أبرز الأخبار

العنف يلوّن «ذكرى» الثورة المصرية ويسرّع موعد الإنتخابات الرئاسية

مناسبتان، على درجة كبيرة من الأهمية، تركتا بصمات واضحة على الساحة المصرية، أولى المناسبتين، إنجاز الدستور، وإجتيازه للإستفتاء الشعبي، ما يعني إنتقالاً مهماً من إطار الشرعية الثورية ببعدها الشعبي. والثانية، الذكرى الثالثة لثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني (يناير) التي أطاحت الرئيس محمد حسني مبارك، وفتحت الباب امام تغييرات جذرية يبدو أنها إستقرت على صيغة قريبة جداً من تلك الصيغة التي كانت سائدة في مرحلة ما قبل الثورة، ولكن بإنفتاح أكثر، لكنها تتقاطع مع تخوفات البعض بالعودة الى إطار الحكم العسكري الذي يفرض معطيات أكثر حزماً في جميع مناحي الحياة السياسية وبما يحد من العملية الديمقراطية ويفرض قيوداً عليها.

المناسبتان كانتا متقاطعتين بشكل واضح. ففي حين كانت عملية إنجاز الدستور مناسبة إحتفالية بالنسبة للحكومة المؤقتة، إعتبرها المعارضون من أنصار مرسي نقمة تستوجب المواجهة. ومثل ذلك مسألة ذكرى الثورة التي استغلتها المعارضة بتظاهرات وبعمليات تفجير دموية وتظاهرات لم تكن تخلو من العنف، لكنها وضعت مصر على منعطف مهم، وعلى بداية طريق بدا أنه طويل بحكم تمسك المعارضة بموقفها الرافض لكل عناصر المشروع الذي أطلقته قوى شعبية بدعم الجيش في الثلاثين من حزيران (يونيو) من العام الفائت، يقابله إصرار من طرف الحكومة المؤقتة على إستكمال المشروع حتى نهاياته والإستمرار في مواجهة الإخوان الذين تم تصنيفهم كحركة إرهابية.

إحتفالات ومواجهات
فما بين تظاهرات في ميدان التحرير، ومواقع أخرى، داعمة للفريق عبد الفتاح السيسي ومؤيدة لترشحه لمنصب رئيس الجمهورية، وتظاهرات معارضة، تمت ترجمتها الى تفجيرات دامية في أكثر من مكان، أحيا المصريون الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير التي أطاحت الرئيس حسني مبارك، والتي جاءت متزامنة مع خروج الدستور الجديد من عنق الزجاجة، وحصوله على أكثرية في الإستفتاء الذي جرى قبل أيام.
فالمشهد بصورته الإجمالية، شكل لوحة يجمع المصريون على أنها لم تكن مفاجئة، رغم بشاعة أحد وجوهها، حيث إنتهت الى مقتل ما يزيد عن مائة شخص، وجرح ما يزيد عن ألف.
وإحتفالية الوجه الآخر، حيث تصدّر الإهتمام بالفريق السيسي جميع الإحتفاليات التي إمتدت الى أكثر من ركن من أركان البلاد وبلغت ذروتها في ميدان التحرير الذي شهد تجمعات حاشدة تجاوزت في طقوسها الإحتفالية جميع رموز الدولة، وإختصرتها بشخص الفريق السيسي الذي حولته الى رمز ورشحته لمنصب الرئاسة حتى قبل ان يعلن رسمياً ذلك.
وفي المحصلة، فقد شهدت الساحة المصرية نهاية الأسبوع الفائت وبداية هذا الأسبوع مواجهات دامية كشفت عن إصرار من يطلقون على انفسهم «أنصار الرئيس المخلوع محمد مرسي» على الإنتقام، وتحويل الشارع المصري الى فوضى.
المدقق في تفاصيل المشهد المصري يتوقف عند محاولات لتفجير الشارع، وإسالة الدماء كتأكيد على جدية المعارضين من أنصار مرسي على السير في مشروعهم حتى النهاية، وأياً كانت النتائج مروجين لقناعاتهم بأنهم يتمسكون بـ «الشرعية»، وأنهم يعارضون ما يسمونه «إنقلاباً» أطاحها.
ورغم ما تسرب من أنباء متقاطعة عن وجود تنظيمات لا علاقة لها بجماعة الإخوان المسلمين تبنت التفجيرات أو بعضها، إلا أن المدققين في التفاصيل يلمسون أثر الجماعة في تلك التفجيرات، بينما يتوقف البعض عند ما يطلقون عليه «تفجيرات مصطنعة» يتهم محللون الشرطة والأجهزة الأمنية بإفتعالها. ومنها ذلك التفجير الذي نفذ قبالة أحد المراكز الأمنية. حيث سربت جهات غير معروفة شريط فيديو يظهر سيارة مفخخة أمام ذلك المركز وأمام نظر الأمن.

تظاهرات وعنف
وهناك العديد من العمليات التي تمت والتي تم تبنيها من قبل جهات بعضها غير معروف. في حين نظمت تظاهرات تبنتها جهات تناهض جماعة الإخوان. ففي حي المهندسين بغرب القاهرة، تدخلت الشرطة بعد دقائق من تجمع مئات من المتظاهرين من إسلاميين ونشطاء شباب غير إسلاميين معارضين للجيش في ميدان مصطفى محمود.  وفرقت قوات الأمن التظاهرة بإستخدام القنابل المسيلة للدموع وطلقات الخرطوش.
 وينتمي غير الإسلاميين الذين شاركوا في المسيرة الى حركة تطلق على نفسها اسم «جبهة طريق الثورة»، والتي تعارض عودة الجيش او الإخوان المسلمين او بقايا نظام مبارك الى السلطة.
وفي ميدان التحرير، كانت فرقة موسيقية تابعة للشرطة  تعزف أناشيد وطنية في أجواء إحتفالية بينما كانت الحشود تلوّح بالأعلام المصرية كما شكل بعضهم حلقات للرقص.
 وإتخذت إجراءات أمنية مشددة عند مداخل الميدان، الذي كان مهد الثورة المصرية على مبارك، اذ أغلقت بمصفحات الجيش وبأسلاك شائكة وكان رجال الشرطة والجيش يفتشون مرتين الأشخاص الراغبين في الدخول. بينما كان بعض المتظاهرين يهتفون «الشعب يريد إعدام الإخوان» كرد على وقوع تفجيرات دامية في القاهرة إستهدفت قوات الأمن وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى.
 ويحمّل أنصار الجيش مسؤولية هذه الإنفجارات لجماعة الإخوان التي أعلنت رسمياً تنظيماً إرهابياً إثر إعتداء على مقر للشرطة في مدينة المنصورة بدلتا النيل خلال الشهر الماضي أوقع 15 قتيلاً.

تفجيرات
وأعلنت جماعة أنصار بيت المقدس المرتبطة بالقاعدة مسؤوليتها عن أربعة من التفجيرات وطلبت من المسلمين الإبتعاد عن مباني الشرطة.
وفي بيان نشرته على موقع إلكتروني يستخدمه إسلاميون قالت الجماعة أنها قامت بتفجير سيارة مفخخة عن بعد أمام مديرية أمن القاهرة، وأعقبت ذلك الهجوم بثلاثة تفجيرات أخرى في أنحاء العاصمة.
وسبق أن اعلنت هذه الجماعة مسؤوليتها عن عدد من التفجيرات الأكثر دموية في مصر بعد عزل الجيش للرئيس الإسلامي محمد مرسي في تموز (يوليو) الماضي. وفي هذه الأثناء، أعلن رسمياً عن نجاح خبراء المفرقعات بمديرية  أمن بورسعيد (220 كيلومتراً شمال شرق العاصمة المصرية القاهرة) في إبطال  مفعول كميات كبيرة من المتفجرات وفصل مصدر الطاقة عنها وإنقاذ منطقة السيدة نفيسة السكنية المكتظة بالسكان من كارثة محققة. وبحسب بيان رسمي، رصدت أجهزة الأمن تحركات لإحدى سيارات النقل توقفت أمام مجموعة من العمارات السكنية، يقطن بعمارتين منهم مجموعة كبيرة من أفراد الشرطة.
وذكرالبيان ان قيادات أمنية وخبراء مفرقعات وتشكيلات من فرق الأمن والمباحث الجنائية إنتقلت إلى موقع الحادث وتم فرض طوق حول المنطقة بأكملها والسيارة المشبوهة وتأمينها  وتأمين المنطقة.
وبحسب البيان، نجح خبراء المفرقعات في إبطال مفعول هذه المتفجرات  وفصل مصدر الطاقة عنها وإنقاذ تلك المنطقة السكنية من كارثة محققة. وبفحص السيارة تبين أنها تحمل 15 برميلاً من البلاستيك سعة الواحد  منها 50 لتراً، وبداخل كل منها مواد «شديدة الإنفجار»، تتصل بدوائر  كهربائية وهواتف محمولة جاهزة للتفجير، يصل مجموع وزنها إلى 750  كيلوغراماً.
 
الإنتخابات الرئاسية قبل التشريعية
الى ذلك، أعلن الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور عن تعديلات أساسية على خريطة الطريق التي وضعت بعد عزل مرسي. وبموجب هذه التعديلات، أعلن منصور أن الإنتخابات الرئاسية ستجري قبل الإنتخابات التشريعية بخلاف ما كان مقرراً في السابق.
وقال الرئيس المصري إنه إستخدم صلاحياته المنصوص عليها في الدستور الجديد، وقرر تعديل «خريطة المستقبل» بحيث يتم البدء بإجراء الإنتخابات الرئاسية اولاً تليها الإنتخابات النيابية. وأكد منصور أنه سيطلب من اللجنة العليا للإنتخابات الرئاسية ممارسة إختصاصها المنوط بها، وفقاً لقانون الإنتخابات الرئاسية لفتح الترشح لمنصب الرئاسة، بهدف إستكمال اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية تطبيقاً لخريطة الطريق التي وضعها الجيش المصري، والتي تستهدف تأسيس شرعية جديدة قائمة على صناديق الإقتراع.
بالتوازي، قال الرئيس المصري المؤقت في خطابه المتلفز إن الحكومة سوف تجتث الإرهاب من جذوره وتحارب القائمين عليه بلا هوادة. معرباً عن ثقته بمؤسسات الدولة وقدرتها على دحر الإرهاب. وأعلن منصور عن قراره بزيادة عدد الدوائر القضائية التي تنظر جرائم الإرهاب، وأعطى توجيهاته للنائب العام بالنظر في إجراء مراجعة لحالات المعتقلين والحالات قيد التحقيق، وبصفة خاصة طلاب الجامعات، على أن يتم عقب إنتهاء التحقيقات، الإفراج عمن لم يثبت إرتكابهم لأي جرائم.

ا . ح

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق