أبرز الأخبارسياسة عربية

ما هو دور بكركي في انتخاب رئيس الجمهورية؟

سأل ديبلوماسي غربي سياسياً لبنانياً: «لماذا يتخلى اللبنانيون عن مسؤولياتهم وعن دورهم في اختيار رئيسهم وهم ادرى من الخارج بالشخص المناسب لادارة شؤون البلاد؟ ولماذا ينتظرون اختيار الشخص من الخارج وابلاغهم بالاسم وعندها ينتخبونه»؟

رد السياسي على الديبلوماسي بالقول ان تركيبة لبنان فريدة من نوعها ولها خصوصياتها وهي تعكس دائماً التوازنات الخارجية، الاقليمية والدولية وموازين القوى، بحيث يأتي اختيار الرئيس وفق هذه التوازنات. فمنذ استقلال لبنان وانتخابات الرئاسة «تطبخ» في الخارج بدءاً من انتخاب الرئيس الاول للاستقلال الشيخ بشاره الخوري حتى الرئيس الحالي ميشال سليمان. ولم يشذ عن هذه القاعدة سوى انتخاب الرئيس سليمان فرنجيه فطغى عليه الطابع الداخلي اي رئيس صُنع في لبنان، ففاز على خصمه بصوت واحد. يومها كان الانقسام في البلاد على اشده في اصطفاف حاد بين الحلف واركانه الرئيس كميل شمعون والعميد ريمون اده والشيخ بيار الجميل، والنهج واركانه الشهابية من فؤاد شهاب الى رشيد كرامي وصبري حماده وغيرهم، وكتلة وسطية اركانها الرئيسان كامل الاسعد وصائب سلام والنواب سليمان فرنجيه وجوزيف سكاف وآخرون. عكس الانقسام اللبناني يومها الصراع بين الناصرية وحلف بغداد. ولم يشأ قادة المشاريع المتصارعة في المنطقة المبارزة في الانتخابات الرئاسية ففاز «الحلف» بالتحالف مع الكتلة الوسطية بعد اختيار مرشح الرئاسة من صفوفها.

رئيس توافقي
ويمضي السياسي المخضرم الى القول ان الانتخابات الرئاسية هي نتاج تسوية خارجية فيتم اختيار الاسم من بين لائحة اسماء ويتم تسويقه لدى عواصم القرارالمعنية، ومن ثم يتم ابلاغ الاطراف في الداخل به. ويقول السياسي ان الانتخابات المقبلة لن تشذ عن هذه القاعدة، مشيراً الى ان عراب الاختيار يختلف هذه المرة وفق موازين القوى الدولية والاقليمية ومصالح الدول. فالرئيس اللبناني هو رئيس توافقي وفاقي، وفي كل مرة جاء رئيس تحد حصلت حوادث في لبنان. فالرئيس يأتي دائماً من خارج الاصطفافات السياسية ويكون على مسافة من الجميع قدر الامكان. ويرى ان رفض البعض قيام كتلة وسطية وازنة هو لمنع الاتفاق على الرئيس وسط الصراع الحاد، بحيث يحاول كل فريق التصرف على ان مشروعه قد انتصر، وبالتالي يحاول ايصال مرشحه، ويرفض «الوسطية» خوفاً من تحالفها مع اي طرف يتحول عندها الى اكثرية.
وتخشى جهات خارجية من ان يكون مخطط البعض ايصال البلاد الى الفراغ الرئاسي وسط مجلس مشلول بعد التمديد له وحكومة مستقيلة بعد «منع» تشكيل حكومة جديدة بسبب الشروط والمطالب التعجيزية للاطراف. وبدأ البطريرك الماروني حركة اتصالات مع اطراف سياسيين تحت عنوان «لا فراغ» في رئاسة الجمهورية وحث القيادات المسيحية على تحمل مسؤولياتها التاريخية لمنع الفراغ خشية انهيار «البناء» وتصبح المطالبة بهيئة تأسيسية لاعادة تكوين النظام والنظر في التركيبة والمعادلة السياسية مطروحة ومشروعة. وسبق لحزب الله ان طالب باعادة النظر في الطائف. وتعارض قوى غربية وعربية فكرة المس بالدستور، ولذلك فان تسريبات البعض عن  التمديد او التجديد للرئيس سليمان ساقطة، خصوصاً انه اعلن تمسكه بتسليم السلطة الى خلفه،  وابلغ احد معاونيه انه سيكون في 26 ايار (مايو) في منزله في عمشيت وليس في بعبدا، موضحاً انه وضع سقفاً سياسياً لا يمكن لاي رئيس مقبل العمل تحته. وابلغ البطريرك احد اركان 14 اذار ان الاستحقاق الرئاسي مسؤولية مسيحية في الدرجة الاولى رافضاً الدخول في لعبة الاسماء مقترحاً الاتفاق على مواصفات الرئيس ودوره ومهامه في المرحلة المقبلة. وعندما يتم الاتفاق على المواصفات والدور تسهل عملية الاختيار فالاسماء موزعة بين اقتصادي ووزيرحالي ونائب حالي ووزيرين سابقين.

ضرورة تشكيل الحكومة
وعلى رغم اهمية الاستحقاق الرئاسي يحث المسؤولون الغربيون القيادات اللبنانية على تشكيل حكومة، لان هناك استحقاقات خارجية مهمة تفرض قيام حكومة مسؤولة تواجه ملف النازحين السوريين وتشارك في «جنيف  – 2» وتواكب الاتفاق النووي ومسيرة التغيير في المنطقة برعاية اميركية – روسية – اوروبية. ويخشى مسؤولون غربيون من الفراغ في لبنان. وينتقد نواب قواتيون حراك زملائهم العونيين ويجدون فيه تعويماً للرئيس نبيه بري ولمؤسسة مجلس النواب من دون السعي لتشكيل حكومة سريعاً. وتتواكب الحركة العونية مع سعي احد مكونات 8 اذار الى الفراغ لانه يخدم مشروعه. ويرى النائب القواتي في مواقف الامين العام لحزب الله الاخيرة وهجومه على السعودية والرئيس سعد الحريري وقوى الامن، محاولة لنسف اي امكان تفاهم، واستهدافاً لحراك بري ولقائه الرئيس فؤاد السنيوره بعد عودته من ايران وحديثه عن ضرورة حصول تقارب سعودي – ايراني لما له من نتائج ايجابية على لبنان.
وتتولى بكركي ادارة الملف الرئاسي بعد الاشارات الخارجية حول امكان الوصول الى حل للازمة السورية، بعدما اوضح  ديبلوماسي غربي ان ساحة لبنان مفتوحة على تناغم التطورات في سوريا وان اقفالها يتم مع ايجاد الحل للازمة السورية. وفي تقرير ديبلوماسي الى احد المسؤولين «ان تورط حزب الله في الحرب السورية قد ينعكس عليه لانه لا يتماشى مع الانفتاح الايراني على الغرب وعلى جيرانه، وان من شروط الانفتاح  انسحاب ايران وحزب الله من سوريا وهذا ما يحدث صراعاً داخل القرار في ايران وداخل قيادة حزب الله، بعدما تبين ان المنطقة تتجه الى تغييرات اساسية وجذرية بعد الاتفاق النووي الذي ينطوي وفق قراءة ديبلوماسية على انهاء الحروب وتصدير الثورات ووقف العنف والسلاح والتطرف ومواجهة الارهاب والاتجاه الى حل الازمات والملفات بالحوار والتفاوض، واعتماد الديموقراطية في المنطقة وتداول السلطة في دولها وعلى هذه الصورة سيتم اختيار الرئيس اللبناني».
ويرى وزير مطلع ان النصف الاول من عام 2014 سيكون حافلاً بالاستحقاقات، من المحكمة الدولية الى «جنيف – 2» الى الاتفاق النهائي بين ايران والغرب الى التطورات الايجابية على صعيد القضية الفلسطينية، الى انتهاء فترة تدمير السلاح الكيميائي، ويخشى ان يستخدم اطراف الصراع ساحة لبنان لتوجيه رسائل بعضها دموي للضغط لتحسين مواقعهم.

ف. ا. ع
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق