افتتاحية

فليتشبهوا… ان التشبه بالكرام فلاح

وقع المحظور ووصلت الحرب السورية بكل بشاعتها وقساوتها الى لبنان، وخصوصاً الفصل المتعلق بالارهاب الذي طالما حذر منه الغيارى على هذا البلد.
فبين نهاية سنة مليئة بالمآسي، ودّعها لبنان والعالم غير مأسوف عليها، وعام جديد مفتوح على المجهول، التكهنات بشأنه تعمي البصائر، وقع تفجيران حصدا عدداً من الضحايا البريئة التي لا ذنب لها سوى مصادفة وجودها في مكاني التفجيرين، فضلاً عن ان التفجير الاول استهدف رجل الاعتدال والانفتاح والعيش المشترك الوزير السابق محمد شطح، الذي عرف بعمق التفكير وحب الوطن والكثير من المزايا الحميدة التي قلما تتوفر في رجل واحد.
اعقب كل تفجير سيل من التصريحات المنددة المستنكرة من كل حدب وصوب ومن مختلف الفئات المتصارعة في لبنان، فتأمل اللبنانيون خيراً واعتقدوا ان السياسيين استيقظوا من ضلالهم وادركوا انهم بخلافاتهم يدمرون الوطن، وانه لا بد لهم من ان يعودوا الى رشدهم.
لقد نادوا كلهم ودون استثناء بالتوحد والتضامن والعمل يداً واحدة لمجابهة الارهاب الذي بدأ يضرب في لبنان، ولكن امل  اللبنانيين سرعان ما خاب  اذ عاود الزعماء – نسميهم كذلك مع علمنا الأكيد انهم لا يتمتعون بأي صفة من صفات الزعامة – عاودوا وقبل ان يجف حبر تصريحاتهم، الى تناحرهم وحملاتهم واتهاماتهم بحق بعضهم البعض.
انهم يعلمون ان خلافاتهم وعدم تضامنهم حول المصلحة الوطنية يسيئان اليهم والى اللبنانيين جميعاً، والى الوطن ككل، ولكن مصالحهم تتغلب عليهم دائماً، فيعاودون سيرتهم التي باتت موضع تندر في  مختلف الاوساط الداخلية والخارجية.
من استقدم الحرب الى لبنان؟
لن نجيب على هذا السؤال لاننا نعلم علم اليقين ان الكبير والصغير يعلمان اسباب دخول الحرب الى لبنان، ولكننا نسأل: اليس هناك من ذرة وطنية تلهم المسببين، من اي جهة كانوا، وتدعوهم الى الحفاظ على الوطن؟ انهم كلهم يعلمون ان تضامن ووحدة كلمتهم هما امضى سلاح في مواجهة الارهاب، فلماذا يتقاعسون؟ لماذا لا يلتزمون جميعاً بإعلان بعبدا وينأون بأنفسهم عن الحرب السورية فيصونون شعبهم وبلدهم؟
تمنينا لو يأخذون الامثولة من الشعب، وهو اوعى منهم ويتحلى بالوطنية اكثر منهم بكثير. فقد شهدنا يوم الاحد الماضي وعلى شاشات التلفزيون كيف ان طرابلس، عاصمة العيش المشترك رغم كل ما يحاولون ان يصوروها به على غير حقيقتها، وتوجهوا كباراً وصغاراً وحتى اطفالاً الى مكتبة السائح متضامنين متكاتفين يعملون على ترميم ما افسدته يد الشر في مشهد وطني رائع يصلح ان يكون امثولة للعالم. لقد اراد المخربون ومن يقف وراءهم، وقد باتوا معروفين، ان يزرعوا الفتنة بين ابناء عاصمة الشمال، ولكنهم عبثاً يفعلون. فالشعب اللبناني على عكس سياسييه متضامن متكاتف لا يسمح لأيادي الغدر بأن تندس بينه لتفرقه. لقد حاول اعداء لبنان منذ بدء الازمة في سوريا ولا يزالون يحاولون زرع الفتنة، ولكن فألهم خاب، وحافظ اللبنانيون على وحدتهم وتضامنهم ولو تشّبه اهل السياسة بهم، لكانوا خلّصوا لبنان مما يعترضه ومما ينتظره من مآسٍ.
لو حاولنا تعداد مساوىء اهل السياسة وفسادهم وارتباطاتهم بالخارج لاحتجنا الى مجلدات، ولكننا نكتفي بالإشارة الى بعض الامور وهي خير دليل عليهم. لقد تبرعت المملكة العربية السعودية مشكورة بثلاثة مليارات دولار لتسليح الجيش وتمكينه من الامساك بالوضع الداخلي وعلى الحدود، فانبرى البعض معارضاً مشككاً، منتقداً ساعياً الى عرقلة المشروع. فهل من الممكن ان نصدق ان انساناً يحمل ذرة من الوطنية يعارض تقوية جيشه؟ الا يعلم هؤلاء ان الجيش عماد الوطن، وقوته هي الضمانة الاكيدة للوقوف بوجه الاخطار؟
انها نماذج نضعها بتصرف الشعب اللبناني فليحكم اما لها واما عليها، مع علمنا الاكيد ان الشعب اللبناني يتمتع بالوطنية والحس السليم وهو مدرك لكل الاحابيل السياسية، فليتشبه السياسيون بهذا الشعب فالتشبه بالكرام فلاح.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق