دولياترئيسي

ميركل… على طريق ولاية ثالثة

في 22 أيلول (سبتمبر)، يصوّت الألمان على تجديد البوندستاغ، (البرلمان) وسينتقون في صورة غير مباشرة، مستشارهم الاتحادي. كل استقصاءات الرأي، تقول: ان انجيلا ميركل، زعيمة الحزب الديموقراطي المسيحي، ستجدد ولايتها للمرة الثالثة. وسيكون عدد الأحزاب التي ستتخطى عتبة الخمسة بالمئة التي تسمح لها بدخول البرلمان، خمسة، هي: الخضر، الأحرار، حزب اقصى اليسار، لينكه، حزب المستشارة والحزب الإشتراكي – الديموقراطي. ولكن عدد الأحزاب التي ستشارك في الإنتخابات هو 34، وافقت على مشاركتها اللجنة الانتخابية. وسيشارك في هذه الدورة الحزب اليميني المعارض لعملة اليورو «البديل من اجل المانيا»، الذي لا يتوقع ان يحصل على أكثر من 2 في المئة من الأصوات، وحزب «القراصنة» المتوقع ان يحصل على 3 في المئة.

 الإشتراكيون – الديموقراطيون، غيّروا قيادتهم ورشحوا لها في هذه الانتخابات بيار شتاينبروك وزير المالية في حكومة التحالف الكبير بين 2005 و2009، ولكن استقصاءات الرأي لا تعطيه، حتى هذا اليوم أكثر من 20 في المئة، من الأصوات مقابل 54 في المئة لإنجيلا ميركل ، أي 15 نقطة أكثر من الأصوات التي يتوقع ان يحصل عليها حزبها. ولا يبدو الحزب الإشتركي في وضع يسمح له بالتعويض، بالرغم من فضيحة موافقة برلين على التجسس الإلكتروني الاميركي.
لكن علامة الإستفهام الكبرى، تبقى مع من ستتحالف المستشارة القديمة – العتيدة لتشكيل حكومتها؟ انجيلا ميركل تفضل ان تعود مع حزب الأحرار، الذي يرى شعبيته تنخفض، ولم يتمكن من دخول عدد من المجالس الإقليمية.
واذا تمكنت المعارضة من توحيد صفوفها، فستواجه انجيلا ميركل مشاكل، بحيث تتعادل أصوات الفريقين، حسب استقصاءات الرأي الآن. ولكن الحزب الاشتراكي الديموقراطي، يرفض التحالف مع لينكه الذي ينادي بإعادة الشيوعية، وهكذا حصل في سنة 2005 ولم يتمكن المستشار الاشتراكي شرويدر من تجديد ولايته، فبدأ عهد انجيلا ميركل. وكل التوقعات اليوم هي في اتجاه قيام تحالف كبير بين حزب ميركل: 39،1 في المئة من الأصوات والاشتراكيين – الديموقراطيين 23،8 في المئة، في بلاد لا تعرف الأكثرية الساحقة التي تسمح لحزب واحد بأن يحكم لوحده.

ما يهم الشعب الالماني
في المعركة الإنتخابية الدائرة لم يتوقف المراقبون عند فضيحة التجسس الالكتروني الأميركية التي ضلعت فيها حكومة ميركل، ولا في فشلها في عملية انتاج طائرات من دون طيار، اثارت اللغط والتساؤلات،
فإن ما يهم الشعب الالماني اليوم، هي وتيرة البطالة التي هي الأدنى في أوروبا، الآن في انتظار ما يخبئه الغد.
ومن مميزات المعركة الإنتخابية الألمانية، مطالبة حزب البيئة بتخصيص يوم بلا لحوم (الخميس) في لائحة الطعام التي تقدمها المدارس الى التلامذة، لتهذيب عادات الألمان الغذائية.
الحالة النفسية التي يعيشها الألمان حالياً، يطيب للبعض ان يسميها «غيموتليش» (استرخاء)، يحذر الشاعر خورخه لويس بورغس، في قصيدة شهيرة من انها غير موجودة في القاموس.
بينما يحذر مراقبون من اكتفاء المستشارة بالإعتماد على سياسة النفس القصير، القائمة على انعاش اصطناعي للإقتصاد، ومعدل البطالة المنخفض وعدم زيادة الضرائب، كلها عناصر تساعد على اعطاء الحالة الإقتصادية مظهراً زهري اللون، قد لا يدوم، بينما تسعى السياسة الإجتماعية والتربوية والديموغرافية الى اعداد الرأي العام لمشاكل آتية، خصوصاً على الصعيد الإقتصادي.

  مظهر انجيلا ميركل
انجيلا ميركل، تشكو من نواقص، في مظهرها الخارجي، فهي لا تتمتع بالإغراء الجمالي ولا بأناقة الملبس الى حد جعل امبراطور الموضة الألماني، كارل لاغرفيلد لا يتردد في انتقاد طريقتها في انتقاء ملابسها، ويتبرع بإعطائها بعض النصائح في هذه الناحية. وقال لأسبوعية فوكس: «على السيدة ميركل، الا تشتري ملابس جاهزة وان توصي على بعض ما يلائم مقاساتها. وانني على استعداد لأن اساعدها». ولكن الخياط الكبير المقيم في باريس، اردف: «لكنني علمت انها لا تقبل النصائح».
ومن مآخذ لاغرفيلد على مظهر المستشارة، يوم زار باراك اوباما برلين، استقبلته رئيسة الحكومة الألمانية وهي ترتدي «لسوء الحظ» سراويل على الشكل المعروف بأقدام الفيلة». «وكانت القياسات خاطئة، والقصة كذلك، اضافة الى انها كانت طويلة جداً».
لاغرفيلد يجدد استعداده لنصيحة المستشارة. «ولكن ليس لديها الوقت لتأتي الى باريس». وعندما تزور الرئيس الفرنسي هولاند في العاصمة الفرنسية «لا يكون لديها الوقت اللازم للموضة»، لأنها تكون مشغولة جداً».
وكانت انجيلا ميركل. ادخلت على مظهرها الخارجي، تعديلات كثيرة منذ ان دخلت المعترك السياسي، قبل 20 سنة، بدءاً من قصة شعرها، ولكن هذا المظهر استقر منذ ان اصبحت مستشارة. واما في ما يتعلق بالملبس، فإنه يقتصر على السراويل مع جاكيتات من كل الألوان بما فيها الظاهرة والبراقة.
اضافةً الى براعتها السياسية، اشتهرت المستشارة الألمانية بحبها لتسلق الجبال. وفي المانيا، قاعدة اخلاقية غير مكتوبة تتقيد بها الصحافة، وتقضي بإلتزام الصمت حول المكان الذي يمضي فيه سياسيوها عطلتهم. كانوا اعتادوا، حتى اليوم، على
رؤيتها ترتاد حفلات مهرجان بايروت، للموسيقى الكلاسيكية في رفقة زوجها استاذ الكيمياء، ولكنها كانت تتجنب التحدث الى أي صحافي، خلال فترات الإستراحة.

 تسلق الجبال
وفجأةً اكتشف الألمان، بفضل حشرية بعضهم واختراقات صحف، مثل الشعبية «بيلد»، ان المرأة الأكثر نفوذاً في العالم (حسب مجلة فوربس) تحب تسلق الجبال، وتمارس هذه الرياضة، خصوصاً على جبال الألب الإيطالية، فهي تذهب في كل سنة الى قرية صغيرة مع زوجها، اسمها سولده، تقع على ارتفاع 1900 متر، لا يعيش فيها عادةً أكثر من 400 شخص، فتنزل مع زوجها في فندق، لا يزيد ايجار الليلة الواحدة فيه مع وجبة طعام واحدة، والفطور، على 160 يورو، ويحتاج تسلق تلك الجبال الى جرأة وصبر وتأن، أثبتت المستشارة الألمانية انها تملكها مما سمح لها بالوصول تسلقاً الى 3500 متر.
درب متسائل اذا كانت المستشارة تسعى وراء هدوء القمم، تعويضاً عن ضجيج برلين. وفي حديث نادر أدلت به الى طالبة المانية، نشرته على يوتيوب أضافت انجيلا ميركل انها تسعى الى ان تنسى كذلك، المشاكل التي سببتها لها المعركة الإنتخابية. حب انجيلا ميركل للجبال، كشف عن مظهر آخر، من شخصيتها: انها تعود دائماً الى الأماكن التي تحب.
حادثة اخرى كشفت عن نقطة في سلوك حياة انجيلا ميركل: فبسببها انتهى رجل في أحد مستشفيات الأمراض العقلية، احد الأماكن المرعبة في المانيا، التي يعرف المرء متى يدخل اليها ولا يعرف متى يخرج منها، كما يستطيع ان يروي ذلك الميكانيكي البافاري، غوستي هولات، الذي قضى في احدها 7 سنوات، وخرج منذ أسبوعين، بعد ان كشف اعمال التبييض في المصرف الذي كانت تشتغل فيه زوجته. ولكن انجاز فولكان (24 سنة) كان أكبر بكثير فإنه تمكن من الصعود في أواخر شهر تموز (يوليو) الماضي، الى متن احدى طائرات الأسطول الرئاسي ايربوس 319، التي تستعملها المستشارة والرئيس الألماني غاوك، ورح تحت وطأة المخدرات يرقص شبه عار، على احد جناحي ال
طائرة، ثم عمد الى رش داخل الطائرة بأدوية مكافحة الحرائق، وتلاعب بأنظمة القيادة وشغّل جهاز الطوارىء وقدر الألمان الخسائر بمئة ألف يورو.

  على جناح طائرة الرئاسة
ووصل تقرير مفصل من دوائر الشرطة الى الصحف الألمانية يقول ان كل شيء بدأ ذات ليلة صيف في احدى المناطق العسكرية في مطار كولونيا. ويبدو ان فولكان التركي الأصل، الذي يحب التمارين الرياضية القاسية، كان تخاصم مع صديقته، فتقدم من حاجز المراقبة الذي وصل اليه على متن سيارته، وقال لهم: انه أت للمشاركة في عيد زواج في مساكن الضباط. وتروي النسخة الالكترونية من مجلة شبيغل انه عمد بعد الدخول الى مساكن الضباط الى تسلق حاجز شريط الاسلاك الشائكة، والصعود الى جناح الطائرة الرئاسية، فدخلها من أحد مخارج الطوارىء، وراح يتسلى، وهناك من يعتقد انه لو لم يطلق خطأ صفارة الإنذار لكان ربما عاد الى بيته، من دون ان يتنبه اليه احد. ولكن رجال الحرس، تمكنوا من القاء القبض عليه، بعد 4 ساعات وبفضل مساعدة الكلاب البوليسية.
واضطرت الطائرة الرئاسية التي كانت في حالة يرثى لها الى الخضوع لعملية تنظيف وتصليح واعادة تأهيل، قبل ان تستعيد مكانها في اسطول الطائرات الحكومية بعد تجارب في الجو. وتبقى في طبيعة الحال الأسئلة: حول كيفية امكانية حصول حادثة من هذا النوع؟
وصرح الى جريدة شبيغل الالكترونية، ناطق بإسم سلاح الجو الألماني بقوله: «انه من الواضح اننا عمدنا الى اعادة النظر في تدابيرنا الأمنية، وادخلنا تعديلات».
رايفر أرنولد، النائب الإشتراكي – الديموقراطي، طلب من وزير الدفاع الديموقراطي – المسيحي، حزب المستشارة ميركل، تقريراً مفصلاً عن ديناميكية ما حصل. فكانت مشكلة جديدة بالنسبة الى وزير الدفاع الذي واجه انتقادات كثيرة بسبب فشل برنامجه لصنع طائرات المانية من دون طيار، الذي طال امده وكلف المستهلك الألماني مالاً كثيراً وجرى تنفيذه من دون الموافقات الأوروبية الضرورية والمستشارة انجيلا ميركل.

أمن ميركل
انهم تعمدوا ابلاغها ما حصل، ولكن بعد ايام واما الحكومة فإنه لم يصدر عنها أي تعليق حول الموضوع.
ولكن لا يبدو ان امن اقوى امرأة في العالم يدار بهذا الشكل كما دلت سابقة الشخص الغريب الذي تمكن من التسلل الى غرفتها في احد الفنادق حيث كان حزبها يقيم مؤتمراً.
ولكن تلك الليلة من شهر تموز (يوليو) أصبحت بعيدة. فبينما كان فولكان يمارس الجنون في الطائرة الرئاسية كانت انجيلا ميركل، تستمتع مع زوجها في سماع اوبرا «الهولندي الطائر» لريتشارد واغنز في مهرجان بايروت للموسيقى الكلاسيكية.

جوزف صفير

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق