سياسة لبنانية

لبنان لم يعد ساحة لتوجيه الرسائل والجيش يمنع العبث بالامن

قبل ايام من استقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي (ابن طرابلس) اشتعلت جبهة جبل محسن – باب التبانة وتخوفت فاعليات طرابلسية من ان يكون التدهور الامني من تداعيات التطورات في سوريا، بعدما احرز الجيش السوري الحر تقدماً على الارض في اكثر من منطقة، وحال دون تمكن قوى النظام من توسيع المربع الامني في دمشق حول القصر الرئاسي.

جاء موقف رئيس الطائفة العلوية في لبنان محذراً من خطورة الوضع في طرابلس ومعلناً بأن ابناء الطائفة لن يسكتوا على ما يتعرضون له من تعديات، في سياق خطة تستهدف الامن في لبنان. وتزامن تدهور الوضع في طرابلس مع مذكرة الاحتجاج السورية، وارفقها النظام بخرق للسيادة في منطقة عرسال. وعلى رغم نفي السفير السوري في لبنان الخرق، وايده لبنانيون يدورون في الفلك السوري، اكدت قيادة الجيش حصول الخرق، واعلن الرئيس ميشال سليمان حصوله، متمنياً ان يكون النفي السوري صحيحاً. واستغربت اوساط وزارية عدم حصول اتصال رسمي سوري بالمسؤولين اللبنانيين لتوضيح الموقف، وغياب اي دور للامين العام للمجلس الاعلى اللبناني – السوري. وصدرت مواقف دولية، فحذر الامين العام للامم المتحدة والادارة الاميركية والاتحاد الاوروبي سوريا من خطورة الخطوة واعتبروا انها خرق للقرار 1701 المتخذ تحت الفصل السابع، وطالبوها بتجنب الانزلاق في هذه المخاطر، الا ان الاوضاع هدأت في طرابلس بعد الاستقالة وزار وزير الداخلية والبلديات العميد مروان شربل المدينة، وعقد اجتماعاً امنياً، واعلن في اعقابه ان الامن ممسوك وتحت السيطرة، وان الدولة لن تسمح باي انفجار، وان التعليمات الى الجيش والاجهزة الامنية واضحة بالتصدي لمن تسول له نفسه العبث بالامن مؤكداً استمراره في متابعة المواضيع الامنية، فلا يظنن احد ان استقالة الحكومة تتيح له الفرصة للعبث بالامن، فهناك مجلس اعلى للدفاع والوزراء يتابعون تصريف الاعمال.

مخاوف في محلها
تعتبر المعارضة ان المخاوف الامنية في محلها في ظل استهداف الساحة واستخدامها لبعث رسائل الى الغرب، وفي ظل التطورات الامنية في سوريا، والضغط الخارجي على حزب الله. وتستند المعارضة الى تحذير المسؤولين السوريين لبنان في حال استمرار المؤامرة الدولية عليهم بتفجير الوضع كما قالوا، وبرروا ما يقومون به بأن هناك تسللاً للمسلحين وتهريباً للسلاح الى سوريا ومشاركة في القتال الى جانب المعارضة، من دون ان تقدم سوريا اي دليل او برهان، رغم انها ابلغت في اكثر من مذكرة مجلس الامن بذلك. ويؤكد الجانب اللبناني انه يستقبل النازحين السوريين وقد تجاوز عددهم المليون من دون ان تتشاور السلطات السورية مع المسؤولين اللبنانيين  حول رعاياها، وان بعضهم ينطلق من لبنان باتجاه الداخل وهذا ما يؤكد على ان الحدود غير مراقبة بالكامل. وذكّر احد الوزراء بالموقف السوري خصوصاً في القمة اللبنانية – السورية التي عقدت بين الرئيسين ميشال سليمان وبشار الاسد عام 2008، عندما اثار الاول ضرورة ترسيم الحدود لمصلحة البلدين والتعاون على ضبط التهريب والتسلل، بعدما كان لبنان يشكو من تدفق المتطرفين والاصوليين، ومنهم فتح الاسلام الى لبنان. ويذكر وزير سابق انه عند صدور القرار 1701 الذي نص على ضبط الحدود البرية لمنع وصول السلاح الى لبنان، تقدمت القوة الالمانية العاملة في نطاق اليونيفيل والتي كانت مكلفة مراقبة البحر لمنع وصول السلاح الى لبنان، باقتراح مراقبة الحدود البرية عبر معدات متطورة وابراج مراقبة وتدريب الجيش على ضبط الحدود، كما تردد ان بعض الدول الغربية اقترحت نشر قوات اليونيفيل على الحدود في سياق القرار 1701، الا ان سوريا وايران اعترضتا على الخطوة ومنعتا تنفيذها، لتبقى الحدود من دون مراقبة حتى تتمكن سوريا وايران من ايصال السلاح الى حزب الله. واعترف المسؤولون في الحزب بان لديهم الان ترسانة صواريخ تفوق باضعاف تلك التي كانت عام 2006. وهذا يعني ان الحزب تسلم الصواريخ عبر الحدود البرية.

الجيش بالمرصاد
يتخوف مسؤولون من ان تنتقل نار الفتنة الى البقاع مع عودة الخطف بين آل جعفر وابناء عرسال، في محاولة لتأجيج النار المذهبية بعد تعرض جرود عرسال الى قذائف سورية لم تحدث اضراراً، ونفى رئيس بلدية عرسال وجود اي مسلح في المنطقة التي تعرضت الى القصف. وفي طرابلس تم ضبط الوضع الامني  ودخل الجيش منطقتي الاشتباك في جبل محسن وباب التبانة  وهو يرد على مصادر النار. ويقول وزيرالداخلية: «لقد اتخذ الجيش والقوى الامنية القرار بفرض الامن ووأد الفتنة في المهد، والتصدي لمن يحاول ان يعبث بالامن لانه خط احمر، ومن يحاول ضرب الاستقرار». ويكشف نائب في المعارضة ان سوريا وايران حاولتا اثناء وجود الرئيس باراك اوباما في المنطقة ممارسة الضغط الامني عبر الرسائل الساخنة انطلاقاً من لبنان، الا ان الاسلوب، وفق ما قال احد الديبلوماسيين الغربيين، قديم ولم يعد عملة رائجة، ولبنان لم يعد ساحة لبعث الرسائل، وربما تحرك لبنان باتجاه مجلس الامن اذا ازداد الخرق السوري للسيادة اللبنانية وقد يطلب الاستعانة باليونيفيل لضبط الحدود ولمنع الشكوى السورية من تسلل مجموعات مسلحة من لبنان واليه، وذلك التزاماً بسياسة النأي بالنفس، وتنفيذاً لاعلان بعبدا. ويكشف احد المسؤولين الامنيين نقلاً عن ديبلوماسيين غربيين معلومات امنية مقلقة عن امكان انتقال عناصر من النصرة والقاعدة وغيرهما من الاصوليين الى لبنان للقيام بـ «واجب جهادي» لنصرة السنة، بعد استهداف الطائفة على مستويات عدة، والتحرك لرفع الغبن عنها. وقد تم وضع المسؤولين في هذه المعلومات، الامر الذي حمل مسؤولين امنيين على الاستنفار لمواجهة المرحلة المقبلة. فهناك اطراف على الساحة تملك مثل هذه المعلومات، والحوادث الاخيرة التي حصلت تعتبر اشارة الى وجود مخاوف من عودة السيارات المفخخة وعودة الاغتيالات الى الساحة مما يحتم على المكونات السياسية الواعية العمل على رفع الغطاء عن المخالفين وتسليم الامن الى الاجهزة وتصبح دعوة الوزير مروان شربل مجلس النواب للاجتماع للتوقيع على ميثاق شرف وتسليم الامن الى الاجهزة ورفع الغطاء عن المخالفين وتطبيق القانون، المخرج السليم لانقاذ لبنان وتحييد ساحته والتزام اعلان بعبدا.

ف. ا. ع

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق