاميركي في لبنان ديفيد هيل وسفيرة الاتحاد الاوروبي انجيلينا ايخورست، بان يقبل التمديد ستة اشهر «علّ النواب يتمكنون من انتخاب رئيس جديد» وعندما سأل اصحاب العرض عما اذا كانت لديهم تأكيدات بانتخاب الرئيس اجابوا «سنسعى من اجل ذلك».

من هو الرئيس؟
من يكون الرئيس رقم 13 وهل يكون «صناعة لبنانية، بعدما فشلت القوى السياسية حتى الان في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وقد حل الفراغ للمرة الرابعة في رئاسة الجمهورية منذ استقال الرئيس بشارة الخوري عام 1952، وفشل النواب في انتخاب رئيس عام 1988 بعد الرئيس امين الجميل، وبعد الرئيس اميل لحود عام 2007، واليوم مع الرئيس ميشال سليمان 2014. فلماذا يصر النواب على تعطيل الانتخابات والذهاب الى الفراغ؟ وماذا سيحصل بعد فترة الفراغ وكيف الخروج من هذه الحال؟ وهل تطول فترة الشغور؟
اسئلة كثيرة يقول احد الوزراء من الصعب الاجابة عنها. ويقول احد الديبلوماسيين ان لبنان خسر فرصة ذهبية كانت سانحة للبننة. وخسر المسيحيون وخصوصاً الموارنة «حقهم» الميثاقي باختيار المرشح الذي يمثل «الارادة الوطنية للمسيحيين»، وفوّت اللبنانيون فرصة التمسك بلبننة الاستحقاق، فانتقل الى التدويل بعدما تبين ان اللبنانيين غير قادرين على اللبننة «لارتباط البعض منهم عضوياً بمشاريع الخارج وتماهي مواقف هذا البعض مع مصالح الخارج»، وفق ما قال سفير اوروبي، واشار الى انه «كانت هناك فرصة سانحة لتتحرر الساحة اللبنانية من تأثيرات الخارج وتداعيات ما يجري، ويتم فصلها عما يحصل في المنطقة، لكن تبين ان ارتباط بعض الاطراف بالخارج كان اقوى من المصلحة الوطنية، وقد فضّل هؤلاء الفراغ على الانتخابات بايعاز خارجي، لاستخدام الملف ورقة على طاولة التفاوض».
ويستغرب سفير اوروبي «امتناع النواب عن حضور جلسة انتخاب رئيس الجمهورية تحت عنوان حق ديموقراطي بالمقاطعة». واضاف «ان مفهومنا للديموقراطية يختلف عن مفهوم اللبنانيين وممارستنا للحياة الديموقراطية تختلف عن ممارستهم». وقد ابدى البطريرك الراعي في ترؤسه اجتماع المؤسسات المارونية انزعاجه من مقاطعة جلسات الانتخاب، وكشف عن محضر وقع عليه القادة الموارنة باستثناء النائب سليمان فرنجيه، يؤكدون فيه حضور جلسات الانتخاب. وهذا ما جعل الراعي يرفض دعوة القادة للاجتماع مرة جديدة وفق اوساط بكركي.

ماذا بعد؟
ماذا بعد الفراغ ومتى انتخاب الرئيس؟
يكشف احد السياسيين المخضرمين ان الخارج، وخلافاً لما كان عليه في السابق، لم يتدخل في الاستحقاق. ويروي ديبلوماسي لبناني ان مسؤولاً غربياً زار لبنان منذ اكثر من ثمانية اشهر، وبحث مع عدد من القيادات في الاستحقاق، ويومها استفسر عن بعض الاسماء المتداولة في السباق الرئاسي من دون اي تسويق لاي منها. وبعد هذه الخطوة لجأ الخارج عبر سفرائه في لبنان الى ابلاغ اللبنانيين بضرورة تحمل مسؤولياتهم ولببنة الاستحقاق. ورفض السفراء الدخول في البحث في الاسماء، وشجعوا الاطراف على التواصل والتحاور في ما بينهم، حتى ان احد السفراء نصح العماد ميشال عون بالانفتاح على تيار المستقبل، «حتى تكون لديه الحظوظ بالترشح». واعتبر الاخير هذه النصيحة رسالة باتجاه دعمه للرئاسة. ويقول سفير غربي ان المرحلة الان هي في اقناع صقور الموارنة الاربعة باستحالة وصول احدهم، وضرورة انتقالهم من مرشحين الى ناخبين، وتسمية البدائل باختيار اسماء معتدلة ومقبولة من الجميع لا تنتمي الى 8 او الى 14، بل تكون حيادية على صورة الرئيس ميشال سليمان، كما قال سفير اوروبي لاحد نواب 14 اذار الذي رأى صعوبة في اقناع عون بالانتقال من موقع المرشح الى الناخب.
ولا يتوقع وزير في الحكومة ان يطول الشغور في مركز الرئاسة  لان الخارج، وعلى رغم التطمينات الامنية التي اعلنها الامين العام لحزب الله حسن نصرالله في اطلالته، قلق وخائف على الاستقرار الامني والاقتصادي والسياسي، ويردد البعض بان امام عون اسابيع محدودة ليحسم امره، واشار عون في مؤتمره الصحافي الى ان هناك مهلة ليحسم امرالاستحقاق خلالها. واعلن الرئيس امين الجميل ان المهم الان هو انقاذ الجمهورية لا الترشح، واعتبر المراقبون ان موقفه يصب في اتجاه الاتفاق على مرشح وسطي. ورحب السفراء باستعداد الدكتور سمير جعجع الى التخلي عن ترشيحه لمن يتبنى مشروعه ويتم الاتفاق عليه، مؤكداً عدم تمسكه بالترشح. ويعتبر سفراء مواكبون الاستحقاق ان اتهام 14 اذار والرئيس الحريري من قبل 8 اذار بعرقلة الاستحقاق هو اتهام في غير محله، وان التذرع بان عون ينتظر جواب الحريري له غير دقيق، بعدما اوضح الاخير لسفيرغربي في لبنان انه ابلغ عون بانه لا يضع فيتو عليه او على اي شخص، وانه مع المرشح الذي يتفق عليه المسيحيون، وان الحريري طلب من عون ان يتفق مع مسيحيي 14 وان يعلن حلفاؤه ترشيحه، قبل ان يحدد الحريري موقفه من هذا الترشيح استناداً الى ما اوضح عون في مؤتمره انه لم يترشح ولماذا يرشحه الحزب؟
وتقول اوساط المستقبل ان الحريري ليس هو من يبلغ عون بانه ليس مع ترشحه، كما يطلب البطريرك الراعي وبعض القادة، وان الحريري  لن يستدرج الى الخطة الموضوعة لجعل الصراع حول الاستحقاق بين السنة والمسيحيين كما يسعى البعض في قوى 8 اذار لضرب مقومات 14 اذار وخلق شرخ بين السنة والمسيحيين. ويستغرب احد نواب 14 اذار تجاهل نصرالله في اطلالته الاخيرة ترشح عون وعدم تحديد موقفه علانية من هذا الترشح، بل الاكتفاء بتحميل 14 اذار مسؤولية عرقلة الانتخابات من دون ان يكشف عن اسباب عدم مشاركة نواب الحزب في جلسات الانتخاب.

حراك باتجاه الخارج
وعلى رغم تضارب المعلومات حول فترة الشغور في مركز الرئاسة تؤكد مصادر ديبلوماسية ان حراكا باتجاه ايران والسعودية شبيه بالذي سبق تشكيل الحكومة، متوقع بعد منتصف حزيران (يونيو) اي بعد ان تستنزف المساعي لاقناع عون بان يتحول الى ناخب ويسمي البديل، للسعي الجدي لانتخاب رئيس سريعاً، خشية انهيار الاستقرار الذي تخوف عون من ان تكون هناك مؤامرة لخلق اضطرابات امنية على الساحة لاهداف سياسية. وقد يحمل الحراك الديبلوماسي لائحة من اربعة اسماء مقبولة من الجميع لتسويقها بعدما فشلت مساعي اللبننة، وعاد الاستحقاق الى «التدويل» والاتفاق على المرشح خارجياً قبل الداخل، والطلب من المسؤولين في البلدين المساعدة على فصل ملف لبنان عن ملفات المنطقة وعدم استخدامه كورقة ضغط في المفاوضات السعودية – الايرانية التي يقول سفير غربي ان انعقادها متأخر الى ما بعد الاتفاق النهائي على الملف النووي، وبانتظار اتضاح صورة الحكومة العراقية بعد انتهاء نتائج الانتخابات بحيث يبني المسؤوليون السعوديون موقفهم من المفاوضات بعد الوقوف على نوايا ايران من ملفات المنطقة، ودورها. وتأتي  زيارة امير الكويت الى ايران نهاية الشهر لتعزز الانفتاح الخليجي على ايران وتسّرع خطوات التلاقي السعودي – الايراني.

فيليب ابي عقل 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق