صحة

ضعف الانتصاب… «تابو» له حلّ!

يعتبرُ كثيرون أن الحياة تبدأ هناك وتنتهي هناك! فماذا لو تكرر الفشل في العلاقة الجنسية مرة واثنتين وثلاثاً؟ ماذا لو شعر الرجل بأن «ذكوريته» ناقصة ضعيفة؟ ماذا لو واجه ضعف الانتصاب مراراً وتكراراً؟ موضوعٌ قد يُشكلُ اجتماعياً «تابو» ويُدرج في خانةِ المحرمات، لكنه، من الوجهةِ الصحية، مرضٌ عضوي او نفسي قد لا يحتاج الى أكثر من حبة دواء!

 مثلهُ مثل السكري والكوليستيرول وارتفاع الضغط وأمراض القلب… هو، مثلها كلها، مرض قد يتأتى أحياناً عنها وقد يُنذرُ غالباً بها، يعني علينا أن ننظر اليه، الى ضعف الانتصاب، بعينين واسعتين وبعقل راجح وبكثيرٍ من الوعي بعيداً عن المفاهيم الشعبية المسطحة!
العائلات تتشرذم، تتشلع، تنقسم على نفسِها وحالاتُ الطلاق تزيد. فهل هي الحياة باتت أصعب أم هو الإنسان بات متطلباً أكثر؟ وكم تتأثر العلاقة الجنسية بين رجل وامرأة يبنيان بيتاً وأسرة ويربيان أولاداً بأعباء الحياة؟ وهل يُمكننا أن نفصل الرجل، عضوياً، عن حالاتِهِ النفسية؟! هل يُفترض أن نطلب منه الكمال في الأداء الجنسي وهو متعبٌ منهكٌ مليءٌ بالتشنجات النفسية؟ من هنا، من هذه النقطة، انطلق رئيس الجمعية اللبنانية لجراحة المسالك البولية و«باير للرعاية الصحية» في تناول الموضوع – التابو…

العمر!
يعاني 152 مليون رجل في العالم، يُشكلون 16 في المئة من الرجال بين سن العشرين والخامسة والسبعين، من ضعف في الانتصاب! الرقم إذاً مرتفع والتنبه واجب والقراءة بإمعان قد تُساعد. رقمٌ آخر قد يجعل الموضوع ملحاً أكثر: 64 في المئة من الرجال الذين يعانون ضعف الانتصاب مصابون إما بأمراض القلب والشرايين أو بالسكري أو بارتفاع نسبة الدهون في الدم أو بارتفاع ضغط الدم أو بالسمنة حول البطن أو بأكثر من مرض واحد من تلك الأمراض! يعني فلنبدأ في الربط والوصل بين أي عجزٍ قد نُصاب به والأسباب والنتائج.
العمرُ طبعاً يُحدد القدرات الفيزيائية والجنسية وحتى النفسية، فمن يتمكن من تحمل أخلاق البشرِ الصعبة في الثلاثين قد يعجز عن هذا في الستين! لكن هذا لا يعني أن نُردد: دوام الحال من المحال ونرضخ! فماذا لو حدث هذا ونحن في ريعان الشباب؟ وماذا لو حدث ونحن في المقلب الثالث من العمر لكننا نشعر بأننا ما زلنا شباباً؟
العناية، نُكرر، ضرورية والبحث عن المشكلة ملحّ كي لا نقع في مشكلة أكبر. والسؤال الآخر الملحّ في تحديد ماهية المشكلة: ما هو تعريف ضعف الانتصاب؟ وهل كل فشل في العلاقة هو ضعف؟

الضعف ليس عجزاً
يحدد الاختصاصي في جراحة الاعضاء التناسلية والمسالك البولية ومشاكل العقم عند الرجال الدكتور فادي سعادة ضعف الانتصاب بعدم القدرة على الانتصاب فترات طويلة أو عدم الإحساس بالرغبة الجنسية فترات طويلة، وهو يختلف عن العجز الجنسي، هو ليس عجزاً، لأن العجز هو مرحلة متطورة من الضعف يتمثل بعدم القدرة نهائياً على الانتصاب، على الرغم من الإحساس بالرغبة الجنسية. إذاً الضعف مختلف تماماً عن العجز.  ولهذا النوع من الضعف تأثير على نواحٍ مختلفة من الحياة بينها على نوعية الحياة، كأن يفقد المصاب احترامه لذاته مثلا ويبتعد عن الناس ويصبح قلقاً جداً، صحيح أن القلق مطلوب في الحياة كي يحث المرء على إنجاز الأفضل، تحقيقاً للهدف، غير أنه حين يزيد القلق عن الحد المسموح به يُصبح تدميرياً.
  ليس سهلاً أن يُقال هذا الإنسان يعاني من ضعف في الانتصاب وذاك لا، فالأمر له علاقة بالاحتياجات الفعلية المتعلقة بالحياة الجنسية وبعمر الرجل وبتوقعاته وبالمدة الزمنية التي يتمناها وبتكرار العملية الجنسية. هناك مثلاً 59 في المئة من الرجال يهتمون بتكرار عملية الجماع مع الشريك في كل مرة بينما لا يهتم 41 في المئة منهم بذلك، علماً بأن ثمانين في المئة يرغبون في ممارسة الجنس أكثر من مرة في الأسبوع بينما لا يفعل هذا سوى 15 في المئة.

  إبحثوا عن الداء
هذا إذاً في الرغبة لكن ماذا عن الوقائع؟
يبدو أن 65 في المئة من الرجال الذين يعانون من ضعف في الانتصاب لم يتلقوا أي علاجات، و22 في المئة ممن أخذوا علاجات عادوا وتوقفوا عنها. في كل حال، وكما يقول المثل، إبحثوا عن الداء قبل وصف الدواء… وفي المعلومات المبنية على دراسات يردّ الدكتور سعادة نسبة سبعين في المئة من أسباب ضعف الانتصاب الى الأمراض الجسدية ويترك نحو ثلاثين في المئة الى عوامل نفسية مثل الإجهاد والقلق والاكتئاب، وهناك حالات كثيرة تختلط فيها العوامل العضوية بالنفسية.

والحلّ؟ والعلاج؟
يبدو أن التوجه حالياً يقوم على ايجاد ما هو قادر على تفاعل مثبطات «بي دي إي- 5» في الجسد من أجل ضمان راحة أكبر للمريض ومنحه الثقة لمباشرة أي نشاط جنسي، إذاً الراحة ضرورية، فحين ترتاح النفس يرتاح الجسد ويقوى ومَن يُعاني من مشاكل نفسية يشعر بأن جسده كله مريض. وفي المعلومات أن هذا المثبط يتفاعل سريعاً في الجسم، خلال 15 دقيقة من تناوله، ما يؤدي الى ارتخاء الألياف العضلية ويُسهل مرور الدم الى الأنسجة فيحدث الانتصاب بنجاح.
اطرحوا إذاً مشاكلكم بصوتٍ أعلى من قبل، ولا تناموا على ضيم في أمرين: الغبن والمرض… أفلا يُقال الطفل الذي لا يبكي لا يأكل؟! فلكل مشكلة في زماننا قد يكون هناك حل إذا طُرحت أما إذا بقيت طي الكتمان فستكبر.
ما رأي المحاضر في علوم الذكورة في قسم الطب التجريبي التابع لكلية الطب في جامعة روما لا سابينزا في ايطاليا البروفسور أنطونيو أفيرسا؟
يؤكد أفيرسا ان العلاجات التي تحتوي على مثبط «بي دي اي- 5» تساعد جداً على تعزيز أو إطالة مدة الانتصاب بعد التحفيز الجنسي عبر صدّ نوع من الأنزيمات. في كل حال، كلنا نعلم بأن العملية الجنسية عند المرأة تختلف كلياً عنها عند الرجل الذي يحتاج الى أن يُفكر بها أولاً، على أن يعطي أمراً الى الأعضاء بضخّ الهورمون ثانياً، على أن يلي هذا وصول الأمر الى الأعضاء… وهذه العملية قد تختلف سرعتها بين رجل وآخر، أو حتى بين عملية جنسية وأخرى عند الرجل نفسه، وهناك من يُشبه هذه العملية بمركبة تُقاد أحياناً بسرعة ستين كيلومتراً ومرة أخرى بسرعة تسعين كيلومتراً. وبالتالي ليس ضرورياً في حالات ضعف الانتصاب أن يواظب المرء على تناول العلاجات التي تحوي مثبطات من نوع «بي دي إي- 5»، بل يكفي أن يأخذها حين يكون منهكاً، قد يحتاجها مثلاً مرة في الشهر أو مرتين.
هناك ربما في هذه اللحظات من يبتسم مردداً: العمل الجنسي بالنسبة الي ثانوي! وهناك من يزيد على «المبتسم» بالقول: أن مكانة العمل الجنسي تأتي بالنسبة إليه بعد الاحترام والحب والأولاد والعمل والمستقبل… جميل طبعاً هذا الكلام لكن، في الواقع، كثير من حالات الطلاق أو التباعد بين الشريكين سببها عدم نجاح هذا العمل بالذات، وفي هذا الإطار تشير دراسة منجزة الى أنه حين لا تكون العملية الجنسية مرضية فإن 24 في المئة من الشركاء يشعرون بالضجر من بعضهم البعض، و18 في المئة لا يعودون يرون أي شيء مشترك جامع، و15 في المئة يبدأون في التصرف بعدوانية تجاه الشريك، في حين أن 15 في المئة يشعرون بأنهم ما عادوا جذابين الى شركائهم ما يؤثر على ثقتهم بأنفسهم!

نوال نصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق