الاقتصادمفكرة الأسبوع

النمو في لبنان كما يرسمه البنك الدولي

يتفق الخبراء على ان لبنان دخل في السنتين السابقتين عصر النمو الباهت او الخافت بحيث لم تتجاوز نسبته 1٪ وبعضهم ذهب الى تحديد النسبة بالصفر بعد سنوات النمو المتألق (بين 7 و8٪ سنوياً). لكن كيف تبدو آفاق النمو في لبنان هذا العام والعام المقبل؟

لم تبد المنظمات الدولية وبيوت الدراسات تفاؤلاً حيال النمو الاقتصادي في لبنان هذا العام والعام المقبل. والجميع يميلون الى ان هذا النمو سيكمل مساره الباهت دافعاً ثمن الفلتان الامني والتفسخ السياسي. الا ان مؤسسة التمويل الدولية، ذراع البنك الدولي المعنية بالقطاع الخاص، رسمت سيناريوهين في هذا المجال.

سيناريو الاستمرار
تتحدث عن السنياريو «أ»، وهو كناية عن استمرار الاوضاع المتأزمة سياسياً  وامنياً، بدءاً من تعثر تشكيل الحكومة اكثر من عشرة اشهر، وتزايد المخاوف من حصول فراغ في رئاسة الجمهورية في الربيع المقبل، وانتهاء بالتفجيرات المتنقلة وتداعيات الازمة السورية، امنياً واجتماعياً.
اما السيناريو «ب»، فهو يرتكز على تحسن ملموس في الظروف  الامنية. بفضل التقدم الذي يمكن ان تحرزه المفاوضات الدولية حول الوضع السوري، والاستقرار السياسي الداخلي.
وقد عرض المدير الاقليمي للشرق الاوسط وشمال افريقيا في مؤسسة التمويل غربيس ايراديان هذين السيناريوهين حول طاولة مستديرة في بيروت بمشاركة عدد من الخبراء الاقتصاديين بين اللبنانيين. ويعتبر ايراديان ان النمو في لبنان مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالوضع السياسي والامني، الذي يؤثر على قطاع السياحة، والاستهلاك والاستثمار، لذلك يتوقع المدير الاقليمي في السيناريو «أ» نمواً بنسبة 1٪ واستمرار انخفاض الاستثمارات الخاصة من 21،3٪ من الناتج المحلي الاجمالي عام 2013 الى 20،9٪ من الناتج هذا العام. ومواصلة تراجع عدد السياح الذي بلغ 40٪ في السنوات الثلاث الماضية، وتزايد العجز العام الذي بلغ 12٪ من الناتج المحلي مقابل 5،5٪ عام 2010، وتجاوز الدين العام  150٪ من الناتج المحلي، ورصيد اولي سلبي للسنة الثانية على التوالي.
اما السيناريو «المتفائل» فيتوقع نمواً بين 5 و6٪ هذا اذا ارتفع عدد السياح بنسبة 16٪ عام 2014، و20٪ عام 2015، وناهزت الاستثمارات الخاصة 22٪ من الناتج المحلي (وحتى هذا الرقم يبقى ادنى مما كان عليه، عامي 2011 و2010)، وتراجع العجز العام الى 9٪ من الناتج عام 2014، و6،9٪ عام 2015. وفي ما خص القطاع المصرفي فانه يشكل استثناء بحسب الدراسة، لانه «يبقى منيعاً في الحالتين مع نتائج مشجعة العام الماضي تمثلت بارتفاع الودائع بنسبة 7،4٪».

اصلاحات هيكلية
يرى ايراديان ان السيناريوهين محتملان بنسبة 50٪. ويقول احد الخبراء المشاركين ان الارقام الاقرب الى المنطق هي التي تقع بين السيناريوهين، فيما بدا آخر متفائلاً نسبياً الى حد توقعه نمواً بنسبة 4٪ على الاكثر هذا العام، اياً كانت الظروف. ولكي يكتمل تفاؤله ويتوقع نمواً اعلى «ينبغي حصول صدمة ايجابية يمكن ان تكون، في حالة لبنان، تسوية للازمة السورية» من دون ان يغفل التأثير المباشر للوضع السياسي (تشكيل حكومة، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية) على ثقة المستهلكين والمستثمرين.
واياً تكن نظرات المشاركين في الطاولة المستديرة في النمو الاقتصادي في لبنان في العامين الحالي والمقبل، فان الجميع شددوا على اولويتين اقتصاديتين ينبغي للحكومة الجديدة ان تأخذهما بعين الاعتبار وهما: خفض العجز العام، واجراء اصلاحات هيكلية، وذلك من خلال الاستثمار في البنية التحتية (كهرباء، مياه، اتصالات، نقل …).
ويقول مشارك: «ان هذا هو التحدي الاكبر والاكثر صعوبة في مواجهته، لان رجال السياسة، وبالاخص المسؤولين في السلطة على مختلف فئاتهم ودرجاتهم يؤثرون، في كل الاوقات، مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة، مع ما يرافق ذلك من فساد وتضحية بالمال العام والقطاع العام، واشاحة نظر عن تحفيز القطاع الخاص.
واجمع المشاركون على ان تشكيل الحكومة سيكون نقطة فاصلة بين الفلتان والفراغ من جهة، ومحاولات التصحيح والتقويم والاصلاح، وهذا يتوقف بالطبع على نوعية الحكومة، ونوعية الوزراء وحجم ما يمكن ان تحققه في المدى القصير من عمرها، باعتبار ان عمر الحكومة الجديدة ينتهي مع وصول رئيس الجمهورية الجديد الى قصر بعبدا.

 


بورصة بيروت دفعت الثمن
وضع العام 2013 الاقتصاد اللبناني برمته امام اختبار صعب،  ولم تقل عنه صعوبة الاختبار الذي عاشته بورصة بيروت. والارقام خير دليل على ذلك، فالاسهم المتداولة على مدار السنة بلغت 51،4 مليون سهم، بانخفاض نسبته 6،6٪ عن العام 2012. وبلغت قيمة التداولات الاجمالية 375،2 مليون دولار في نهاية كانون الاول (ديسمبر) الماضي، بتراجع نسبته 8،2٪ عن العام 2012، الذي بلغت قيمة تداولاته 408،5 ملايين دولار. غير ان رسملة السوق سجلت، من جهتها، زيادة طفيفة بنسبة 1،2٪ لتبلغ 10،54 مليارات دولار. لكن الرابح الاكبر في 2013 كان سهم «ريمكو»، والخاسر الاكبر شركة سوليدير التي تراجع سهمها «أ» و«ب» بنسبة15٪ و14،8٪ على التوالي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق