افتتاحية

لا تنتظروا الجواب… فالشعب نائم

حل يوم امس الاربعاء الموعد الثاني لانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، غير ان شيئاً من هذا القبيل لم يتحقق. ذلك ان النواب، وجرياً على عادتهم، لم يقوموا بواجباتهم، فغابت اكثريتهم عن حضور الجلسة ولم يتأمن النصاب، فارجئت الى موعد آخر، لا ينتظر ان يكون افضل من سابقيه.
والنائب كما هو معروف في كل دول العالم يحمل وكالة من الشعب ليمثله في المجلس، وليرعى مصالحه ومصالح البلد. فاذا تقاعس عن القيام بهذا الواجب الالزامي اخلاقياً، يكون قد فرّط بالامانة وداس على مصلحة ناخبيه ومصلحة وطنه في سبيل مصالح شخصية واحياناً خارجية.
من المتعارف عليه ان كل شخص يهمل واجباته الموكولة اليه، يفصل من عمله ويستعاض عنه باخر يكون قادراً على حمل الامانة. ولكن من يفصل المتقاعس؟ انه طبعاً رب عمله. اما النائب فان الشعب الذي انتخبه على امل ان يرعى مصالحه، هو الذي يجب ان يبادر الى اقصاء كل من لم يقم بما عهد اليه. وامام الشعب اليوم فرصة ذهبية لمحاسبة المتقاعسين، ذلك ان الانتخابات النيابية التي تأجلت في المرة الماضية بقرار من النواب انفسهم، اصبحت اليوم على الابواب، وبالتالي يفترض بالشعب ان يقصي كل من اهمل واجباته وينزع منه الوكالة. فهل يفعل ذلك ولو لمرة واحدة حتى يسجل له التاريخ هذه المبادرة غير المسبوقة، ام انه سيتصرف كما يفعل دائماً، فيذهب الى صناديق الاقتراع لينتخب الاشخاص اياهم، رغم علمه بعدم كفاءتهم للقيام بهذه المهمة المقدسة؟
تقاعسوا كثيراً خلال السنوات الاخيرة فاكتفى الناخبون بتسجيل ذلك ولكنهم لم يحاسبوا. فمرة اقفل المجلس على مدى سنة ونصف السنة وغاب النواب عن السمع، فتعطلت الحياة التشريعية، في وقت كان لبنان بأمس الحاجة الى قوانين تسوس اموره. ومرة تعطل المجلس لاكثر من سنة بفعل عناد وخلاف على جدول اعمال فضفاض في ظل حكومة مستقيلة. ثم فشل النواب في وضع قانون انتخاب جديد فلجأوا الى اقرب الحلول ومددوا لانفسهم دون الرجوع الى الشعب. وها هم اليوم يعطلون انتخاب رئيس جديد للبلاد ويسعون الى احلال الفراغ القاتل في هذا المركز المهم جداً والحساس. فمجلس بهذه المواصفات هل يجوز ان يبقى متربعاً على عرش السلطة التشريعية؟ وهل يدرك الشعب اي ذنب يقترف في حال سامح كل هذا الاهمال القاتل، فيعاود انتخاب الاشخاص المتقاعسين دون اي محاسبة؟
ثم ان هناك سؤالاً يطرح نفسه بالحاح وهو بحاجة الى من يجيب عليه. عندما تشغر سدة رئاسة المجلس النيابي اثر كل انتخابات، هذا اذا جرت، يعمد النواب وباقل من 24 ساعة الى انتخاب رئيس للمجلس يمثل الطائفة الشيعية الكريمة في هذا الموقع ليحقق المشاركة الفعلية. ذلك ان لبنان لا يقوم الا بمشاركة الجميع. وفي كل مرة تستقيل حكومة، تجرى استشارات نيابية ملزمة، وفي اقل من 24 ساعة يتم اختيار الشخصية التي تمثل الطائفة السنية الكريمة في السلطة ويعهد اليها بتشكيل حكومة جديدة. فلماذا عندما تخلو سدة رئاسة الجمهورية، وهي التي تمثل المسيحيين في السلطة تبقى شاغرة اشهراً طويلة دون مراعاة لانعكاسات هذا الفراغ ودون التفات الى تعطيل مشاركة فئة كبيرة من اللبنانيين في السلطة؟
يكفي ان نعلم ان المشاركة المسيحية في الدولة ضعيفة ويلزمها اعادة نظر في الوضع ككل. فهل يعمل النواب على ضرب اخر رموز المشاركة بعدم انتخابهم رئيساً للجمهورية؟
والمؤسف في الموضوع والمستغرب جداً ان بعض النواب المسيحيين، وهم المعنيون مباشرة ولمصالح ذاتية يساهمون في هذا الفراغ، فيغيبون عن جلسة الانتخاب رغم تعهدات قطعت في بكركي بتأمين النصاب.
هذه نماذج مما يقوم به هذا المجلس النيابي المشكوك في شرعيته لانه ممدد لنفسه فهل يجوز ان يستمر؟ وهل يقبل الناس بان يعيد النواب التمديد لانفسهم مرة جديدة دون استشارة الشعب؟ اننا ننتظر الجواب ونحن نعلم ان لا جواب، لان الشعب نائم نوم اهل الكهف.

«الاسبوع العربي»

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق